وستقود "مجموعة عمل إيران" استراتيجية "الضغوط القصوى" التي تتبعها واشنطن لتغيير سلوك طهران، ويشمل ذلك فرض عقوبات محتملة على دول أخرى تقوم بمبادلات تجارية مع إيران.
ولم يتأخر هوك في توضيح خطته للمرحلة المقبلة، بقوله خلال الإعلان عن مجموعة العمل، إن "هذا الفريق ملتزم بجهد دولي قوي لتغيير سلوك النظام الإيراني"، موضحاً أنها "ستنطلق بفريق عمل صغير وستضم المزيد من الموظفين في وقت لاحق". وأضاف "نريد أن نبقى متوافقين بشكل وثيق مع حلفائنا وشركائنا حول العالم".
كما توضح مجموعة من التصريحات السابقة لهوك رؤيته لمسار أي تعامل مع إيران في المرحلة المقبلة. هوك، الذي اجتمع مع مسؤولين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا الأربعاء الماضي في لندن حول السياسة تجاه إيران، أبقى على إمكانية أن تتعامل الولايات المتحدة مباشرة مع مسؤولين إيرانيين في حال أظهروا "التزاماً" بتغيير سلوكهم. وقال "إذا أظهر النظام الإيراني التزاماً بإجراء تغييرات جوهرية في سلوكه، فإنّ الرئيس مستعد للدخول في حوار من أجل إيجاد الحلول. لكن تخفيف العقوبات وإعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية الكاملة مع الولايات المتحدة، والتعاون الاقتصادي، لا يمكن أن تبدأ، إلا بعد أن نرى أنّ النظام الإيراني جاد في تغيير سلوكه". غير أن هوك لم يكن يحدّد ما هو المطلوب من الإيرانيين بالحدّ الأدنى لترك هذا الانطباع.
وأشار أيضاً إلى أنّ واشنطن تكثّف جهودها لجعل الدول الأخرى على الخط نفسه في ممارسة الضغوط الاقتصادية على طهران، بما في ذلك الإجراءات ضدّ تصدير النفط الإيراني والقطاع المالي وصناعة الشحن التي أعلنت في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني. وقال "هدفنا خفض الكمية التي تستوردها كل دولة من النفط الإيراني إلى الصفر بحلول 4 نوفمبر"، موعد عودة العقوبات بشكل كامل. وأضاف "نحن مستعدون لفرض عقوبات ثانوية على حكومات أخرى تستمر بهذا النوع من التجارة مع إيران".
لكن بعض المحللين قللوا من أهمية الإعلان عن هذه المجموعة التي ستكون تحت قيادة هوك، واعتبروها خطوةً رمزية أكثر منها جوهرية. وتعليقاً على ذلك، قال الدبلوماسي الأميركي السابق، بريت بروين، الذي يدير الآن شركة استشارية في واشنطن، في حديث مع مجلة "فورين بوليسي" الأميركية إنه "لم تكن هناك استراتيجيات جديدة وكذلك لم يتم الإعلان عن أي سلطات جديدة ستتولاها المجموعة"، مضيفاً "بدلاً من ذلك، يجب أن تترجم الخطوات الجديدة بأمور عملية من خلال وضع عناوين للعمل عليها".
بدوره، قال المستشار في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، دنيس روس، لوكالة "رويترز"، إنّ "منصب هوك الجديد قد يكون مناورة بيروقراطية في محاولة لضخّ المزيد من الوضوح في سياسة واشنطن تجاه طهران". وأضاف "إنّه بمثابة خلق عنوان داخل الإدارة من أجل جعل النهج أكثر تماسكاً، مع إعطاء شخص مسؤولية أوسع عبر الإدارات لمحاولة تشكيل سياسة واضحة، على الأقل من الناحية النظرية".
وتابع روس أنّ "السؤال الحقيقي هو هل ستستمر السياسة في أن تكون صارمة عبر خطابات قوية وعقوبات، أم أنها ستكون لتقليص ما تعتبره واشنطن أعمالاً لإيران تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سورية، اليمن والعراق؟".
ومن المتوقّع أن يتنحّى هوك عن منصبه كمدير لتخطيط السياسات، وهو واحد من أكثر المناصب نفوذاً في وزارة الخارجية. وكان هوك قد عيّن في منصبه هذا من قبل وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون. ومن المتوقّع أن يحتفظ بمنصبه إلى أن يتم الإعلان عن خلف له، والذي ذكرت تقارير إعلامية عدة، نقلاً عن مسؤولين، أنه يتوقّع أن يكون كيرون سكينر، الأكاديمي المتخصص في السياسة الخارجية، والذي سبق أن عمل مستشاراً للعديد من المرشحين الرئاسيين، كما عمل ضمن فريق ترامب المؤقت المعني بالأمن القومي، وعمل أيضاً لفترة وجيزة في وزارة الخارجية الأميركية.
ولأكثر من سنة، كان هوك واحداً من أقوى المسؤولين خلف الكواليس في وزارة الخارجية الأميركية، حيث شغل مناصب رفيعة، وكان واحداً من أقرب المقرّبين إلى تيلرسون، بحسب ما تذكر "فورين بوليسي".
لكنّ هذا المسؤول لم يكن يحظى بشعبية كبيرة بين الدبلوماسيين والموظفين في وزارة الخارجية، في وقت يلقي البعض باللوم عليه، في تنحية عدد من الموظفين من مناصبهم، ضمن مساعيه لكسب ودّ البيت الأبيض وتيلرسون.
وفي هذا الإطار، رحّب أحد المسؤولين في الوزارة، بتعيين هوك بمنصبه الجديد، لكنه عبّر عن خيبة أمله لأنه سيبقى في وزارة الخارجية. واستشهد المسؤول، الذي تحدّث للمجلة نفسها، بإقالة الموظفة الأميركية من أصول إيرانية والتي ساعدت في صياغة الاتفاق النووي مع إيران، سحر نوروز زاده، في أبريل/نيسان من العام الماضي، من منصبها كعضوة في مكتب السياسات الخارجية للبيت الأبيض، وذلك كمثال على المناورات السياسية التي يقوم بها هوك. وأجبرت نوروز زاده على ترك منصبها بعد أما شكّكت وكالات أنباء محافظة في ولائها للرئيس ترامب وإدارته.
بدوره، قال ماكس بيرغمان الذي عمل في مكتب تخطيط السياسات في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، في حديث مع مجلة "فورين بوليسي"، إنه "من الصعب فصل ميراث براين هوك عن ريكس تيلرسون"، مضيفاً "تحت إدارة هوك، تحوّل التخطيط السياسي من مركز أبحاث داخلي تابع للدولة من المفترض أن يقدّم نظرة سياسية مستقبلية، إلى مكتب عمليات يركّز على الدقائق الـ15 المقبلة، وهو ما أدى إلى الفوضى والارتباك داخل الإدارة".
وكانت إقالة ترامب لتيلرسون في وقت سابق من هذا العام، رافقتها إقالات واستقالات عدة بين كبار المسؤولين في وزارة الخارجية. لكن هوك نجا من عملية التطهير هذه وساعد في دعم ورعاية بومبيو.
وتنقل "فورين بوليسي" عن مسؤول حالي وآخر سابق في وزارة الخارجية، قولهما إن بومبيو "لا يزال يثق ويعتمد على هوك"، رغم اعتبار البعض تعيينه في هذا المنصب بمثابة تخفيض لصلاحياته. ويؤكّد مسؤول في الخارجية أنّ "ملف إيران الذي تولاه هوك، مهم للغاية بالنسبة للإدارة الحالية".
وفي إعلانه الخميس، أشاد بومبيو بمدير تخطيط السياسات الخارجية. وقال "إنّ خبرة براين هوك الدبلوماسية وكذلك خبرته الواسعة في التعامل مع السياسة الإيرانية تجعله خياراً رائعاً لقيادة مجموعة عمل إيران في وزارة الخارجية".
ولهوك محطات مهمة في العمل الاستشاري في الولايات المتحدة، إذ كان قد عمل مع مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، جون بولتون، عندما كان الأخير مندوباً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش. كما عمل أيضاً كمساعد لوزير الخارجية خلال إدارة بوش، وكان مستشاراً للحملة الرئاسية الجمهورية لكل من المرشحين الرئاسيين، ميت رومني وتيم باولنتي.