وبعد تعطل دام ما يقارب الشهر عن الجلسة العامة التي عجز خلالها الائتلاف الحاكم عن تمرير القائمة التوافقية، لسد الشغور في مجلس الهيئة، وانتهت بانسحاب كتل المعارضة، مدعومة بـ"آفاق تونس"، احتجاجاً على ما اعتبروه "تزويراً وتوافقاً مغشوشاً".
ورافق النقاش العام بالجلسة كثير من الجدل والمشاحنات بين كتلتي حركة "النهضة" و"نداء تونس" من جهة، وبقية الكتل من جهة أخرى، فقد اعتبرت ست كتل أن الأسماء المطروحة، وهي سهيل بالطيب (قاضٍ إداري) وشيماء عيسى بنهقي (مختص في العلوم الشرعية) ورامي الطرابلسي (عن الاختصاصات ذات العلاقة بالعدالة الانتقالية)، من اختيار "النهضة" و"نداء تونس" ولم يقع التوافق حولها.
وبعدم حصول القائمة التوافقية على الأغلبية العددية المطلوبة، أي أكثر من 73 صوتاً، اعتبر المترشحون مرفوضين.
وأقر رؤساء الكتل البرلمانية السبعة، ما عدا كتلة حركة "النهضة"، إعادة فتح باب الترشيحات في الاختصاصات التي يسجل بها شغور في هيكلة مجلس هيئة الحقيقة والكرامة، في حين تمسكت "النهضة" بالعودة بالقائمة المرفوضة نفسها إلى الجلسة العامة أو بالإبقاء على المترشحين المقبولين والتصويت عليهم فرادى.
واعتبر رؤساء الكتل أن الحل الأسلم هو العودة إلى المربع الأول وإعادة كامل المسار الانتخابي بإعلان فتح باب الترشحات من قبل رئيس البرلمان، محمد الناصر، وإعادة عملية الفرز من جديد قبل المرور إلى الجلسة العامة الانتخابية، وبالتالي "أصبح من المستحيل إتمام عملية سد الشغور في تركيبة هذه المؤسسة خلال ما بقي من وقت من عمر الدورة البرلمانية التي تنتهي مع نهاية شهر يوليو/ تموز الحالي".
واعتبرت النائبة يمينة الزغلامي، عن حركة "النهضة" وعضو لجنة فرز الترشحات لسد الشغورات في هيئة الحقيقة والكرامة، والتي أشرفت على عملية الفرز، أن قرار رؤساء الكتل مخالف للصواب، وسيكون له أثر سلبي على مسار العدالة الانتقالية.
وأكدت الزغلامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنها سترفع قضية لدى المحكمة الإدارية لإبطال قرار رؤساء الكتل الذي أشرف عليه رئيس البرلمان الخميس، مشيرة إلى أن هذا القرار "غير قانوني، لأن المترشحين استوفوا جميع الشروط، وبامكان لجنة الفرز إعادة النظر في المترشحين والعودة إلى التصويت في الجلسة العامة، وبالتالي اختزال الآجال وسد الشغور في تركيبة الهيئة قبل نهاية الدورة الحالية".
وتعرّض رؤساء الكتل، بحسب بلاغ رسمي صادر عن البرلمان، إلى الاتهامات التي طاولت التوافق الحاصل داخل اللجنة الخاصة بفرز ملفات الترشح للعضوية، وتمّ التأكيد على "الشفافية التي ميّزت مسار الفرز والتدقيق داخل اللجنة، وعلى السلامة القانونية والإجرائية لمختلف مراحل عملها، والتي انتهت إلى التوافق الحاصل بين مختلف أعضاء اللجنة الذين يمثّلون مختلف الكتل البرلمانية".
وفي سياق متصل، دعا المكتب التنفيذي للشبكة التونسية للعدالة الانتقالية مجلس نواب الشعب إلى "استكمال عملية سد الشغور بهيئة الحقيقة والكرامة في أقرب وقت"، محملاً رئيس البرلمان المسؤولية في ذلك.
وانعكس التوتر في العلاقة بين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، والبرلمان، سلباً على عملية تجديد تركيبة مجلس الهيئة، إذ رفضت بن سدرين، في أكثر من مناسبة، دعوة رؤساء الكتل والبرلمان، واعتبرت أنه "لا يحق للسلطة التشريعية التدخل في أعمالها أو مراقبتها، بالإضافة إلى رفضها تطبيق أحكام قضائية تقضي بإعادة عضو معفي إلى مهامه".
ويعتبر غالبية رؤساء الكتل أن أداء الهيئة دون المطلوب، إذ شارفت المدة على نهايتها من دون تحقيق الأهداف، كما أن سوء التسيير والإدارة حال دون تحقيق المصالحة، وجبر ضرر المظلومين والمضطهدين زمن الاستبداد.
وتنتهي مهمة هيئة الحقيقة والكرامة بعد أقل من سنة إذا لم يتم تمديد مهمتها لسنة أخرى لمرة وحيدة، فقد جرى إحداثها للعمل في فترة 4 سنوات تنتهي خلال شهر يونيو/ حزيران 2018 المقبل.