في مسعى لمواجهة التهديدات الإرهابية على الحدود، عقدت قيادات أمنية جزائرية وتونسية اجتماعاً للتنسيق الأمني في العاصمة تونس، وذلك عقب الاعتداء الدامي الذي استهدف دورية للحرس الوطني التونسي في منطقة عين سلطان بولاية جندوبة قرب الحدود التونسية الجزائرية، وأدى إلى مقتل ستة من عناصر الحرس الوطني وإصابة ثلاثة آخرين. وقال مسؤول أمني جزائري لـ"العربي الجديد" إن "وفداً رفيعاً من جهاز الاستخبارات الجزائرية والدفاع، وصل يوم الأربعاء الماضي إلى تونس، في زيارة غير معلنة، للقاء كبار المسؤولين في أجهزة الأمن التونسية التي تعمل في ملف مكافحة الإرهاب". وذكر أنّ "الوفد الجزائري بحث مع المسؤولين التونسيين الوضع الأمني على الحدود، واستعرض خريطة وجود المجموعات المسلحة وجميع المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لدى الطرفين بشأن هوية وصور العناصر الإرهابية التي ما زالت تنشط على الحدود".
وأكّد المسؤول نفسه أنّ "القادة الأمنيين الجزائريين والتونسيين اتفقوا على وضع خطة تنسيق أمني جديدة تستهدف إنهاء وجود المجموعات الإرهابية على الحدود، وتتصل بإقامة غرفة عمليات عسكرية وأمنية مشتركة وخط اتصال مباشر بين القيادات الميدانية على الحدود، تتولّى تنسيق العمليات العسكرية والاستخباراتية لملاحقة الإرهابيين"، مشيراً إلى أنّ "الجزائر تعمل أيضاً على توفير دعم لوجستي للقوات الأمنية التونسية المرابطة على الحدود، حيث تعاني تونس من نقص في وسائل وإمكانات محاربة الإرهاب ويتوجّب دعمها في هذا السياق".
وأكّد المسؤول الأمني أنّ "الجزائر تشعر بالقلق حيال استمرار وجود الإرهابيين في الشريط الحدودي، وتتخوّف من شنّهم هجمات على أهداف جزائرية"، مشيراً إلى أنّ "عملية جندوبة كانت قد سبقتها محاولة للهجوم على مركز أمني تونسي متقدّم في منطقة حيدرة بولاية القصرين، على بعد 300 متر من الحدود الجزائرية في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي. فإذا كان الإرهابيون قد وصلوا إلى بعد 300 متر من الحدّ الفاصل بين البلدين، فهذا يعني أنهم صاروا داخل التراب الجزائري وهذا أمر مقلق بالنسبة لنا".
وذكر المسؤول أنّ "بعض المعلومات تتحدّث عن صلات وتنسيق بين المجموعة الإرهابية التي نفّذت هجوم جندوبة التونسية الأحد الماضي، وتلك التي زرعت ألغاماً في طريق آليات الجيش الجزائري في المنطقة الحدودية في فبراير/ شباط الماضي، ما أدّى إلى مقتل خمسة من جنود الجيش الجزائري"، مضيفاً أنّ هذا "يؤكّد أنّ كتيبة عقبة بن نافع التي توجد في جبل الشعانبي ومغيلة والسلوم في الجانب التونسي تنشط بالتنسيق مع بقايا مجموعات إرهابية موالية للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تنشط في الجانب الجزائري من الحدود".
وتأتي هذه التطورات بالترافق مع نشر قوات الجيش الجزائري، منذ ظهر الأحد الماضي، تعزيزات عسكرية إضافية قرب الحدود مع تونس، ورفع درجة الاستنفار إلى مستوى اليقظة، وإطلاق عملية عسكرية لمحاصرة الإرهابيين منفذي هجوم جندوبة التونسية، بالتنسيق مع الطرف التونسي. وقد نفّذ الجيش الجزائري، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، عملية تمشيط واسعة في المنطقة الحدودية في تبسة وسوق أهراس والطارف، المتاخمة للحد الفاصل مع تونس.
والخميس الماضي، تفقّد وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، مع قيادات أمنية، المنطقة الحدودية، وتحدّث عن المسألة الأمنية والتنسيق القائم بين الجزائر وتونس. وأكّد بدوي في تصريح صحافي "التزام الجزائر بمحاربة بقايا الإرهاب إلى غاية القضاء على هذه الآفة"، وقال: "الوضع يتطلّب ضرورة مواصلة التنسيق بين البلدين في المجال الأمني"، مشيراً إلى أنّ "أمن تونس وحدودها هو نفسه أمن الجزائر والعكس صحيح في ما يتعلّق بالبلد المجاور، والتنسيق الجزائري - التونسي في مجال الأمن وتبادل المعلومات دائم، ولدينا رغبة دائمة على رفع التحدي الأمني معاً والتعاون الوثيق".