يدرك صناع القرار الأردني استحالة التعاطي مع ملف العلاقة مع العراق، بمعزل عن ملف العلاقة الأردنية-الإيرانية، المتوترة، والتي تسير بخطى ثابتة نحو العداء والقطيعة لأسباب تاريخية وأيدلوجية وأمنية وسياسية، تجعل مجرد طرح تطوير العلاقة مع إيران على طاولة النقاش من محرمات السياسة الأردنية.
المعادلة المعقدة، تلقي بظلالها على مستقبل العلاقة الأردنية-العراقية، بكل ما تحمله من فرص استثمارية ينظر إليها الأردن بعين الاهتمام، وتجعل تفكيك مواطن التوتر أمراً صعباً رغم التنازلات التي قدمها الأردن خلال السنوات الماضية، بداية من تأييده للعملية السياسية في العراق رغم إدراك أثرها على سلخ الجارة الشرقية عن عمقها العربي، وعروض المساعدة في القضاء على الإرهاب، والاضطلاع بدور في المصالحة من خلال ورقة العشائر السنية التي يمتلك الأردن قدرة على التأثير عليها، وصولاً إلى التغاضي عن دور المليشيات الإيرانية في العراق، والتي لا يتوقف الأردن عن إعلان العداء لها في سورية، بل ويرى فيها خطراً عليه.
كل ذلك لم يشفع للأردن، الذي يستضيف أفراداً من عائلات النظام السابق ورموزاً من المعارضة العراقية، عند حكام بغداد أو المؤثرين في صناعة القرار العراقي. وقد أخفقت التنازلات التي قدمها في تطوير علاقة مع حكومة حيدر العبادي تكون بمعزل عن تفاعلات العلاقة الأردنية-الإيرانية. إخفاق مرده تعقيدات المشهد السياسي العراقي، ومحاذير السياسة الأردنية.
في الوعي الشعبي الأردني، تمتد معاداة إيران إلى معاداة رموز الحكم في العراق، وهو ما ترجم عملياً بإحراق أردنيين غاضبين من تطاول إيران على بلدهم وقيادتهم صور رموز الحكم في بغداد إلى جانب صور القيادة الإيرانية، أمر تكفل بإعادة العلاقة مع بغداد إلى مربع التوتر.
الوقائع تؤكد أن حماسة عمان لمد الجسور مع بغداد، تصطدم باشتراط يريد تلك الجسور عبر طهران، ما يجعل خيارات المستقبل مستحيلة.