ألقت المتغيرات الجديدة في الملف الليبي، وتحديداً مواقف الولايات المتحدة الأميركية من هجوم اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، على العاصمة طرابلس والتلاسن الذي حملته تصريحات قادة من موسكو وواشنطن، ثم دخول تركيا على خط الأزمة الليبية، بظلالها على قوات حفتر التي تعيش حالة من الارتباك والخلافات المتزايدة منذ أيام.
فبعد موجة الانتقادات التي وجهها إعلام حفتر في الآونة الأخيرة، إلى مليشيا "الكانيات" في ترهونة والتي تحالفت مع حفتر مع بدء هجومه على طرابلس في إبريل/نيسان الماضي، خرج عشرات الأهالي في مدينة صرمان، غرب العاصمة الليبية، للاحتجاج على تجاهل حفتر لمصير أبنائهم الذين شاركوا في القتال ضمن عمليته العسكرية.
وفي وقت كشف مصدر عسكري مطلع عن مقتل العشرات من مقاتلي حفتر وتدمير عدد من آلياتهم، في قصف جوي مجهول، ليل البارحة السبت، جنوب البلاد، أكد في حديثه لـ"العربي الجديد" أن قتلى القصف كانوا ضمن رتل تعرض لقصف مجهول بعد ساعات من انسحابه من حقل الفيل النفطي، جنوب البلاد.
وأضاف المصدر ذاته أن "تعالي الأصوات من داخل صفوف قوات حفتر وحلفائه القبليين جاء على خلفية شعور سائد في أوساطهم بخصوص إمكانية انسحابه من جنوب طرابلس تحت ضغوط دولية متزايدة وتركهم في الساحة لمواجهة مصيرهم، بالإضافة لارتفاع عدد القتلى والجرحى من أبناء تلك القبائل، سيما في الجنوب الليبي، والتي ارتفعت حدة الخلافات بينها على وقع تورطها في حروب حفتر التي شقت الصف الاجتماعي بالجنوب".
وبدأت موجة الغضب في التزايد بعد مقتل عدد من ضباط القبائل المؤيدة لحفتر في ظروف غامضة، مثل مقتل العميد مسعود الضاوي، نهاية مارس/آذار الماضي، وبعده خالد أبو عميد آمر كتيبة "الحبوطات"، نهاية أغسطس/آب الماضي، أبرز فصائل قبائل ورشفانة التي انخرط أبناؤها في صفوف حفتر، ثم مقتل محسن الكاني وشقيقه، وآمر ما يُعرف بـ"اللواء التاسع" عبدالوهاب المقري، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، وهو أبرز قادة مليشيات الكاني في ترهونة.
وقبيل بدء هجومه على العاصمة طرابلس، منح حفتر مليشيا الكاني مسمى عسكرياً عرف بــ"اللواء السابع"، بعد أن كانت وسائل إعلام حفتر تصفها بـ"المليشيا الإرهابية".
ويؤكد المصدر العسكري أن قيادات مدينة ترهونة الاجتماعية تراجعت عن مواقفها المؤيدة لحفتر بشكل كبير بعد أن لاحت دلائل تشير إلى أن مقتل قادتها جاء نتيجة قصف نفذته طائرات داعمة لحفتر يرجح أنها إماراتية.
وخلال الأسبوعين الماضيين أفسحت قناة "الحدث"، المملوكة لنجل حفتر، صدام، مساحات واسعة لاستضافة إعلاميين اتهموا مليشيا "الكاني" بارتكاب جرائم بالمدينة، في وقت سرب فيه نشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي لصحافي مقرب من حفتر تسجيلا صوتيا يتوعد فيه مليشيا "الكاني" بالتخلص منها في حال دخول حفتر للعاصمة طرابلس.
ويؤكد المصدر العسكري أن مقاتلي ترهونة تراجع وجودهم في صفوف حفتر بشكل كبير ليقتصر على منطقة قصر بن غشير وحدود المدينة الإدارية فقط، مشيراً إلى أن غضب حفتر من "الكانيات" مرده إلى رغبته في عقد مصالحة مع مدينة مصراته التي يمثل مسلحوها عمود قوات الحكومة وانسحابهم من حرب حفتر على العاصمة.
Facebook Post |
ودان مجلس مشايخ وأعيان ترهونة، حملة قناة "الحدث" ضد مقاتلي المنطقة، قبل أن تهدد قيادات من مليشيا "الكاني" بفك ارتباطها بحفتر وسحب مقاتليها من جنوب طرابلس.
وفيما يؤكد المصدر أن حفتر أقدم على تعويض النقص الكبير في قواته جنوب طرابلس بالمرتزقة، شهدت مدينة صرمان احتجاجات كبيرة، مساء أمس السبت، اضطرت مسلحين موالين لحفتر لتفريقهم بقوة السلاح.
Facebook Post |
وبينت الهتافات والشعارات التي حملها المحتجون استنكارا لإهمال حفتر لمصير الجرحى والمصابين من أبنائهم، بالإضافة لإهمال مصير 120 مقاتلاً أسرتهم قوات حكومة الوفاق منذ إبريل/ نيسان الماضي.
وأظهرت تسجيلات مرئية تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي قيام المحتجين بغلق الطريق الساحلي وإضرام النيران، بسبب التمييز بين الأسرى من أبنائهم وأسرى المنطقة الشرقية الذين تفاوض حفتر مع قادة حكومة الوفاق من أجل إطلاق سراحهم في عمليات تبادل للأسرى.
وأكدت وسائل إعلام محلية أن المحتجين واجههم بالرصاص أفراد الغرفة الأمنية بالمدينة التابعة لحفتر لتفريقهم دون الاستماع لمطالبهم والسماح لهم بالاحتجاج السلمي.
وبحسب مصدر أهلي من صرمان فإن قيادات اجتماعية بالمدينة تتواصل مع قادة كتيبة "الوادي 65" المدخلية السلفية التي يكون أبناء المدينة كل مقاتليها، من أجل إقناعهم بالانسحاب من صفوف قوات حفتر، وترك محور طريق المطار، جنوب طرابلس، الذي يقاتلون فيه حالياً.
من جانب آخر، تناقلت مصادر إعلامية ليبية أنباء عن مقتل عدد من مقاتلي حفتر وتدمير آلياتهم في قصف جوي مجهول، ليل البارحة السبت، بالقرب من سبها، فيما بررت صحيفة "المرصد"، المقربة من حفتر، مقتلهم بأنه جاء إثر انفجار لغم أرضي داست عليه سيارتهم في منطقة صحراوية جنوب ليبيا.
لكن المصدر العسكري أكد أن الرتل كان مكوناً من أكثر من أربعين سيارة وأنه تعرض لقصف جوي من طائرة مجهولة حتى الآن، بعد خروجه من حقل الفيل النفطي باتجاه سبها.
ويكشف المصدر أن المشاورات بين زعماء القبائل، جنوب البلاد، انتهت برفض سيطرة حفتر على حقل الفيل، وضرورة تكوين تشكيل مسلح مختلط لحراسة الحقل، بعد أن أجبرت طائرات حفتر قوة تابعة للمنطقة العسكرية الجنوبية التابعة لحكومة الوفاق على الخروج منه إثر سيطرتها عليه منتصف الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن مواقف حفتر من مليشيات قبائل ترهونة وتحديداً مليشيا "الكاني" دفع الكثير من القبائل في الجنوب إلى مراجعة مواقفها من اللواء المتقاعد.