وتحسباً لما قد ينتج عنه من انعكاسات على المناطق المتاخمة للحدود التونسية الليبية، أعلنت الوزارة، في بيان لها اليوم الجمعة، أنها اتخذت كل الاحتياطات الميدانية لتأمين الحدود الجنوبية الشرقية ومواجهة التداعيات المحتملة.
ودعت وزارة الدفاع الوطني التونسية، العسكريين إلى "المزيد من اليقظة والحذر وتعزيز التشكيلات العسكرية من وجودها بالمعبرين الحدوديين بكل من الذهيبة ورأس جدير، مع تشديد المراقبة باستغلال الوسائل الجوية ومنظومات المراقبة الإلكترونية، للتنبه المبكر لكلّ التحركات المشبوهة".
وعبّرت وزارة الخارجية التونسية من جهتها، عن "انشغالها البالغ" بالتطورات الخطيرة للأوضاع في ليبيا، وعن قلقها لما آلت إليه الأحداث بعد إعلان قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الهجوم على العاصمة طرابلس.
ودعت وزارة الخارجية في بيان لها، أطراف الصراع في ليبيا إلى "التحلي بأعلى درجات ضبط النفس، وتفادي التصعيد الذي من شأنه أن يزيد في تعميق معاناة الشعب الليبي، ويهدّد انسجامه ووحدة أراضيه".
وأكد البيان أهمية "الحفاظ على المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، وتوفير كل ظروف النجاح للمؤتمر الوطني الجامع المنتظر عقده منتصف الشهر الجاري، والتسريع بإيجاد حلّ سياسي دائم يمكّن من إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا".
وقال المحلل السياسي ومدير مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية، المنصف وناس في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الحذر على الحدود التونسية الليبية فرض منذ 2011، وفي حالة حصول مواجهات في ليبيا، مضيفاً: "ولو أن هذا الأمر مستبعد حالياً، فإن عشرات الآلاف سيفرّون إلى تونس، وهناك مخاوف من تسريب أسلحة ومن تسلل مجرمين"، مشيراً إلى أنه "كان من المفروض أن تسخّر تونس طائرات دون طيار، لمراقبة الوضع على الحدود على مدى 24 ساعة على 24".
وأكّد وناس أن "تحرك قوات حفتر باتجاه الغرب يهدف إلى تحقيق جملة من الغايات، وهو رسالة قوية منه إلى الغرب مفادها أنه رقم صعب لا يمكن تجاوزه، ولا بد من إدماجه في أي ترتيبات تحصل، أما القصف فوقه أو تجاهله فهذا لن يسمح به"، مبيناً أنّ "حفتر معروف بكونه يحظى بدعم فرنسي مصري كبير، وفرنسا تريد عن طريقه أيضاً توجيه رسالة مفادها أن مستقبل ليبيا يهمها".
وأوضح المتحدث أن "من أهداف هذا التحرك إكراه حكومة فايز السراج، على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات لصالح حفتر والقوات الموالية له، وهي محاولة لجسّ النبض وتوجيه رسائل للداخل والخارج"، مشيراً إلى أنه يستبعد أن يدخل حفتر في مواجهة قوية مع السراج، و"لن تقع حرب بشكل مباشر بين الشرق والغرب"، بحسب تقييمه.
وأفاد بأن "أي مواجهة ستفضي إلى الدمار وإلى قتل الآلاف من الأرواح البشرية، والاتحاد الأوروبي والغرب لن يسمح بسيطرة حفتر على الغرب الليبي، ومن ثم هو ضغط عسكري سياسي نفسي لتحقيق جملة من المكاسب".
وأكد العقيد المتقاعد من الحرس الوطني والخبير الأمني علي زرمدين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوضع في ليبيا سيئ للغاية، وخاصة في ظل انتشار الأسلحة وتعدد المليشيات، وإذاً ممهدات الحرب الأهلية قائمة مع التدخل الخارجي في الشأن الليبي"، مشدداً: "كل العوامل تقريباً تدفع إلى مزيد تعميق الأزمة، وسلامة التراب التونسي مرتبطة بالأمن في ليبيا، فلا بد من اتخاذ كل الاحتياطات على الحدود بين البلدين".
وقال زرمدين إن "الوضع الحالي في ليبيا يدفع إلى رفع درجة اليقظة، لأن إمكانية تسلل إرهابيين وعناصر من المليشيات تظل واردة، إلى جانب إمكانية تساقط قذائف على التراب التونسي في ظل قرب المعارك من الحدود، مثلما حصل في 2011، فالمخاطر عديدة، والحدود مفتوحة على كل الاحتمالات، وهو ما يفسر مسارعة الجيش والأمن في تونس إلى اتخاذ كل الاحتياطات للتصدي لأي عمل قد يسيء إلى الأمن الداخلي".