ونشر الادعاء العام التركي، اليوم الاثنين، لائحة الاتهامات الكاملة للمتهمين الـ20، منهم اثنان بتهمة التخطيط، والـ18 الآخرون بتهمة التنفيذ. وأشار الادعاء إلى أن اللائحة تتهم نائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق أحمد عسيري، والمستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني "بالتحريض على القتل العمد"، حيث خططا لعملية القتل وأمرا فريق الجريمة بتنفيذ المهمة.
واستهل الادعاء العام لائحته بالحديث عن خاشقجي، ومرحلة خروجه من بلاده، والمقالات التي كتبها، وكيف كان يتلقى التهديدات، منها تهديد من القحطاني بأن "الحساب قريب". وبحسب الادعاء، فقد شملت الأدلة والتحقيقات الجارية، خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز، والعاملين في القنصلية ومنزل القنصل محمد العتيبي، مع صور وفيديوهات من كاميرات المراقبة، بمجموع 24 دليلاً.
إفادة خطيبة خاشقجي
وفي التفاصيل، تضمنت إفادة خطيبة خاشقجي، والتي تم أخذها مرات عدّة، خلافاً لما هو معلوم، أن ابنه المدعو عبد الله اتصل من السعودية مع جنكيز والطلب منها المحافظة على حاسوب والده وهواتفه الجوالة. وسلمت جنكيز السلطات المعنية هاتفين وحاسوب وشاشة لوحية، ولكنها مقفلة ولا تعرف كلمة المرور، كما أنها لا تعلم كلمة مرور حسابه الإلكتروني. وبناء على إفادة خطيبة خاشقجي، فقد جرت عملية بحث بكاميرات المراقبة لتشمل الكاميرات بمحيط القنصلية وفنادق إقامة الفريق الواصل على متن طائرات خاصة، والمطار.
شهادة العاملين في القنصلية
أما شهادات العاملين في القنصلية، فجاءت، بحسب ما أوردها الادعاء التركي وسرّبت لقناة "الجزيرة"، من موظف يعمل منذ 20 عاماً في القنصلية، إذ قال إنه "يوم الجريمة كان أحمد المزياني وتركي المسلم متوتران لدرجة كبيرة وطلبا منه الخروج، بما معنى المغادرة، وأنه لم يرَ فريق الاغتيال". ولكنّه أكدّ أنّ "كاميرات المراقبة كانت تعمل بشكل جيد وتسجل كل مجريات القنصلية". وقال موظف آخر إنه التقى بخاشقجي بعد دخوله للقنصلية عندما كان يقوم بالترجمة، وأنه لم يره بعد ذلك.
وتحدث الموظف إياه في إفادته، أنه، قبل الجريمة بيوم، طلب من الموظفين عدم الصعود للطوابق العليا بحجة وجود اجتماع أمني هام، وتحدث الموظفون فيما بينهم بأن هناك فريق محققين سيأتي للقنصلية. وقال موظف آخر، وهو يعمل سائقاً بالقنصلية، إن القنصل محمد العتيبي أرسل بطلب عدم حضور الجميع للقنصلية، وفق ما سمع من بقية السائقين.
وتحدث سائق آخر عن تعليمات صارمة صدرت من القنصل محمد العتيبي لحراس الأمن والسائقين بعدم الدخول والخروج لمبنى سكنه، بحجة قدوم مهندسين من أجل التصليحات، كما منعت طباخة وعاملة تنظيف من القدوم للمنزل في يوم حصول الجريمة. وجاء في شهادة إحدى العاملات، وهي طباخة، أنه طلب منها عدم القدوم للعمل في منزل القنصل السعودي، ليلة الجريمة، بسبب وجود تصليحات في المنزل، ولكن بعد عودتها بعد أيام لم يكن في البيت أي تغيير.
وفي إحدى أهم الشهادات، قال أحد العاملين الفنيين إنه استدعي لمنزل القنصل، وهناك التقى بعدد من الأشخاص كانوا يحاولون إشعال تنور (فرن)، وكانت تبدو عليهم علامات الارتباك، وكانوا يستعجلون إشعال الفرن وجلب الحطب. وحاول الشاهد أن يمازحهم قائلاً بأن يحذروا السقوط في التنور، ولكنه أجابوا بأن الشواء سيبدأ بعد 3 ساعات، فظن أن هناك حفلاً عائلياً.
وتابع في شهادته أنه لاحظ تغير لون الرخام باستخدام مواد تنظيف ومواد كيميائية. وخلال وجوده يوم الجريمة في المنزل بعد ساعات الظهر، شاهد الحارس مرتبكا ويسرع بفتح المرآب لدخول سيارات مظللة لا يمكن رؤية ما بداخلها، وذلك بعد تلقيه مكالمة مفاجئة.
وبلغ عدد الشهادات أكثر من 50 شهادة، بينها شهادة ياسين أقطاي، النائب البرلماني السابق، ومستشار الرئيس رجب طيب أردوغان في حزب العدالة والتنمية، وشهادة لرئيس جمعية بيت الإعلاميين العرب توران قشلاقجي، وشهادة المعارض المصري أيمن نور. وخلص التفتيش في القنصلية ومبنى سكن القنصل، بحسب الادعاء، إلى العثور على بئر أسفل منزل القنصل، ولكن لم يتم السماح بتفتيشه رغم طلب الخارجية التركية، لذا تم الاكتفاء بسحب عينة من الماء وفحصها، كما تم العثور على علب دهان صغيرة مع أدواتها، يعتقد أنها استخدمت في الطلاء والتنظيف.
حاسوب خاشقجي
من جهة ثانية، كشف التدقيق بحاسوب خاشقجي، بحسب الادعاء، تلقيه تهديدات عديدة وصلته على حسابه في موقع "تويتر". ووفقاً للادعاء الذي فصّل الأدلة، فقد عثر في حاسوبه أيضاً على بحث حول مشروع إعداد الذباب الإلكتروني، نظراً لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي التي يعتمد عليها مستشارو ولي العهد محمد بن سلمان للترويج لما يسمى "إصلاحات" في البلاد.
واستعرض الادعاء ما حصل من مبررات الزيارة الأولى للقنصلية السعودية في 28 سبتمبر/أيلول عام 2018، وكيف حصل على تطمينات بإتمام الحصول على الورقة المطلوبة منه، وكيف عاد مع خطيبته خديجة جنكير، ودخول القنصلية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته وعدم خروجه منها، وما تلا ذلك من مرحلة قانونية بعد ورود الشكوى بعدم خروجه من قنصلية بلاده.
صور لخاشقجي
كذلك، تضمنت لائحة الادعاء العام صوراً من كاميرات المراقبة تظهر زيارة خاشقجي الأولى للقنصلية في 28 سبتمبر/أيلول، ودخوله وخروجه، كما تظهر ساعة دخوله الأخيرة يوم مقتله، فضلاً عن صور لفريق الاغتيال من داخل الفنادق والمطار، وكيف أن الفريق انتقل، يوم وصوله، إلى القنصلية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، وبقي فيها قرابة 3 ساعات قبل الانتقال لتناول الطعام في أحد الفنادق الشهيرة.
واستعرضت المشاهد تزامن وصول فريق الاغتيال مع دخول خاشقجي القنصلية والمقارنة بالتوقيت، ومزاعم خروجه عبر شبيه من القنصلية ومتابعته، وتوثيق ذلك جميعه بالمشاهد المصورة والصور، وعدم مطابقة مواصفات الشخص الخارج من القنصلية لمواصفات خاشقجي، كما تضمنت صوراً للسيارات التي أقلت فريق الاغتيال ووصولها ومغادرتها الفندق والقنصلية. وأبرز الادعاء أن السلطات الأمنية طلبت من سلطات القنصلية السعودية تسليمها تسجيلات ومشاهد مصورة من داخل القنصلية، غير أنها ردت باستحالة الأمر لوجود خلل في نظام المراقبة، وتم تبديلها، ولدى مراجعة الشركة التقنية التي تتعامل معها القنصلية، توضّح أن آخر مراسلة مع الشركة تعود لتاريخ 5 يوليو/تموز عام 2017، وهو ما يعني أنه لم يسجل أي عطل قبل فترة 6 أشهر من الجريمة.
واختفى خاشقجي (59 عاماً)، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا، في 2 أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، للحصول على وثائق لزواجه المرتقب. وبعد 18 يوماً على اختفائه، أقرّت الرياض بمقتل خاشقجي في القنصلية السعودية، إثر "شجار" مع مسؤولين سعوديين، وقالت إنّها أوقفت 18 شخصاً سعودياً، على خلفية الواقعة، بينما لم توضح مكان جثمانه.