بيان إدارة الأوقاف الإسلامية، في القدس، شديد اللهجة الذي أصدرته اليوم، واتهمت فيه سلطات الاحتلال بمحاولة تجريدها من إدارتها التاريخية المتواصلة على المسجد الأقصى. ويرى فيه كثيرون في المدينة المقدسة من قيادات دينية وسياسية أخطر بيان يصدر عن أعلى هيئة مسؤولة ويحمل في طياته دلالات غاية في الخطورة. إذ تمعن سلطات الاحتلال في تهميشها لإدارة الأوقاف ومصادرة ما تبقى من صلاحياتها. بل بات تدخُّلها في صلاحيات هذه الإدارة التي تتبع مباشرة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الأردنية واضحاً ومحرجاً في ذات الوقت للمسؤولين فيها، والذين يرون فيها تعدياً على الدور الأردني في الولاية والإشراف على المسجد الأقصى وسائر المقدسات في القدس المحتلة.
البيان كان أشار إلى سلسلة من الإجراءات والخطوات اتخذتها سلطات الاحتلال، ورأت فيه تعدياً فاضحاً من قبل الاحتلال على صلاحياتها، ودعت المملكة الأردنية إلى التدخل الفاعل والضاغط على الاحتلال لوقف استفزازاته والتي تنذر بمخاطر كبيرة وجمة لن يقتصر تأثيرها على المنطقة فحسب.
قال مدير عام أوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، لـ"العربي الجديد"، إن "ما جرى في الأسابيع والأيام القليلة الماضية خطير وغير مسبوق، واعتبرها اقتحامات استفزازية خاصة في شهر رمضان الفضيل. موضحاً أن دائرة الأوقاف طالبت بوقف اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، خلال الشهر الفضيل، وإخراج القوات الخاصة من داخل باحات الأقصى. وإزالة الحواجز الحديدية المنتشرة على أبواب المسجد من الخارج، وتسهيل وصول المصلين المسلمين إليه، ووقف تعديات عناصر الشرطة والأمن الإسرائيليين، على المواطنين خاصة الشبان الذين يتعرضون لإهانات من قبل الجنود على مدار الساعة".
وأعاد الخطيب التذكير بإجراءات الاحتلال الأخيرة ضد الأقصى والأوقاف الإسلامية، بالقول في بيان أصدرته الأوقاف: "إن من أبرز هذه الإجراءات على سبيل الـمثال لا الحصر، هو منع فتح واستخدام الـمتوضأ الجديد بباب الغوانمة الذي قامت بترميمه وصيانته دائرة الأوقاف الإسلامية، والتي تقوم بممارسة حقها الطبيعي في صيانة هذا الـموقع منذ عامين تقريبا، وكان آخرها فجر يوم الجمعة الواقع في 10 يونيو/حزيران من عام 2016. علما بأن سلطات الاحتلال قد راقبت بإداراتها الـمختلفة ما قامت به دائرة الأوقاف من أعمال صيانة وترميم لهذا الـموقع طوال فترة الترميم.
وإصرار شرطة الاحتلال على إدخال السيارة الكهربائية عنوة من باب الـمغاربة والتي تستولي على مفاتيحه منذ عام 1967، دون التنسيق أو موافقة الأوقاف على ذلك، علما بأن فرض هذا الواقع الجديد بتسيير دورية سيارة أمنية داخل الـمسجد الأقصى الـمبارك يحدث لأول مرة منذ عام 1967.
ثم تكثيف الزيارات الاستفزازية التي يقوم بها الـمستوطنون الـمتطرفون بحماية وبغطاء من سلطات الاحتلال، وبأعداد كبيرة رهيبة، دون مراعاة لـمشاعر الـمسلمين في هذا الشهر الفضيل وتعدّيا على سلطة الأوقاف واغتصاب صلاحيتها، كما حدث اليوم الأحد حيث اقتحم مائة وأربعون متطرفا الـمسجد الأقصى الـمبارك تحت حماية الشرطة والقوات الخاصة، إضافة إلى اعتقال الحراس الذين اعترضوا على هذه الاستفزازات وصدور قرار بإبعادهم عن الـمسجد الأقصى الـمبارك مكان وظيفتهم وعملهم اليومي وعددهم أربعة، ومنع إدخال طعام الإفطار للصائمين في الـمسجد الأقصى الـمبارك يوم الخميس 9 /6 /2016 ، مما سبب حرجا وضيقا للصائمين والعابدين بالـمسجد الأقصى الـمبارك، وهذه سابقة لم يكن لها مثيل".
بدوره، قال القيادي في حركة فتح، حاتم عبد القادر، عضو الهيئة الإسلامية العليا لـ"العربي الجديد"، إن "ما يقوم به الاحتلال أخيرا ضد الأقصى ينذر بانفجار كبير، وعلى الاحتلال أن يتحمل تبعات ممارساته الخرقاء، حيث لن يظل شعبنا صامتا إزاء كل هذه التعديات المستفزة لمشاعره، والتي تضرب بعرض الحائط كل الأعراف الدولية". ودعا عبد القادر، السلطة الفلسطينية، والمملكة الأردنية الهاشمية ومن خلفهما قيادات العالمين العربي والاسلامي إلى تحمل مسؤولياتهم إزاء ما يتعرض له الأقصى من عدوان".
يأتي ذلك، وسط دعوات تصعيدية أخرى من قبل جماعات التطرف اليهودية التي نجحت على ما يبدو في فرض إملاءاتها على المستوى السياسي في إسرائيل، بمزيد من الاقتحامات ومنحها تسهيلات أكبر في فرض سيطرتها على الأقصى، وتمكينها من تنفيذ اقتحامات حتى في ذروة الشهر الفضيل، فيما تستعد هذه الجماعات غدا الإثنين إلى تنظيم صلوات وطقوس خاصة على سفوح جبل المكبر إلى الجنوب من الأقصى، وسبق ذلك اليوم قيام المئات من عناصرها بتنظيم جولات وإقامة حلقات رقص وغناء عند بابي السلسلة والقطانين من أبواب المسجد الأقصى تخللها إطلاق شعارات عنصرية تنادي بـ"الموت للعرب" و"جبل البيت لنا" في إشارة إلى المسجد الأقصى.
ويرى متابعون هنا، أن تطورات الايام الأخيرة وعودة التصعيد الإسرائيلي ضد الأقصى والأوقاف تنذر بهبة شعبية أكثر جرأة وقوة خاصة خلال شهر رمضان المبارك، حيث فرض الاحتلال قيودا مشددة الجمعة المنصرم على دخول عشرات آلاف المصلين إليه، ما جعل ساحات الأقصى شبه خالية من العدد الكبير من المصلين الذي كان يؤم الأقصى في الجمعة الأولى من رمضان، وهو ما لم يحدث هذا العام، حيث لم تتعد أعداد المصلين 100 ألف مصل، على خلاف السنوات الماضية حيث كان تصل أعدادهم إلى أكثر من 200 ألف.