ثاني أيام العصيان المدني تشلّ مرافق السودان... و"العسكري" يطلق سراح قيادات معارضة
وعاين "العربي الجديد" إغلاقاً تاماً لمعظم المحلات التجارية في العاصمة الخرطوم، وإغلاقاً كلياً للصيدليات، في تعبير قوي عن الاستجابة الواسعة لدعوات المعارضة السودانية للعصيان. وذكر مراسل "العربي الجديد" أن الحركة في شوارع الخرطوم، صباح اليوم، بدت أكثر مما كان عليه الوضع أمس الأحد بقليل، فيما لوحظ انتشار أمني كثيف في الخرطوم. يأتي ذلك وسط استمرار نصب الحواجز في أحياء العاصمة ومحاولات قوات الأمن إزالتها.
من جهة ثانية، أفاد مراسلنا من الخرطوم، بفتح طريق القيادة العامة بعد "تنظيف" موقع الاعتصام تماماً، حيث صار مفتوحاً أمام العربات. فيما عاين طوابير طويلة أمام المخابز بسبب أزمة الخبز، إضافة إلى توافد مواطنين إلى منطقة السوق العربي، لابتياع حاجاتهم، نتيجة إغلاق المحلات التجارية.
وفجر اليوم، الإثنين، قال "تجمع المهنيين السودانيين"، أحد أبرز مكونات المعارضة السودانية، إن العصيان المدني الشامل، الذي دخل يومه الثاني، سيستمر "من دون تراجع حتى إسقاط مجلس القتلة والمجرمين ومليشيات الجنجويد، ونقل مقاليد الحكم إلى سلطة مدنية انتقالية".
وأضاف التجمع، في بيان مهره بعبارة "الحل في الشلّ"، أن نجاح العصيان "إعلانٌ شعبي عن الرفض التام للمجلس العسكري الانقلابي ومليشياته المجرمة، والتي ما زالت تُمارس حرفة القتل المجاني المرذول، بل وتجاوزت كل القيم والأخلاق والأعراف بإطلاق الرصاص على مواكب تشييع الشهداء الذين اغتالتهم، صباح أمس، مع سبق الإصرار والترصد".
وفي أول أيام العصيان المدني قُتل، أمس الأحد، 4 أشخاص برصاص قوات الأمن التابعة للمجلس العسكري في السودان، رداً على محاولتهم وضع متاريس في العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان، استجابة لدعوات قوى "إعلان الحرية والتغيير" لتنفيذ عصيان مدني.
ونفّذت قوات الدعم السريع التابعة للمجلس العسكري السوداني، الإثنين الماضي، مجزرة بحق المتظاهرين في الاعتصام المستمرّ منذ أسابيع أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة في وسط الخرطوم، أسفرت عن مقتل أكثر من مائة شخص، ألقيت جثث نحو 40 منهم تقريباً في مياه النيل، في حين قللت السلطات السودانية من أعداد الضحايا واعترفت فقط بسقوط 60 شخصاً.
والاعتصام أمام قيادة الجيش في الخرطوم بدأ في 6 إبريل/نيسان الماضي، وكان سبباً لإطاحة الجيش، في 11 إبريل/نيسان، نظام الرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، وذلك بعد احتجاجات شعبية طالبت برحيله منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي.
إطلاق عرمان
إلى ذلك، أطلقت السلطات السودانية، اليوم الإثنين، سراح نائب رئيس الحركة الشعبية - قطاع الشمال ياسر عرمان، بعدما اعتقلته في الخامس من الشهر الجاري، دون الإعلان عن أسباب الاعتقال.
كما أطلقت السلطات الأمين العام للحركة إسماعيل خميس جلاب، والمتحدث باسمها مبارك أردول.
ومن جوبا، صرّح عرمان بأنه تمّ إبعاده "رغم إرادته" من السودان، مع قياديين آخرين، وذلك بعد ساعات من إعلان الإعلام الرسمي السوداني الإفراج عنهم.
وقال عرمان لوكالة "فرانس برس" في أحد فنادق جوبا: "جئت مع الرفيقين إسماعيل خميس جلاب ومبارك أردول. والشيء الوحيد الذي يمكنني قوله هو أنني أبعدت رغم إرادتي".
وكانت قيادات الحركة الشعبية - قطاع الشمال قد عادت إلى البلاد الشهر الماضي لـ"المشاركة في عملية التغيير في السودان، وتحقيق التحول الديمقراطي والسلام"، حسب ما أفادت بذلك عند عودتها.
ودانت أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية عمليات الاعتقال، بينما اشترطت قوى إعلان الحرية والتغيير إطلاق سراح جميع السياسيين ضمن شروط أخرى، مقابل عودتها للتفاوض مع المجلس العسكري.