قال سكان محليون ومسؤولون في محافظة ديالى شرقي العراق، "إن وتيرة الاعتقالات العشوائية تصاعدت خلال اليومين الماضيين في مناطق عدة من المحافظة، وأسفرت عن العشرات من المواطنين بدون مذكرات اعتقال قضائية، على يد قوات من الشرطة ومليشيات "الحشد الشعبي"، التي تتشارك الملف الأمني مع القوات العراقية في هذه المحافظة.
ووفقاً لمسؤولين في مجلس محافظة ديالى فإنّ "قوات من الجيش والشرطة ومليشيات الحشد، شنت خلال اليومين الأخيرين حملات تفتيش واسعة في عدد من مناطق بلدة المقدادية شمال شرقي المحافظة"، مبينين أنّ "الحملة أسفرت عن اعتقال 27 شخصاً بتهم مختلفة"، وأنّ "الذين تم اعتقالهم مشتبه بانتمائهم لتنظيم (داعش)".
وبالعادة تنتهي عمليات الاعتقال العشوائية بتحويل المتهم للقضاء بعد إصدار مذكرة اعتقال شكلية وهو داخل مركز الاحتجاز في الوحدة العسكرية أو مركز الشرطة أو مقر المليشيا، ليتم تحويله فيما بعد إلى سجن قانوني بموجب مذكرة الاعتقال وآخرين يتم الإبقاء عليهم داخل مراكز الاحتجاز تلك بشكل غير قانوني.
ويؤكد خبراء في القانون أنّ استمرار تنفيذ عمليات الاعتقال من دون أوامر قضائية يشيع حالة الفوضى والارتباك الأمني في المحافظة. وقال قاض في إحدى محاكم ديالى لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات الأمنية و"الحشد الشعبي"، لا يعيران أهمية لسلطة القضاء في المحافظة، وأنّ حملات الاعتقال التي ينفذانها تتم من دون الرجوع للقضاء ولا إصدار أي أوامر قضائية فيها".
وأشار إلى أنّ "أكثر الذين يتم إحالتهم إلينا بعد التحقيق والتعذيب الجسدي على يد القوات التي تعتقلهم، تتأكد لدينا براءتهم من أي تهم، ويطلق سراحهم بعد معاناة طويلة في السجن والتعذيب، ولا يعوضون عن ذلك"، مبيناً أنّ "تجاوز سلطة القضاء تتسيب وتنفيذ عمليات الاعتقال تقع فيها مظلومية كبيرة، وتتم من خلالها تصفية الحسابات الحزبية والفئوية والطائفية وما إلى ذلك من أجندات تتحرك وفقاً لها المليشيات وبعض عناصر الأمن".
وشدد على "ضرورة وجود رقابة قانونية على الأجهزة الأمنية، وألا يتم اعتقال أي شخص من دون أوامر قضائية، تحقيقاً لمبدأ العدالة، وخطوة في بناء مؤسساتي صحيح قائم على أسس قانونية".
ويؤكد الأهالي أنّ هذه الحملات غير القانونية تسببت بحالة قلق وخوف، كما تسببت بحالة فوضى وعدم استقرار أمني.
بدوره، اعتبر الشيخ عبد الله الجبوري، وهو أحد شيوخ المحافظة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حملات الاعتقال التي تنفذ في عدد من مناطق المحافظة، بحجج المطلوبين للقضاء وتهم الإرهاب، هي حملات غير منصفة، ولا تصب بصالح المحافظة"، مبيناً أنّ "أغلب مناطق المحافظة تشهد استقرارا نسبيا، وأنّ حملات التفتيش هذه تؤثر على هذا الاستقرار، خصوصاً وأنها تتم من دون أوامر قضائية".
وأضاف أنّ "عدم وجود سلطة للقضاء ودور في متابعة هذه الحملات، فتح المجال لتنفيذ حملات الاعتقال بدوافع سياسية وانتخابية"، داعياً الحكومة إلى "منع هذه الحملات، ومحاسبة الجهات التي تتجاوز سلطة القانون".
يشار إلى أنّ سلطة القضاء مهمشة لدى الأجهزة الأمنية ومليشيات "الحشد الشعبي"، التي تنفذ حملاتها في العديد من المحافظات، وتعتقل المئات من الأبرياء بتهم الانتماء إلى "داعش"، كما يُزجُّ المعتقلون في السجون لسنوات من دون أن يُعرضوا على القضاء.