بصدور المراسيم الجمهورية الأخيرة بإجراء تعديل وزاري واسع في الحكومة السودانية، انتهت أشهر من الترقب والانتظار التي سادت الساحة السياسية، منذ بدء التوقعات بعزم حزب المؤتمر الوطني الحاكم إجراء التعديل بسبب الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
وعلى الرغم من أن السبب كان اقتصادياً بحتاً وظلت التوقعات بالتغيير تشير إلى أن الطاقم الاقتصادي سيكون من أوائل المغادرين، إلا أن التغيير جاء مخالفاً للتوقعات، إذ تم الإبقاء على غالبية وزراء القطاع الاقتصادي، فيما كان الاستثناء الوحيد إقالة عبد الرحمن عثمان وزير النفط، استناداً فيما يبدو إلى أزمة الوقود التي تمر بها البلاد هذه الأيام.
إبراهيم محمود حامد وزيراً للداخلية
تشكل عودة النائب السابق لرئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم إلى الواجهة إبراهيم محمود حامد، بتعيينه وزيراً للداخلية بدلاً من الفريق حامد منان، مفاجأة من العيار الثقيل، ذلك أن الكثيرين اعتقدوا أن مغادرة الرجل المنصب كانت بتأشيرة خروج نهائية.
وعمل حامد من قبل وزيراً في عدد من الحكومات الولائية ثم والياً لكل من ولايتى كسلا ونهر النيل، ووزيرا للشؤون الإنسانية في الحكومة المركزية، ثم وزيراً للداخلية والزراعة، قبل أن يصبح مساعداً لرئيس الجمهورية ونائباً للبشير في رئاسة حزب المؤتمر الوطني.
وبعودته إلى وزارة الداخلية يستعيد الكثيرون الفترة التي قضاها حامد في المنصب ذاته، فقد شهدت فترته دخول حركة العدل والمساواة مدينة أم درمان في عملية عسكرية أطلقت عليها "الذراع الطويل"، وكانت قوات الشرطة ضمن القوات التي تصدت للحركة وألحقت بها الهزيمة وتمّ القبض على أبرز قادتها.
ويعتبر موقف إبراهيم محمود حامد من ترشيح الرئيس عمر البشير، واحداً من أبرز أسباب إقالته من منصب مساعد رئيس الجمهورية في فبراير/شباط الماضي، إذ كان حامد يرى أنه من الأصح الإعلان عن ترشيح البشير من داخل مؤسسات الحزب الحاكم، وليس عبر الولايات ومجموعات بادرت بالترشيح.
الدرديري محمد أحمد للخارجية
وعلى العكس من تعيين إبراهيم محمود لوزارة الداخلية، فقد جاء تعيين الدرديري محمد أحمد وزيراً للخارجية من دون مفاجأة، ولا سيما أن اسمه ظل يتردد خلال الأسابيع الماضية التي تلت إقالة إبراهيم غندور من المنصب، عطفاً على احتجاج له أمام البرلمان السوداني بسبب ما اعتبره تلكؤاً من بنك السودان المركزي في صرف رواتب الدبلوماسيين السودانيين لمدة 7 أشهر، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في السودان انتهى بإقالة الوزير.
وكانت آخر محطات الدرديري محمد أحمد في الوظائف العامة هي مسؤول العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الوطني، وكان قد اختفى عن الأنظار بعد مشاركته في الفترة من 2002- 2005 في المفاوضات مع متمردي جنوب السودان، وخلالها ترأس الجانب الحكومي للتفاوض حول منطقة أبيي على الحدود الجنوبية المتنازع عليها مع جنوب السودان، وبصفة رجل قانون مثّل الحكومة كذلك في قضية التحكيم حولها أمام محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، خاصة أنه يعمل أستاذاً للقانون الدولي في جامعة الخرطوم وحاصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة ليستر البريطانية، والماجستير من جامعة لندن، وماجستير آخر في القانون الدولي لحقوق الإنسان من جامعة أكسفورد.
عمل الدرديري في السلك الدبلوماسي في عدد من المحطات مثل اليمن وكينيا، وله مواقف علنية رافضة لإدارة الحكومة السودانية ملف النزاع الحدودي بين السودان ومصر، وانتقد السعودية صراحة بسبب توقيع اتفاق مع مصر لاستعادة جزيرتي تيران وصنافير، والذي تضمن اعترافاً بمصرية حلايب.
محمد أحمد سالم وزيراً للعدل
يعتبرمحمد أحمد سالم، من تكنوقراط العمل القانوني في السودان، ومن الصدف أن ثلاثة من وزراء العدل الأخيرين تم تعيينهم أثناء فترة عملهم في دول الخليج، وآخرهم سالم نفسه حيث يعمل مستشاراً قانونياً في دولة الكويت، وسبقه إدريس جميل وعوض النور اللذان كانا يعملان في دولة قطر.
عمل سالم قاضياً بعد تخرجه، كما عمل أستاذاً للقانون الدستوري في عدد من الجامعات السودانية، كما شغل منصب المستشار القانوني للبرلمان السوداني لمدة عشرين عاماً قبل أن ينتقل لمنصب مسجل الأحزاب في عام 1999 بعد السماح بعودة الحياة الحزبية للبلاد منذ انقلاب عام 1989، ويعتبر سالم من الشخصيات المستقلة ولا ينتمي لأي حزب سياسي.