تواصل روسيا الضغط من أجل إخضاع المعارضة السورية في منطقة القلمون الشرقي، شمال شرقي العاصمة دمشق، وفي ريف حمص الشمالي، في مسعى واضح لبسط السيطرة على كامل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سورية، بغية تغيير معادلة الصراع لصالح نظام بشار الأسد. واستطاع الجانب الروسي منذ أيام فرض تسوية في أهم مدن القلمون الشرقي، إذ من المقرر أن تغادر اليوم الخميس، قافلة مهجري مدينة الضمير والتي تبعد عن دمشق نحو 47 كيلومتراً، إثر التوصل لتسوية مع الجانب الروسي، شبيهة بالتسوية التي تمت في الغوطة الشرقية لدمشق أخيراً.
في هذا السياق، قال الناشط الإعلامي من القلمون الشرقي، مروان القاضي لـ"العربي الجديد"، إنه "من المتوقع خروج ما بين 2000 إلى 3000 مقاتل ومدني من الضمير إلى مدينة جرابلس في الشمال السوري في الدفعة الأولى". مع العلم أن لجنة مفاوضات عن مدينة الضمير توصّلت لاتفاق مع الجانب الروسي، بمعزل عن بقية مدن القلمون الشرقي وبلداته "من أجل حماية أكثر من 100 ألف مدني في المنطقة"، وفق اللجنة، التي أشارت في بيان إلى أن "القبول بالتهجير جاء بعد الضغوط المتكررة".
وبدأت قوات النظام الضغط العسكري على فصائل المعارضة السورية، فأكد ناشطون أن طيران النظام شنّ يوم الثلاثاء الماضي، أكثر من 200 غارة بالبراميل المتفجرة على جبال القلمون الشرقي، كما شنّ أكثر من 60 غارة بالمقاتلات الحربية، والراجمات.
إلى ذلك أكدت مصادر محلية مطلعة لـ "العربي الجديد"، أن "لجنة المفاوضات المفوضة عن القلمون الشرقي عقدت يوم الثلاثاء، جلسة مفاوضات مع الجانب الروسي في العاصمة السورية دمشق"، لافتة إلى أن "اللجنة حاولت طويلاً إبعاد خيار الحرب أو التهجير عن المنطقة كاملة".
كما طرح الجانب الروسي إعطاء المتخلفين عن الخدمة العسكرية في جيش النظام "سنة تأجيل"، إضافة إلى "خروج من لا يرغب بكل ذلك إلى الجبل"، والمقصود به جبال القلمون الشرقي المنيعة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية. وتضمّنت التسوية الروسية "منع أي اعتداء على المدن أو استفزاز خلال فترة المفاوضات، وفتح حوار مع فصائل الجبل، على أن تجيب اللجنة على التسوية الروسية ظهر اليوم الخميس. ففي حال كان الجوابي سلبيا ستكون المنطقة بكاملها بحالة حرب، وإذا كان الجواب إيجابيا يتمّ تحييد المدن عن الحرب، ويبقى الجبل في حالة حرب".
وينتشر مقاتلون من فصائل عدة في القلمون الشرقي، تتبع المعارضة السورية المسلحة أبرزها: "فيلق الرحمن"، و"جيش الإسلام" إضافة لـ"تجمع الشهيد أحمد العبدو" و"جيش أسود الشرقية"، و"جيش التحرير" الذي يقوده النقيب فراس بيطار، إضافة إلى "حركة أحرار الشام".
بموازاة ذلك، لا يزال الجانب الروسي يضغط من أجل إخضاع ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، من خلال التوصل لتسوية لإنهاء وجود المعارضة السورية بشكل كامل في وسط سورية. وأكد مركز "حمص الإعلامي" أنه "عُقدت جلسة مفاوضات جديدة مع الجانب الروسي على معبر بلدة الدار الكبيرة"، مشيراً إلى أن "وفد المعارضة العسكري بحث في الجلسة مع الجانب الروسي محاور العملية التفاوضية، خصوصاً فيما يتعلق بتطبيق وقف إطلاق النار وتثبيته، كأساس لنجاح واستمرار العملية التفاوضية".
وبات من الواضح أن الجانب الروسي حيّد النظام تماماً عن التسويات التي أبرمها مع فصائل المعارضة السورية، فتحوّلت قوات النظام والمليشيات التابعة لها إلى أدوات ضغط عسكري على المعارضة فقط. وفي حال تم إخضاع القلمون الشرقي، وريف حمص الشمالي، لن يبقى للمعارضة إلا محافظة إدلب، الخاضعة لنفوذ تركي، وجيوب في ريف حماة الشمالي، وجزء من محافظة درعا جنوب البلاد خاضع للنفوذ الأردني، فتفقد المعارضة السورية بالتالي تأثيرها العسكري المباشر في الصراع الدائر في سورية.