في هذا السياق، تنقل صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين رسميين، قولهم، تعليقاً على غارة دير الزور، إن الإدارة الأميركية تدرك أن روسيا لم تكن يوماً جادة في تنفيذ اتفاق الوزيرين جون كيري وسيرغي لافروف في جنيف. وتتابع الصحيفة الاقتباس على لسان "مسؤولين أميركيين رسميين" ممن يشيرون إلى أن "الروس كانوا يبحثون عن عذر للإبقاء على الوضع القائم ميدانياً في سورية بشكل تبقى لهم السيطرة الكاملة على الوضع أكثر من أي قوة أخرى، بما فيها إيران، وأتت غارة دير الزور لتوفر لهم الغطاء في هذا السياق".
الجديد في الموضوع تأكيد الصحيفة أنه "وفقاً للنظام القائم في التنسيق العسكري بين روسيا والولايات المتحدة بخصوص الغارات في سورية (منذ بدء التدخل الروسي في سورية قبل عام من اليوم)، فإنه يجدر أن يحصل التواصل هاتفياً بين الطرفين عبر القيادة العسكرية الأميركية (centcom) ومقرها في دولة قطر، لتبادل المعلومات حول نوايا شن غارات في سورية، وهو ما يحصل أحياناً قبل دقائق من تنفيذ الغارات بالفعل". وبحسب كلام ضابط أميركي في القيادة المركزية للجيش، لـ"ذا نيويورك تايمز"، اتصل ضابط أميركي من الـ"سنتكوم" (القاعدة المركزية للعمليات الأميركية في الشرق الأوسط) بنظيره الروسي وأبلغه بنيّة شنّ غارة دير الزور يوم السبت. وبعد مرور 20 دقيقة على الغارة، أتى اتصال روسي طارئ قال فيه ضابط روسي لنظيره الأميركي إن الغارة استهدفت قوات النظام السوري. ويقول الخبير بالملف السوري في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" أندرو تابلر لـ"ذا نيويورك تايمز" إن "التناقض هنا يكمن في أن "السنتكوم" يقول إنها أبلغت الطرف الروسي مسبقاً بالمنطقة التي سيتم استهدافها، وقد سبق أن استُهدفت مراراً قبل يوم السبت". ويخلص تابلر إلى أن "المنطق يفترض أن الروس أبلغوا النظام السوري بالموضوع".
وواصل النظام السوري محاولاته للاستفادة الى أقصى ما يمكن من "الخطأ" الأميركي. ووصف رئيس النظام بشار الأسد الضربات الجوية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة على مواقع لجيش النظام قرب دير الزور بأنها "عدوان سافر". ونقلت وسائل إعلام رسمية عنه قوله، خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين جابر أنصاري، إنه "كلما تمكنت الدولة السورية من تحقيق تقدم ملموس، سواء على الصعيد الميداني أو على صعيد المصالحات الوطنية، يزداد دعم الدول المعادية لسورية للتنظيمات الإرهابية، وآخر مثال على ذلك كان العدوان الأميركي السافر على أحد مواقع الجيش السوري في دير الزور لمصلحة تنظيم داعش الإرهابي". واتهم سفير النظام السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الولايات المتحدة بالسعي لإفشال خطة وقف إطلاق النار الهشة في سورية. ووصف الضربات الجوية الأميركية بأنها انتهاك للسيادة السورية، معتبراً أن هناك صلة بين القوات الأميركية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وأعلنت بريطانيا أمس أنها شاركت في الضربات الجوية، مؤكدة أنها "لا يمكن أن تتعمد استهداف وحدات الجيش السوري". وأشارت وزارة الدفاع البريطانية، في بيان، "نستطيع أن نؤكد أن بريطانيا شاركت في الضربة الجوية التي نفذها التحالف في سورية يوم السبت، ونحن نتعاون بالكامل في التحقيق الذي يجريه التحالف". وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد قال، لشبكة "سي.إن.إن" الأحد، إن ما حدث "شيء مروع... نعترف به جميعاً ونأسف له". وعبرت وزارة الدفاع الدنماركية عن أسفها "إذا كانت طائراتنا قد قصفت جنوداً سوريين عن طريق الخطأ". ويقول وزير الدفاع الدنماركي بيتر كريستيانسن إن وزارته "ستشارك في التحقيق حول ما جرى"، مضيفاً "إذا أصاب التحالف عن طريق الخطأ مواقع عسكرية سورية فإنه سُيجري تحقيقاً، ولدي ثقة بأن قواتنا ستساهم فيه. وما زلنا نرى أهمية لمشاركة الدنمارك في محاربة الدولة الإسلامية". وذكرت أستراليا أن مقاتلاتها شاركت كذلك في الغارة، وقدمت "تعازيها لعائلة كل جندي سوري قتل أو أصيب" في الغارة.