ورَجَحَت المصادر أن يكون سبب إجراء النظام هذا إخفاء آخر أثرٍ يُمكن أن يظهر، إذا ما تم فتح تحقيق جديد مستقبلاً، بشأن المجزرة الكيميائية، التي وقعت قبل خمس سنوات، لأكثر من 1400 قتيل، بينهم مئات النساء والأطفال.
وأفادت شبكة "ممارسات الأسد في المناطق المُهجرة"، التي يُديرها ناشطون هُجروا من الغوطة الشرقية، قبل نحو أربعة أشهر، أنه و"ضمن سياسة إخفاء كل الأدلة، التي تدينه، عمد نظام بشار الأسد في أواخر إبريل/ نيسان من العام الجاري، إلى مُحاصرة الحديقة التي دُفن فيها ضحايا مجزرة الكيميائي التي نفذها في دوما في 7 من إبريل/ نيسان الماضي، حيث قام بنقل الجثث إلى مكان مجهول، في حين دفن الباقي في مقبرة المدينة القديمة، وذلك في سبيل إضاعة الأدلة على ارتكابه المجزرة".
وأكد المصدر ذاته، أمس الجمعة، أنّ "الأمر نفسه قام به النظام بعد دخوله مدينة زملكا في الغوطة الشرقية، حيث حاصر مقبرة المدينة الأربعاء الماضي ليلاً، ونبش قبور ضحايا مجزرة الكيميائي، التي ارتكبها في أغسطس/ آب عام 2013، وأودت بحياة مئات الأشخاص بينهم نساء وأطفال، ونقل رفاتهم الى مكانٍ مجهول".
ويصعب التواصل مع آخر الناشطين المتبقين في الغوطة الشرقية حالياً، إذ تشن قوات النظام منذ أسابيع حملات اعتقالات ضد من اتهمتهم بالتواصل مع أشخاص في مناطق شمال سورية، أو خارج البلاد، لكن بعض أهالي الغوطة المُهجرين، قالوا لـ"العربي الجديد" إنهم تأكدوا من معلومات نبش سلطات النظام للمقبرة في زملكا.
وأضاف الأهالي أن "قوات النظام اعتقلت قبل ذلك آخر الناشطين الذين اختاروا البقاء في الغوطة، وكان لهم نشاطٌ في المجال الطبي والإغاثي والإعلامي، واقتادتهم إلى التحقيق، حيث طلبت منهم الإدلاء بكافة المعلومات التي يعرفونها، عن أماكن وجود جثث ضحايا مجزرة الكيميائي".
وفجر 21 أغسطس/ آب 2013، تعرضت بلداتٌ في الغوطة الشرقية (زملكا وعين ترما بشكل خاص)، ومعضمية الشام بالغوطة الغربية قرب دمشق، لقصفٍ بصواريخ محملة بغازات كيميائية، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص، في الوقت الذي كانت فيه لجنة تفتيش تابعة للأمم المتحدة موجودة في دمشق، إذ زارت اللجنة موقعي الهجمات، شرق وغرب دمشق، بعد أيامٍ من المجزرة، وعاينت المواقع، وبقايا الصواريخ، وأخذت عيناتٍ من التربة، كما أجرت مقابلاتٍ مع عشرات السكان المحليين الناجين من المجزرة.
وبعد هذه الزيارة بنحو أسبوعين، أصدرت اللجنة تقريرها، إذ أكدت أن الهجوم المذكور استُخدم فيه غاز السارين، مؤكدة أنّ الجهة التي نفذت الهجوم خبيرة باستخدام الأسلحة المزودة بغازات سامة، وقد اختار المُنفذون المناخ والتوقيت الملائمين، لتنفيذ الهجوم بحيث يوقع أكبر عددٍ من الضحايا.
لكن تقرير اللجنة الأممية الذي حدد كمية الغاز المُستخدم ونوع الصواريخ وجهة إطلاقها، لم يتطرق إلى ذكر الجهة المُنفذة، إذ إن صلاحيات اللجنة كانت محصورة بأن تُحقق في الجريمة من دون أن تحدد هوية الجاني.
وبعد أيامٍ من صدور تقرير اللجنة، وبالتزامن مع تهديداتٍ الولايات المتحدة أنها ستوجه ضرباتٍ عسكرية للنظام، كونه تجاوز الخط الأحمر واستخدم الكيميائي، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً، تم التصويت فيه بالإجماع على القرار رقم 2118 الخاص بنزع السلاح الكيميائي في سورية.