أكدت المعارضة السورية تمسكها بالقرارات الدولية التي تنص على تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات، تقود مرحلة انتقالية، وتكون الأداة التنفيذية لتحقيق انتقال سياسي في سورية، مشيرة إلى أن لديها رؤية واضحة على هذا الصعيد، وذلك رداً على استفسارات "العربي الجديد" حول ما نشرته قبل أيام، عن حوار أميركي ــ روسي حول تشكيل مجلس عسكري في سورية، يتولى السلطة لتسعة أشهر، تبدأ بعدها مرحلة انتقالية وتنتهي بانتخابات نيابية.
ولا تُعدّ فكرة تشكيل مجلس عسكري في سورية جديدة، إذ سبق أن تمت إثارتها في منتصف عام 2012، إثر تنامي انشقاق عدد كبير من ضباط جيش النظام، من بينهم ضباط برتب رفيعة، ودعا معارضون سوريون في حينها أن يتولى العسكر قيادة مرحلة انتقالية من عامين، تعقبها انتخابات وفق دستور يُعد خلال المرحلة الانتقالية، على أن يتم تحييد بشار الأسد، وأركان حكمه، ضمن تفاهمات إقليمية ودولية تمهّد الطريق أمام انتقال سورية إلى مرحلة جديدة تقوم على الديمقراطية والعيش المشترك بين مكونات المجتمع السوري العرقية والطائفية.
وتعمل الأمم المتحدة من خلال موفدها إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، على خيار مختلف، وهو يتمثل بتشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات مشتركة بين المعارضة والنظام، تقود مرحلة انتقالية من دون الأسد، وتعمل على كتابة دستور جديد، وإعادة هيكلة مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية.
ولكن النظام لا يزال يرفض مناقشة حلول سياسية تتناول مصير الأسد، في المرحلة الانتقالية، حيث يعتبره "فوق التفاوض"، ويصر على تشكيل ما يسميها "حكومة وحدة وطنية" تعمل على كتابة دستور جديد في البلاد يعطي الأسد حق الترشح في الانتخابات، وهو ما أدى إلى فشل العملية التفاوضية في جنيف، لأن المعارضة السورية تصر على استبعاد الأسد وأركان حكمه. ولا تزال المعارضة تتمسك ببيان جنيف الذي صدر في منتصف عام 2012، كأساس لأي حل سياسي في سورية، رافضةً أي حلول أخرى، بما فيها تشكيل مجلس عسكري يقود، أو يسبق مرحلة انتقالية.
في هذا الصدد، أعلنت عضو وفد المعارضة المفاوض، سهير الأتاسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والشرعية الدولية، كلها تتحدث عن أن الأداة التنفيذية لانتقال سياسي فعلي وشامل وحقيقي، هي هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات. وأشارت الأتاسي إلى أن "المجريات على الأرض لا تعطي الانطباع أبداً بأن النظام جدي بمسار المفاوضات الرسمية"، مضيفة: "النظام لا يزال يعتقد أن بإمكانه الحسم العسكري"، معربةً عن اعتقادها بأن هذا الأمر "مستحيل". ولفتت الأتاسي إلى أن "إرادة الثوار والجيش الحر تتجلى في كل مكان"، معتبرةً أن "من يقوم بنصف ثورة، كمن يحفر قبره بيديه".
ومن المنتظر أن تعقد الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثّل المعارضة السورية اجتماعات على مدى يومين في مقرها بالعاصمة السعودية الرياض منتصف الشهر الجاري. وذكرت مصادر في الهيئة لـ"العربي الجديد"، أن قضايا مهمة تنتظر المجتمعين لمناقشتها واتخاذ قرارات بشأنها، منها "وثيقة المبادئ التنفيذية للمرحلة الانتقالية" التي أعدتها الهيئة، وتتضمن "خريطة طريق، ورؤيا واضحة"، مشيرة إلى أن الاجتماع سيناقش أيضاً نتائج أعمال لجنة الحوار مع منصتي القاهرة، وموسكو، ومع منظمات المجتمع المدني والقوى الوطنية في الداخل السوري، وإعادة توضيح مواقف المكونات في الهيئة من المرحلة المقبلة للمفاوضات.
وكان نشب خلاف بين "هيئة التنسيق الوطنية" والتي تمثّل جانباً من معارضة الداخل، و"الائتلاف الوطني السوري"، حول مصير الأسد. واعتبر رئيس هيئة التنسيق، حسن عبد العظيم، أن شرط رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية "تعجيزي"، فيما يصر "الائتلاف" على استبعاد الأسد وأركان حكمه من أي حل سياسي في سورية. وأشارت المصادر إلى أن المعارضة ستحدد موقفها إثر اجتماع الرياض من جولة جديدة من مفاوضات جنيف، من المتوقع أن يدعو إليها دي ميستورا في بداية شهر أغسطس/ آب المقبل على أبعد تقدير. وأوضحت المصادر أن المعارضة ستعيد تشكيل وفدها المفاوض إثر استقالة كبير المفاوضين محمد علوش، واحتمال أن يقدم رئيس الوفد أسعد الزعبي هو الآخر استقالته في اجتماع الرياض المقبل.