ودخل "قانون قيصر" حيّز التنفيذ الأربعاء الماضي، في 17 يونيو/حزيران، بعدما كان الكونغرس الأميركي قد أقرّه ووقع عليه الرئيس دونالد ترامب في 20 ديسمبر/ كانون الأول عام 2019. وينصّ القانون، الذي تعود تسميته إلى ضابط سوري انشق عن النظام وسرب قرابة 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية، وتأكدت صحتها من جانب مكتب التحقيق الفيدرالي الأميركي، على فرض عقوبات هي الأقسى من نوعها على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه ومموليه.
وأكد رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" التابعة لـ"حزب الله"، النائب محمد رعد، في كلمة له، الوقوف إلى جانب سورية في مواجهة "قانون قيصر" الذي، على حدّ قوله، "يقف وراءه جلاد يتحكّم بمصائر الشعوب".
وأضاف رعد: "لطالما وقفت سورية إلى جانبنا في لبنان يوم تخلّى عنه الكثيرون وأداروا له ظهرهم، خصوصاً أولئك الذين ترتفع أصواتهم اليوم احتضاناً كاذباً للبنان وهو يعيش أزمته الاقتصادية الخانقة. ونحن نقول بكل ثقة وقوة وجرأة إننا مع سورية وخيارات شعبها التحررية والقومية وضد التجزئة والتبعية والاحتلال، ونحن مع سورية في موقع الصمود والمواجهة لكلّ القوى الغازية والمحتلّة، ونعتبر أنّ استهدافها هو استهدافٌ لكل النهضويين والمناضلين الشرفاء في العالم العربي والعام أجمع".
وكانت لافتة مشاركة عضو "كتلة التنمية والتحرير" (تابعة لحركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري)، النائب علي حسن خليل، في الزيارة التضامنية، حيث لفت من السفارة السورية إلى أنّ "ما يحصل هو محاولة لإخضاع سورية بعد الانتصارات التي حققتها في مواجهة الإرهاب"، مشدداً على أن "المسؤولية والمصلحة الوطنية تقتضي التنسيق لمواجهة المخطط الذي سيكون له تأثيره على لبنان، ونحن اليوم في الموقع نفسه إلى جانب سورية ضد قانون قيصر، الذي ينتقص من كرامة الشعب السوري ويعيده إلى الوراء بعدما فشلت كل المخططات ضدّه".
وضمّ الوفد النيابي اللبناني أيضاً رئيس "حزب الاتحاد" النائب عبد الرحيم مراد، الذي رأى أن "قانون قيصره كغيره من القرارات الأميركية الجائرة مصيره الفشل"، إلى جانب رئيس "الحزب السوري القومي الاجتماعي" النائب أسعد حردان.
من جهته، قال السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي أمام الوفد النيابي الحليف، أنّ "سورية ولبنان قادران معاً على تحويل قانون قيصر الى فرصةٍ"، مشدداً على أن "أحد البلدين لا يمكنه الاستغناء عن الآخر"، وفق ما نقلت عنه "إذاعة النور" التابعة لـ"حزب الله".
ويشير القائم السابق بأعمال سفارة لبنان في المملكة المتحدة السفير هشام حمدان، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "تصرفات القوى السياسية اليوم ليست مناسبة في الظرف القاسي الذي تعيشه المنطقة كلها، وللأسف هناك من لا يزال يعمل على جعل لبنان ساحة صراع للمصالح والقوى الإقليمية والدولية، بينما علينا أن نحمي أنفسنا وبلدنا".
ولفت السفير حمدان إلى أنّ التضامن مع سورية بهذا الشكل يؤدي إلى "رهن لبنان أكثر، وإدخاله بالضغوط الجارية من قبل الخارج على النظام السوري، علماً أنّ الداعمين اللبنانيين اليوم هم أصلاً مستهدفون، وما من شيء ليخسروه، لأنهم جزء من المعركة الجارية في سورية والمنطقة، والتي جعلوا لبنان جزءاً منها بدل أن يلعبَ الوطن دور المدافع بقدراته الاقتصادية والعلمية عن استمراريته ومستقبله، لكن للأسف وضعوا مالنا واقتصادنا والشعب اللبناني ككلّ في الحرب التي أصبحنا وقوداً لها".
وتأتي زيارة الوفد النيابي اللبناني للتضامن مع حليفه النظام السوري، على الرغم من تداعيات "قانون قيصر" الخطيرة على اقتصاد لبنان، خصوصاً أنه قد يطاول للمرة الأولى الدولة اللبنانية وليس فقط "حزب الله"، والتحذيرات التي أطلقها سياسيون ودبلوماسيون لناحية الأضرار المباشرة والكبيرة التي قد تلحق بلبنان إذا ما استمرّ التعاون السياسي والعسكري لـ"حزب الله" وحلفائه مع النظام السوري.
وكان وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتّي استوضح، الأربعاء الماضي، من سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيه، خلال استقباله لها، عن تداعيات قانون قيصر على الشركات اللبنانية العاملة في سورية.
على صعيد متصل، شدد وزير الصناعة عماد حبّ الله (محسوب على "حزب الله")، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أنّ "لبنان سيقوم بكلّ ما يلزم لتأمين المواد الضرورية للبنانيين، سواء الصناعية أو الزراعية".