وبعد توعد أميركي وتهديد بريطاني وقلق ألماني لخطوة طهران الأخيرة أمس، حذرت فرنسا إيران اليوم الثلاثاء من أي انتهاك آخر للاتفاق النووي؛ وبينما أسفت الصين لتجاوز إيران الحدّ المسموح به لمخزونها من اليورانيوم المخصب، دعت موسكو طهران إلى "عدم الانسياق وراء العواطف" واحترام الاتفاق النووي.
فرنسا
البداية جاءت من فرنسا، حيث حذرت طهران من اتخاذ أي إجراءات أخرى تجعل الاتفاق النووي المبرم عام 2015 موضع شك.
وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان اليوم إلى "التزامه بالاحترام الكامل للاتفاق النووي لعام 2015 ويطلب من إيران العدول عن هذه الزيادة دون تأخير، وتفادي كل الإجراءات الإضافية التي تجعل التزاماتها النووية في موضع شك".
وأضاف البيان أن ماكرون سيتخذ خطوات في الأيام القادمة لضمان وفاء إيران بالتزاماتها واستمرار استفادتها من المزايا الاقتصادية للاتفاق النووي.
الصين
من جهتها، أعربت الصين عن أسفها لقرار إيران تجاوز الحد المسموح به لمخزونها من اليورانيوم المخصّب بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، لكنها اعتبرت أن "الضغط الأقصى" الذي مارسته الولايات المتحدة هو "السبب الرئيسي" للتوترات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ في مؤتمر صحافي دوري "ندعو جميع الأطراف لرؤية هذا الأمر من منظور طويل الأمد وشامل وممارسة ضبط النفس والتمسك بالاتفاق النووي الإيراني معاً بهدف تجنب المزيد من التصعيد في ظل الوضع المتوتر".
روسيا
أما موسكو، فدعت هي الأخرى إيران إلى "عدم الانسياق وراء العواطف" واحترام "الأحكام الأساسية" من الاتفاق النووي رغم الضغوط الأميركية.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "ندعو زملاءنا الإيرانيين إلى ضبط النفس، وعدم الانسياق وراء العواطف واحترام الأحكام الرئيسية من الاتفاق" الموقع في فيينا عام 2015.
وتأتي هذه المواقف بعدما هددت بريطانيا أمس بالانسحاب من الاتفاق النووي جراء خطوة إيران، حيث قال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت، مساء الإثنين، إن بلاده ستتخلى عن الاتفاق النووي إذا انتهكته إيران.
وأضاف هنت، وهو أحد اثنين يتنافسان على خلافة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، لتلفزيون "سكاي نيوز"، أن بريطانيا ما زالت تدعم الاتفاق.
وتابع: "نرغب في الحفاظ على ذلك الاتفاق لأننا لا نريد أن تمتلك إيران أسلحة نووية، لكن إذا انتهكت إيران الاتفاق فسوف ننسحب منه أيضاً".
وفي السياق ذاته، قال مصدر بوزارة الخارجية الألمانية، إن ألمانيا تشعر بقلق شديد بشأن خطوة إيران.
وأضاف المصدر الألماني: "ندعو إيران إلى التراجع عن هذه الخطوة وعدم تقويض الاتفاق النووي أكثر من ذلك"، مشدداً على أن برلين ستدرس بعناية مع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق الخطوات التالية بشأن إيران.
وفيما بدا أنه جواب أقرب للسخرية، رفضت إيران، اليوم الثلاثاء، اتهامات البيت الأبيض لها بانتهاك بنود اتفاقها النووي مع القوى العالمية منذ وقت طويل.
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تغريدة على موقع تويتر يقول "حقا؟"، وذلك ردا على بيان للمتحدثة الصحافية باسم البيت الأبيض ستيفاني جريشام قالت فيه "ليس ثمة شكوك كثيرة بأن إيران تنتهك بنود الاتفاق النووي حتى من قبل وجوده".
Twitter Post
|
جاء ذلك أيضاً بعدما أعلن البيت الأبيض، الإثنين، أن واشنطن ستمارس "أقصى الضغوط" على إيران حتى "تغير مسارها".
ودفع إعلان إيران الخاص باليورانيوم منخفض التخصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحذيرها بقوله إن طهران "تلعب بالنار".
ويمثل إعلان إيران أول تحرك كبير لانتهاك شروط الاتفاق منذ انسحاب الولايات المتحدة منه قبل أكثر من عام.
وقد تكون لهذه الخطوة عواقب بعيدة المدى على الدبلوماسية في وقت تحاول فيه الدول الأوروبية تجنب حدوث مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران. وتأتي الخطوة بعد أقل من أسبوعين من تراجع واشنطن في اللحظات الأخيرة عن توجيه ضربات جوية للجمهورية الإسلامية.
وذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تجاوز الآن حد الثلاثمائة كيلوغرام الذي يجيزه الاتفاق.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والتي تراقب برنامج إيران النووي بموجب الاتفاق أن طهران تخطت ذلك الحد.
وقال وزير الخارجية الإيراني أمس، إن الخطوات الإيرانية الأخيرة تتوافق مع البند الـ 36 من الاتفاق النووي، مضيفاً أن نص هذا البند يشرح أسباب اتخاذ إيران هذه الخطوات.
وأوضح ظريف أن بلاده منحت "عدة أسابيع فرصة للدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والدولتين الأخريين (الصين وروسيا) مع احتفاظنا بحقنا"، مشيراً إلى أن طهران اتخذت خطوات بعد 60 أسبوعا من الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
واستطرد ظريف قائلاً إن إيران ستتراجع عن خطواتها التي قلصت بموجبها تعهدات نووية، "في حال نفذت الدول الأوروبية الثلاث تعهداتها".
Twitter Post
|
وينص البند الـ 26 للاتفاق النووي، على أنه "في حال عدم التزام أي طرف بتعهداته فيحق لإيران وقف تنفيذ التزاماتها جزئيًا أو كليًا".
كما يؤكد البند الـ36 أنه "إذا لم يحلّ أي موضوع خلافي بعد استيفاء للمراحل المندرجة في هذا البند، فيمكن للشاكي أن يبني على ذلك لوقف كامل أو جزئي لتعهداته، أو إبلاغ مجلس الأمن للأمم المتحدة بذلك".
وورد في البند الـ 36 بشأن تلك المراحل أنه "حال رأت إيران أن واحدًا أو جميع أعضاء مجموعة 1+5 لا يلتزمون بتعهداتهم المنصوص عليها في الاتفاق النووي، فيمكن لها إحالة الموضوع إلى اللجنة المشتركة لحله. كما أنه إذا رأى أحد أعضاء مجموعة 1+5 أن إيران لا تلتزم بتعهداتها الواردة في الاتفاق النووي فبإمكان هذا الطرف أن يقدم على إجراء مماثل".
وفي 8 مايو/ أيار الماضي، وردّاً على "الحرب الاقتصادية الأميركية"، و"مماطلات" الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، أي الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والصين وروسيا، في تنفيذ تعهداتهم، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قرارات "مرحلية"، علّقت بموجبها إيران تعهدات نووية على مرحلتين.
وبدأت المرحلة الأولى الشهر الماضي، وشملت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، وأعلنت أنها ستباشر المرحلة الثانية في حال لم يلبّ الشركاء المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي خلال 60 يوماً، لتخفيف آثار العقوبات الأميركية، وهو ما حصل اليوم بعدما أعلنت طهران رفع مستوى تخصيب اليورانيوم.
(العربي الجديد، وكالات)