لكن أكثر العمليات أهمية التي نفذها الجيش الجزائري خلال شهر مارس/آذار الحالي كانت القضاء على ثلاثة مسلحين في منطقة وادي سوف جنوبي الجزائر قرب الحدود مع تونس وليبيا، وكانت في حوزتهم ترسانة من الأسلحة بينها ستة صواريخ ستينغر. واعتبر وجود هذه الصواريخ بمثابة تحول كبير في تسلّح المجموعات المسلحة، ولا سيما أن هذا النوع من الأسلحة موجّه لاستهداف الطائرات.
اقرأ أيضاً: السلطات الجزائرية تعود إلى تحديد مواضيع خطب الجمعة بالمساجد
وتأتي حصيلة العمليات الأمنية للجيش الجزائري في سياق تشديد السلطات العسكرية والأمنية في الجزائر لإجراءات مراقبة الحدود والمدن والمناطق التي تشهد حضوراً للمجموعات المتشددة. يضاف إلى ذلك تعزيز التواجد العسكري في مناطق الجنوب القريبة من مالي والنيجر وموريتانيا، والحدود الشرقية القريبة من تونس وليبيا، وهي حدود تشهد، منذ فترة ليست بالقصيرة، تزايداً في النشاط المسلح بسبب تمركز مجموعات متفرقة في جبال سمامة والشعانبي التونسية القريبة من الحدود مع الجزائر. وتضاف إلى ذلك الهشاشة الأمنية وغياب الدولة في الجانب الثاني من الحدود مع ليبيا.
وإلى جانب التعزيزات العسكرية التي دفعت بها الجزائر لتأمين حدودها، فإن سلسلة الزيارات التي قام بها قائد ركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، إلى الوحدات العسكرية في الحدود ومناطق الجنوب واجتماعاته المتواصلة مع القيادات العسكرية الميدانية لتنفيذ خطة "اجتثاث الإرهاب" التي أعلن عنها في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يؤكد أن السلطات الجزائرية باتت شديدة التخوف من أي اختراق واستهداف للمنشآت الحيوية والنفطية المتمركزة في مناطق الجنوب. وأثبتت هذه المخاوف أن لها ما يبررها، ولا سيما بعد المحاولة الفاشلة لقصف منشأة للغاز بقذائف في الثامن عشر من الشهر الحالي. وسقطت الصواريخ قرب منطقة المراقبة ولم تصب المنشأة، فيما أعلن الجيش الجزائري القضاء على المسلحين المتورطين في الهجوم.
وبغض النظر عن النجاحات الأمنية والعسكرية لقوات الجيش والأمن، والتي تمكنت من تحييد 32 عنصراً من المجموعات المتشددة (30 قتيلاً ومعتقلين أحدهم سلّم نفسه) منذ شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن السلطة السياسية وأحزاب المولاة، لا تتوانى عن استغلال وتوظيف هذه النجاحات لزيادة حجم المخاوف الأمنية والدعوة لعدم الانجرار إلى المطالبات الداعية إلى ضرورة إحداث تغيير سياسي في البلاد، والتصويب ضد قوى المعارضة التي ترفع هذه المطالب وتخوينها.
اقرأ أيضاً: المهاجرون الأفارقة في الجزائر.. قسوة الغربة ونبذ المجتمع