يتوقع أن تضيف السلطة الفلسطينية عقوبات جديدة تسميها "إجراءات" على قطاع غزة وأهله غير تلك المفروضة منذ عام، إضافة إلى التخلي جزئياً عن المصروفات الشهرية التي كانت ترسلها إلى وزارة الصحة بالتحديد، والتي باتت تعاني أزمة نقص حادة في الأدوية والمستهلكات الطبية نتيجة الإصابات الكثيرة التي خلّفتها مسيرات العودة المستمرة على الحدود.
ولم تنجح مصر في تجاوز الخلاف الأخير بين حركتي "حماس" و"فتح" الذي نتج عن محاولة اغتيال رئيس حكومة الوفاق رامي الحمدالله في 13 مارس/آذار الماضي، كما أنّ المعطيات التي قدّمتها وزارة الداخلية في غزة عن الجهة المنفذة للتفجير والمرتبطة بجهاز الاستخبارات في السلطة لم تحقق أي تقدّم ملموس في ملف المصالحة المتعثر.
وقطعت حكومة الوفاق الوطني بشكل كامل اتصالاتها مع الوزارات والجهات الحكومية في غزة عقب حادثة تفجير موكب الحمدالله، ولم يعد هناك اتصالات بين الوزراء في الضفة ووزاراتهم في غزة، حتى وزراء القطاع في حكومة الوفاق وهم ثلاثة لم يعد يُلاحَظ لهم في القطاع أي عمل حكومي رسمي. ولم يتغير شيء في القطاع الساحلي، حتى بعد تحسن علاقة حركة "حماس" مع السلطات المصرية، فالمعبر الذي يفصل غزة عن مصر ويعتبر الممر الإجباري لمعظم السكان إلى العالم الخارجي لا يُفتح إلا نادراً وبظروف غاية في التعقيد.
وبعد تأخير لثلاثة أسابيع من دون مبررات وإعلان واضح، بدأت السلطة الفلسطينية دفع جزء من رواتب موظفيها في قطاع غزة، لكن المفاجأة التي تلقاها الموظفون تضمّنت عقوبات جديدة وخصومات وصلت إلى ما يزيد عن 50 في المائة من رواتبهم. وأضيفت شرائح جديدة للخصومات ومنها الموظفون الذين عيّنوا في العام 2005 (يُطلق عليهم تفريغات 2005)، وخُصم هذا الشهر نصف رواتبهم بعد أن تلقوها كاملة الأشهر الماضية، وكل ذلك من دون آلية واضحة ولا إعلان رسمي من وزارة المالية أو حكومة الوفاق أو السلطة الفلسطينية.
وفي إبريل/ نيسان من العام الماضي خصمت السلطة الفلسطينية 30 في المائة من رواتب موظفيها في غزة للضغط على حركة "حماس" لتسليم قطاع غزة لها، لكن الحركة لم تستجب لهذه الضغوط التي لم تؤثر بشكل مباشر عليها.
وأدت الخصومات التي لم تعلن رسمياً قبل عام، إلى أزمة اقتصادية حادة في الأسواق الغزية التي عانت انهياراً شبه تام، وشحاً كبيراً في السيولة النقدية. ومعظم موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة حاصلون على قروض من البنوك ما أدى لتعرضهم لخصومات كبيرة من جزء الراتب الذي يتلقونه وهو ما أضاف أعباءً جديدة عليهم. وأحالت السلطة الفلسطينية الآلاف من موظفيها في غزة للتقاعد الإجباري من دون قانون واضح، ما أدى لحالة كبيرة من الغضب تجاه سياسات السلطة في القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ اثني عشر عاماً.
اقــرأ أيضاً
وقال مسؤول فلسطيني لـ"العربي الجديد"، إنّ القادم لغزة سيكون "أسوأ" مما تعتقده حركة "حماس"، وإنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتخذ قراراً نهائياً بالمواجهة مع الحركة حتى "إجبارها" على تسليم القطاع لحكومة الوفاق بشروطه هو ومن دون نقاش.
ولوحظ أنّ عباس في خطابه الأخير في جلسة المجلس الوطني، تحدث بشكل موارب عن العقوبات الجديدة، وطالب الحاضرين بأنّ لا يقولوا له "هؤلاء أهلنا... شعبنا" في إشارة إلى بعض المعارضة التي يسمعها للعقوبات والإجراءات التي ينفذها في القطاع.
أما بالنسبة إلى حركة "حماس"، فقد أثبتت التجارب السابقة معها أنها لا تخضع بهذه الطريقة، وهي غير جاهزة حالياً للمضي مع عباس في خططه لاستلام غزة، على الرغم من أنها تقول إنّ المصالحة الوطنية خيارها الاستراتيجي، ولكنها تشترط الشراكة في القرار لا التفرّد. ولا يبدو أنّ ما عرضه عضو مكتبها السياسي، موسى أبو مرزوق، عبر "تويتر"، عن استعداد الحركة للذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني في حال تعذّر تطبيق اتفاقات المصالحة الموقّعة مع حركة "فتح"، مخرج قد تتلقفه السلطة الفلسطينية. وقال أبو مرزوق: "إذا كان غير ممكن تطبيق اتفاقات المصالحة، الموقّعة في عام 2005، و2011، و2014، و2017، فإننا مستعدون للذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني فوراً".
وعرضت "حماس" سابقاً على مصر الذهاب لانتخابات عامة فلسطينية بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية لتدير الأوضاع وتشرف على الانتخابات، ومثلها طالبت السلطة وعلى لسان عباس أخيراً بالذهاب للانتخابات، لكن ذلك لم يجد على أرض الواقع أي فعل.
والانتخابات من دون حلول حقيقية لما ترتب عن الانقسام على أرض الواقع من انتهاكات وإجراءات أحادية من طرفيه، وصفة جديدة لتعميق الاقتتال والانفصال بين شطري الوطن، كما أنها ليست حلاً سحرياً، خصوصاً في ظل تراجع مؤشرات القوتين الرئيسيتين في الشارع الفلسطيني، وعدم وجود بدائل يمكن انتخابها لإخراج الفلسطينيين من أزماتهم.
ومع اقتراب نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، واستمرار مسيرات العودة على حدود غزة، والضغوط الدولية على الفلسطينيين للقبول بـ"صفقة القرن" الأميركية للتسوية، بات الفلسطينيون وخصوصاً في غزة، أمام خيارات صعبة، قد تكون الحرب على الرغم من تكلفتها العالية كما هو متوقع، أحد الخيارات، على الرغم من محاولة "حماس" إبعادها إلى أبعد حد. وحتى الذهاب للحرب في ضوء المعطيات الحالية، وانفضاض العرب من حول قضية فلسطين، والقضايا المشتعلة في المحيط الفلسطيني، لن تقدّم أي حلول للأزمات المحلية الراهنة. وفي ظل غياب الظهير العربي لغزة، سيكون صعباً على الفلسطينيين الصمود، وسيكون الثمن المدفوع دماً ودماراً أوسع وأكثر.
اقــرأ أيضاً
ولم تنجح مصر في تجاوز الخلاف الأخير بين حركتي "حماس" و"فتح" الذي نتج عن محاولة اغتيال رئيس حكومة الوفاق رامي الحمدالله في 13 مارس/آذار الماضي، كما أنّ المعطيات التي قدّمتها وزارة الداخلية في غزة عن الجهة المنفذة للتفجير والمرتبطة بجهاز الاستخبارات في السلطة لم تحقق أي تقدّم ملموس في ملف المصالحة المتعثر.
وقطعت حكومة الوفاق الوطني بشكل كامل اتصالاتها مع الوزارات والجهات الحكومية في غزة عقب حادثة تفجير موكب الحمدالله، ولم يعد هناك اتصالات بين الوزراء في الضفة ووزاراتهم في غزة، حتى وزراء القطاع في حكومة الوفاق وهم ثلاثة لم يعد يُلاحَظ لهم في القطاع أي عمل حكومي رسمي. ولم يتغير شيء في القطاع الساحلي، حتى بعد تحسن علاقة حركة "حماس" مع السلطات المصرية، فالمعبر الذي يفصل غزة عن مصر ويعتبر الممر الإجباري لمعظم السكان إلى العالم الخارجي لا يُفتح إلا نادراً وبظروف غاية في التعقيد.
وفي إبريل/ نيسان من العام الماضي خصمت السلطة الفلسطينية 30 في المائة من رواتب موظفيها في غزة للضغط على حركة "حماس" لتسليم قطاع غزة لها، لكن الحركة لم تستجب لهذه الضغوط التي لم تؤثر بشكل مباشر عليها.
وأدت الخصومات التي لم تعلن رسمياً قبل عام، إلى أزمة اقتصادية حادة في الأسواق الغزية التي عانت انهياراً شبه تام، وشحاً كبيراً في السيولة النقدية. ومعظم موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة حاصلون على قروض من البنوك ما أدى لتعرضهم لخصومات كبيرة من جزء الراتب الذي يتلقونه وهو ما أضاف أعباءً جديدة عليهم. وأحالت السلطة الفلسطينية الآلاف من موظفيها في غزة للتقاعد الإجباري من دون قانون واضح، ما أدى لحالة كبيرة من الغضب تجاه سياسات السلطة في القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ اثني عشر عاماً.
وقال مسؤول فلسطيني لـ"العربي الجديد"، إنّ القادم لغزة سيكون "أسوأ" مما تعتقده حركة "حماس"، وإنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتخذ قراراً نهائياً بالمواجهة مع الحركة حتى "إجبارها" على تسليم القطاع لحكومة الوفاق بشروطه هو ومن دون نقاش.
ولوحظ أنّ عباس في خطابه الأخير في جلسة المجلس الوطني، تحدث بشكل موارب عن العقوبات الجديدة، وطالب الحاضرين بأنّ لا يقولوا له "هؤلاء أهلنا... شعبنا" في إشارة إلى بعض المعارضة التي يسمعها للعقوبات والإجراءات التي ينفذها في القطاع.
وعرضت "حماس" سابقاً على مصر الذهاب لانتخابات عامة فلسطينية بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية لتدير الأوضاع وتشرف على الانتخابات، ومثلها طالبت السلطة وعلى لسان عباس أخيراً بالذهاب للانتخابات، لكن ذلك لم يجد على أرض الواقع أي فعل.
والانتخابات من دون حلول حقيقية لما ترتب عن الانقسام على أرض الواقع من انتهاكات وإجراءات أحادية من طرفيه، وصفة جديدة لتعميق الاقتتال والانفصال بين شطري الوطن، كما أنها ليست حلاً سحرياً، خصوصاً في ظل تراجع مؤشرات القوتين الرئيسيتين في الشارع الفلسطيني، وعدم وجود بدائل يمكن انتخابها لإخراج الفلسطينيين من أزماتهم.
ومع اقتراب نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، واستمرار مسيرات العودة على حدود غزة، والضغوط الدولية على الفلسطينيين للقبول بـ"صفقة القرن" الأميركية للتسوية، بات الفلسطينيون وخصوصاً في غزة، أمام خيارات صعبة، قد تكون الحرب على الرغم من تكلفتها العالية كما هو متوقع، أحد الخيارات، على الرغم من محاولة "حماس" إبعادها إلى أبعد حد. وحتى الذهاب للحرب في ضوء المعطيات الحالية، وانفضاض العرب من حول قضية فلسطين، والقضايا المشتعلة في المحيط الفلسطيني، لن تقدّم أي حلول للأزمات المحلية الراهنة. وفي ظل غياب الظهير العربي لغزة، سيكون صعباً على الفلسطينيين الصمود، وسيكون الثمن المدفوع دماً ودماراً أوسع وأكثر.