وأصدرت كتلة موسعة من الكتاب والمثقفين الجزائريين "مبادرة من أجل دولة المواطنة والحريات"، دعت فيها إلى تحقيق إجماع سياسي ومجتمعي على "تأسيس دولة الحقوق والحريات التي يتعايش فيها الجميع ويتحقق فيها الإجماع حول قضايا رفض نظام الفساد القائم على التفرقة بين الجزائريين ورفض كل رموزه، والإجماع على الطابع المدني والديمقراطي للدولة من خلال ضمان احترام حقوق المواطنة والحريات الفردية والجماعية، والشعب مالك السيادة ومصدر كل السلطات".
وأكدت المبادرة على "الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، واستقلالية العدالة، ورفض التمييز بين الجزائريين على أساس عرقي أو عنصري أو عقائدي أو اجتماعي، وتجريم المساس بالحقوق والحريات الفردية والجماعية، وتجريم التخوين والتكفير والتمييز العنصري".
ودعت المبادرة إلى "تحييد قضايا الهوية والدين والتاريخ من النقاش السياسي، والعودة إلى الشعب في كل القضايا المصيرية"، وشددت على ضرورة "وضع أجندة للخروج من الأزمة السياسية الحالية بالاتفاق على رئيس توافقي أو هيئة رئاسية وحكومة انتقالية ولجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات بصلاحيات كافية تسمح بتعديل قانون الانتخابات الحالي".
وحثت المبادرة، التي وقعها الأكاديمي والكاتب عبد العزيز بوباكير، والأكاديمي المختص في العلوم السياسية عبد الحميد هناد، والكاتب كمال قرور، والشاعر والأكاديمي عاشور فن، والشاعر والناقد أزراج عمر، والروائي أمين الزاوي، والباحثة آمنة بلعلى، على عقد ندوة وطنية للنخب الثقافية والعلمية والإعلامية "تهدف إلى توحيد رؤية ثقافية للحل السياسي للأزمة الراهنة في البلاد، وتوفير فرصة للمثقفين للمساهمة بحل سياسي".
واعتبرت المبادرة أن الحراك الشعبي منذ 22 فبراير/شباط الماضي "قفزة نوعية في الوعي السياسي والاجتماعي والحقوقي، سمح بطرح قضايا عميقة في الفضاء العام عبر المسيرات ومن خلال الشعارات والمناقشات والحوارات والمقترحات الغنية والمبادرات الكثيرة التي تعبر عن انخراط الجزائريين على اختلاف مشاربهم في مسار بناء جزائر المستقبل".
وبرأي المثقفين الجزائريين، فإن الحراك الشعبي يمثل "انقلابا حقيقيا في الممارسة السياسية، وهذا من خلال حضور الشعب المباشر في الفضاء العام لممارسة السيادة التي كانت حكرا على المؤسسات والأشخاص، وهذا السلوك الجديد يؤسس لثقافة سياسية جديدة قائمة على التنوع وتعدد الرؤى وقبول الاختلاف والتسامح والتعايش بين التيارات المختلفة، نعني ثقافة سياسية تقطعُ مع ذهنية الاحتكار والأحادية".
وثمّن الموقعون على المبادرة "حضور المثقفين في الحراك الشعبي بأشكال مختلفة تتناسب مع حضورهم الاجتماعي رغم سياسة التضييق التي مورست على فضاءات الفكر والثقافة طيلة عقود، مشيرين إلى أنه "لا مُستقبل في حالة بلدٍ مثل الجزائر إلا بتوفر عقل سياسيّ ديمقراطيّ جديدٍ ومنفتح يمكنه إبداع صيغ مبتكرة للعيش المُشترك، تضمن المواطنة والمساواة واحترام التعدد".