حراك الرئاسة اللبنانية: عون متفائل ولقاء يجمعه ببري قريباً

01 أكتوبر 2016
عون وبري في جلسة حوار سابقة (علي فواز)
+ الخط -


في غضون أيام سيعود زعيم تيار المستقبل، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ويجمع حقائبه تاركاً العاصمة اللبنانية بيروت باتجاه موسكو ومنها إلى باريس والرياض. زيارة الحريري إلى لبنان، التي استمرّت أقل من أسبوع كانت كفيلة بقلب المعادلة السياسية في البلاد رأساً على عقب، وتحريك ملف رئاسة الجمهورية بشكل جدي، إذ ضجّت المجالس السياسية وتسارعت اللقاءات بين الزعماء اللبنانيين لمناقشة انفتاح الحريري على ترشيح حليف حزب الله والنظام السوري، رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، لرئاسة الجمهورية.

بالنسبة للمسؤولين في تيار المستقبل، لا يزال قرار دعم عون غير رسمي وغير نهائي، لكن المطلعين على التواصل القائم بين الحريري وعون يعرفون جيّداً أنّ الحريري ذاهب في هذا المسار. يشير هؤلاء إلى أنّ "التواصل حول إمكانية دعم الحريري لعون رئاسياً مطروح بين الطرفين منذ ستة أشهر"، إذ كانت اللقاءات مستمرة بينهما، تحديداً بين صهر عون، وزير الخارجية جبران باسيل، ورئيس مكتب الحريري، ابن عمّته نادر الحريري. ولم تنقطع الاتصالات منذ شهر مارس/ آذار الماضي، وسبقتها أيضاً جولة أخرى من اللقاءات "لكن منذ ذلك الحين باتت الأمور تأخذ منحى جدياً، ولو أنّ أي اتفاق رسمي أو مكتوب لم يحصل بعد".

ويضيف العارفون بطبيعة التواصل العوني ــ المستقبلي، أنّ "اللقاء الأخير الذي تم كشفه بين باسيل ونادر الحريري في باريس، ما كان سوى لوضع الأول في أجواء عودة الحريري إلى بيروت ومباشرته مسار النقاشات واللقاءات مع القيادات اللبنانية". وعن جديّة هذا الطرح وإمكانية عقد الصفقة، يقول هؤلاء إنّ "المسعى تمّ بمباركة أوروبية وأميركية، وتلقّى الرجلان تأكيداً بتسليك الأمور لدى القوى الإقليمية المعنية بالملف اللبناني"، أي تحديداً إيران والسعودية.

بعدها خرج عدد من المسؤولين في فريق عون للتأكيد، لـ"العربي الجديد"، بأنّ "عون متفائل لكن غير موهوم"، على اعتبار أنّ المتغيّرات في الساحة اللبنانية كثيرة وعوامل إفشال أي اتفاق سياسي واردة دون بذل الكثير من الجهود، إضافة لكون المشهد الإقليمي يميل باتجاه التفجير أكثر من التهدئة. لذا يعوّل عون وفريقه على إمكانية إحداث تغيير جديّ في إخراج استحقاق رئاسي لبناني ــ لبناني، قادر على إنهاء الأزمة السياسية منذ شغور رئاسة الجمهورية في مايو/ أيار 2014.



وما يزيد من تفاؤل عون، الإشارات الإيجابية التي صدرت عن رئيس البرلمان، نبيه بري، المعروف بمعارضته المطلقة لوصول عون إلى الرئاسة. فلم يتأخر بري، خلال عدد من اللقاءات التي جمعته بالمسؤولين اللبنانيين، في التأكيد على "انفتاحه على كل الخيارات وعلى كل القوى بمن فيهم عون، واضعاً جملة من الشروط التي يمكن التفاهم حولها"، بحسب ما يقول أحد المقربين من عون. يطرح بري الحل الشامل للأزمة من خلال التوافق المسبق على جملة من الملفات، أولها رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والحقائب الوزارية فيها، إضافة إلى القانون الانتخابي وملف الغاز البحري. ويضيف المصدر المقرّب من عون نفسه أنّ "لا خلاف مع بري حول هذه الملفات، إلا في ما يخص توزيع الحقائب السيادية، التي نعتبر أنه لا يزال من المبكر جداً الحديث عنها والاتفاق عليها". ويخلص المصدر نفسه إلى أنه من المفترض أن يزور عون بري خلال الأيام المقبلة، لكشف كل الأوراق العالقة بينهما، وإحاطة ملف التسوية الرئاسية من جوانبها كلها.

في هذا الإطار، يقول نائب رئيس مجلس النواب السابق، إيلي الفرزلي، المقرّب من عون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل ما يشاع حول عدم الودّ بين بري وعون غير صحيح، وفي الأساس التواصل قائم بين الطرفين"، لافتاً إلى الزيارات المتكررة التي يقوم بها الوزير باسيل إلى عين التينة (مقر إقامة بري في بيروت). ويضيف الفرزلي، الذي يعرف بري تمام المعرفة من خلال منصبه السابق في البرلمان، أنّ "الأمور ذاهبة في الاتجاه الصحيح من خلال التفاهم بين كل المكوّنات لإنهاء الأزمة الرئاسية".

مع العلم أنّ الفرزلي خرج من اجتماع مع عون، صباح أمس الجمعة، ليوجه رسالة ود إلى بري، إذ أكد على أن حديث عون عن عدم شرعية البرلمان الممدّد له كان بهدف الدفاع عن البرلمان، في محاولة واضحة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. ليصدر بعدها بيان عن المكتب الإعلامي لبري يؤكد على أنّ "لا خلاف بين بري وأي مرشح، والطروحات التي يقدمها تعكس تمسكه بجدول أعمال الحوار الوطني"، في دعوة صريحة من بري إلى عون بالعودة إلى طاولة الحوار، بعد أن كان الأخير قد قاطع جلسات هيئة الحوار الوطني احتجاجاً على "الميثاقية" و"حقوق المسيحيين" بهدف الوصول إلى رئاسة الجمهورية.

وقبل زيارة عون إلى عين التينة، كان فريق عون ينتظر زيارة الحريري إلى عون، التي تمت أمس أيضاً، لجمع كل التفاصيل الممكنة عن اللقاءات التي عقدها الأخير في بيروت في الأيام الثلاثة الماضية. مع العلم أنّ زيارة الحريري إلى الرابية (مقرّ إقامة عون، شرقي بيروت) يُفترض أن يسبقها لقاء الحريري برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي عاد إلى بيروت مساء الخميس من إجازته السنوية. ومن المفترض أن يساعد الأخير أيضاً على حلحلة التواصل بين الحريري وعون، وتأمين الضمانات اللازمة، "ومنها ضمانات خارجية"، بحسب متابعي علاقة الحريري ــ عون.

كما يخلص عدد من العونيين إلى أن وصول زعيمهم إلى الرئاسة مسألة وقت، بينما يعلّق مقرّب آخر من عون قائلاً إنّ "عكس 13 أكتوبر/ تشرين الأول (ذكرى الإطاحة بالحكومة العسكرية برئاسة عون وإعلان الوصاية السورية الكاملة على لبنان عام 1990)، هو 31 أكتوبر"، أي موعد الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس.