وفي جلسة عامة انتهت بالنشيد الوطني، صادق المجلس على القانون بموافقة 130 نائبا وتحفظ ثلاثة، بينما لم يسجل أي اعتراض.
وشدد وزير العدل بالنيابة فرحات الحرشاني (وزير الدفاع أيضا) على دور المحكمة الدستورية بضمان الحريات والحكم بين جميع السلطات.
وقال في تصريح إثر انتهاء الجلسة إنّ المحكمة الدستورية سيكون لها دور أساسي في حماية الحريات والحكم بين السلطات.
وقال رئيس كتلة حركة النهضة نورالدين البحيري خلال الجلسة العامة إن "المصادقة على قانون المحكمة الدستورية هو نتيجة نضال أجيال، وهو مطلب شعبي ضحى من أجله آلاف من التونسين في السجون، ورحلت عنا دون أن تعيش هذه اللحظة، ونحن نهدي هذا الإنجاز الهام إلى شهداء معركة الديمقراطية في تونس".
إقرأ أيضا: تونس: استطلاع رأي يكشف تراجع شعبية الرؤساء الثلاثة
وأشاد البحيري بكل المشاركين في التوافق ومن سماهم المرابطين في مجلس نواب الشعب الذين ساهموا في بلوغ هذه اللحظة.
واعتبر البحيري أن هذا القانون هو "رسالة للإرهابيين الذين يستهدفون الدولة والمشروع الحضاري للتونسيين مفادها بأننا سننتصر عليهم، ورسالة إيجابية للشعب التونسي أن لا تيأسوا لان أهداف الثورة ستستكمل، وإن طالت المدة".
ولم تكن المصادقة على مشروع قانون المحكمة الدستورية بالأمر الهين بعد الجدل الذي أحدثه عدد من الفصول الخلافية، وأبرزها الفصل السابع المتعلق بحق انتماء المنتمين إلى أحزاب في الترشح لعضوية المحكمة.
وثار نقاش كبير في المجلس بين الأقلية المعارضة والأغلبية الحاكمة حول ضرورة تعديل هذا الفصل، لأن التحزب يعني ارتهان المحكمة الدستورية التي ينبغي أن تكون مستقلة ومحايدة، وتوصلت لجنة التوافقات في آخر المطاف إلى صيغة معدلة اقتنعت بها كل الكتل النيابية، لتصبح الصيغة الجديدة بأن يتاح الترشّح لعضوي المحكمة كل من "لم يتحمّل مسؤولية حزبية مركزية أو جهوية أو محلّية، أو كان مرشّح حزب أو ائتلاف في انتخابات رئاسية أو تشريعية أو محلّية طيلة عشر سنوات قبل تعيينه"
ورغم أن بعض النواب اعتبر أن في هذه الصيغة منفذا للناشطين الحزبيين والأعضاء العاديين وغير المسؤولين للترشح لعضوية المحكمة، إلا أن الأغلبية صوتت في نهاية الأمر على الفصل، بأغلبية 125 نائبًا وتحفظ 4 واعتراض 4 آخرين.
وينص الفصل التاسع على تعيين أعضاء المحكمة الدستورية تباعا من طرف مجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء ورئيس الجمهورية "مع السعي إلى احترام مبدأ التناصف"، وحاول بعض النواب فرض صيغة "مراعاة التناصف" لتكون أكثر إلزامية إلا أن الأغلبية أقرت الصيغة الأولى.
اقرأ أيضا: أمين عام "نداء تونس" يقدم مبادرة لحل أزمة الحزب
وستكون كل جلسات المحكمة الدستورية علنية، ويمكنها أن تقرر السرية في حالات استثنائية فقط.
وبإقرار المحكمة الدستورية، يقطع التونسيون خطوة مهمة في إرساء المؤسسات الدستورية التي أقرها الدستور الجديد، و ينتظر التونسيون استكمال بقية المؤسسات، والانتهاء قريبا من قانون المجلس الأعلى للقضاء الذي تمت مراجعة فصوله غير الدستورية بعد اعتراض الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، والتي انتهت بإقالة وزير العدل السابق محمد صالح بن عيسى.
وحالما ينتهي المجلس من هذا القانون سيكون أمام مشروع معقد حول القوانين التي تنظم الحكم المحلي، خصوصا أن الانتخابات البلدية قد حددت لنهاية العام القادم، وبذلك يكون التونسيون قد استكملوا إرساء أهم المؤسسات الديمقراطية التي أقرها الدستور من أجل إرساء نظام حديث يفصل بين السلطات، وتراقب كل منها الأخرى، وتحرص على سيادة القانون.
اقرأ أيضا: الغنوشي من جنوب تونس الثائر: لن نقبل بعودة الماضي