وليست هذه المرة الأولى التي تخرج فيها المستشارة لتكذيب شائعة حول الرئيس، فقد أكدت نهاية الشهر الماضي، أنّ ما يُقال عن تدهور صحّة الرئيس شائعة، وأنّها تجد نفسها "مضطرّة للرد على أكاذيب وشائعات دنيئة يتم الترويج لها، وأنّ لا عزاء للمفلسين سياسياً وأخلاقياً سوى تأثيث فراغهم وخوائهم السياسي وانحدارهم الأخلاقي بشائعات مبتذلة"، على حدّ تعبيرها.
وبقطع النظر عن الجانب الأخلاقي في هذه القضية، لأن السياسة تحتاج دائماً إلى حد أدنى من الأخلاق، فإن هذه الشائعة التي لم تكن الأولى تثير أسئلة عديدة عن أسبابها وأصحابها وأهدافها في نفس الوقت، وتكشف أولاً أن مطلقيها، سواء كانوا مواطنين عاديين أو سياسيين، أصبحوا يستعجلون موت الرئيس، وإن كان موتاً سياسياً، وكأنهم يسرّعون انتهاء مرحلة وبداية أخرى، أو هكذا يظنون، وهو ما يؤكد أننا لم نتدرب بعد بالشكل الكافي على أهم مبادئ الديمقراطية: التداول السلمي على السلطة، وانتظار انتخابات تجري في موعدها ويقرر الشعب صاحب السيادة من يتولى أمره، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
لكن الأخطر هو أن تكون الشائعة قد صدرت من الخارج، وهو أمر في غاية الخطورة أيضاً، ويؤكد ما يعرفه كثيرون من أن هذه الديمقراطية الوليدة تبقى مستهدفة كل يوم، في اقتصادها وأمنها واستقرارها المتوقف على خيوط رفيعة للغاية.
ولكن المهم هو أن يكشف مستشارو الرئيس عن هذه الجهات التي أكدوا أنهم يعرفونها حتى تهدأ حمى الشائعات، فللتونسيين ما يكفيهم من وقائع صعبة حتى يضيفوا إليها قائمة طويلة من الشائعات.