أجل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، زيارته المرتقبة لمصر 72 ساعة، لتبدأ رسمياً يوم الخميس المقبل، وهي الزيارة التي ستستغرق خمسة أيام، وتشمل ما بين لقاءات رسمية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وحضور محادثات موسعة بين وزراء البلدين لمدة يومين، وعطلة للاستجمام في منطقة ساحلية مصرية لمدة 3 أيام.
وجاء التأجيل تأكيداً لمعلومات تداولتها وسائل إعلامية عربية، نفتها مصر رسمياً في بيان لوزارة الخارجية، مؤكدة أنها ستكون في موعدها اليوم الاثنين، مما يدل على أن التأجيل جاء بقرار سعودي مفاجئ، له علاقة بارتباطات الملك سلمان، وليس له علاقة بارتباطات السيسي.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، إن "اللجان النوعية المرافقة لسلمان وصلت مصر بالفعل أول يوم أمس، وعقدت اجتماعات موسعة في مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، والسفارة السعودية بالجيزة، بين مسؤولين مصريين، لتنسيق ما سيتم إعلانه خلال الزيارة من مشروعات للتعاون بين البلدين، موضحة أن "قمة سلمان والسيسي سيصدر عنها بيان ختامي عن تطوير العلاقات بين البلدين".
وأضافت أن الزيارة تأتي في إطار "ممارسة السعودية دورها الذي رسمته لنفسها كقائدة للدول العربية والإسلامية، إذ سيركز الملك سلمان ومرافقوه على محاولة إقناع السيسي بطي صفحة الماضي من الخلافات مع دولتي تركيا وقطر، وبدء مرحلة جديدة من التعاون معهما، وذلك على خلفية الاستعدادات لانطلاق أعمال القمة الإسلامية الشهر الحالي في إسطنبول التركية".
وتابعت المصادر أن "السعودية ترغب في أن تتم مراسم تسليم رئاسة القمة الإسلامية من مصر إلى تركيا بحضور السيسي، وهو ما يرفضه الأخير حتى الآن، باعتبار أن تركيا لم تعد دولة صديقة للنظام المصري في ظل حالة تخفيض التمثيل الدبلوماسي والعداء السياسي بين النظام الحاكم في الدولتين"، مرجحة أن "تكشف الأيام التالية لزيارة سلمان إلى القاهرة الموقف النهائي للسيسي من زيارة تركيا".
ويبدو السيسي تحت ضغط سياسي وإعلامي كبير من صقور الدوائر الأمنية والاستخباراتية التي شاركت في صنع نظامه، لمنعه من أية خطوة تقارب، باعتبار أن العداء مع الدول التي لها علاقات جيدة مع "الإخوان المسلمين" هو أحد أسس شعبيته وشرعيته، في نظرهم.
وأكدت المصادر أن السيسي كعادته في مراحل العلاقة مع السعودية وغيرها من الدول الخليجية الداعمة له، يرغب في تحييد موضوع تركيا وقطر في المرحلة الحالية، والتركيز على تطوير العلاقات الثنائية مع السعودية، بتكريس معادلة "التعاون الأمني والعسكري والاستخباراتي وتسهيل الاستثمار مقابل استمرار تدفق المساعدات الاقتصادية".
في المقابل، ترى القيادة السعودية، وبصفة خاصة بعدما أعلنت إطلاق التعاون العسكري بين الدول الإسلامية، أنه لا بديل عن تحقيق التوافق بين مصر وتركيا، باعتبارهما الدولتين صاحبتي الجيشين الأقوى بين هذه الدول، وعلى الأقل الوصول بالعلاقة بينهما إلى حالة اللاحرب واللاسلم لتسهيل تحقيق أهداف التحالف الذي تريد تدشينه ضد جماعات العنف والإرهاب في المنطقة.
اقــرأ أيضاً
ولا يُعتبر هذا الخلاف الاستراتيجي بين مصر والسعودية الوحيد على قائمة الخلافات، التي تضم أيضاً قضية القوة العربية المشتركة، التي قطعت السعودية الطريق أمام السيسي عدة مرات لتدشينها، إذ كان يرغب في تمرير هذا المشروع تحت مظلة جامعة الدول العربية، وهو ما رفضته السعودية، واختارت المضي قدماً في مشروعها المستقل بقيادة تحالف عسكري إسلامي، بما يحمله من تحدٍ للقوى الإقليمية المناوئة لها وأبرزها إيران. ولا يريد السيسي من جهته المشاركة في تحالف على هذا النحو، بل يريد اقتصار التحالف على الدول العربية، حتى لا يجد نفسه مضطراً لخوض معارك توقعه في صدام أو قطيعة مع نظم إقليمية وعربية داعمة له، ويريد فقط تكرار سيناريو مشاركته التي وصفتها السعودية أكثر من مرة بالفاعلة، في عمليات "عاصفة الحزم" في اليمن.
ولا يرغب السيسي أيضاً في التصادم مع دول أخرى داعمة له، على رأسها روسيا، بالتورط في تحالفات عسكرية أوسع من الدور المرسوم له إقليمياً، وعلى هذا الأساس رفض مشاركة السعودية في توجيه ضربات لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مبرراً ذلك بأنه يحارب منفرداً جناحاً لـ"داعش" في سيناء ويحاصر جناحاً آخر للتنظيم في شرق ليبيا. ورأت المصادر الدبلوماسية أن "اختباراً صعباً سيواجه السيسي في هذه الزيارة، بمحاولته التصدي لمطالبة السعودية له بالمشاركة في القمة الإسلامية، في ظل تخطيطه لتقديم مزيد من العروض والتسهيلات الاستثمارية لجذب رؤوس الأموال السعودية والمساعدات".
وحول مدى قوة النفوذ السعودي على القرار المصري، ومدى إمكانية تأثر السيسي بمطالبات التقارب والمصالحة، قالت المصادر إنه "لا يمكن التكهن بما سيحدث، ولكن النفوذ السعودي ليس ضئيلاً"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن فصل التطور الأخير في العلاقات بين مصر وحركة حماس في غزة عن الانفتاح السعودي تجاه حماس بعد سنوات من الفتور، فالأمر مرتبط بأبعاد إقليمية، وليس فقط رغبة مصر وحماس في تهدئة الأوضاع بشمال شرقي سيناء والمصلحة المشتركة لتسهيل حركة التجارة والانتقال مقابل التأمين".
وبعيداً عن المفاوضات السياسية والتحالف العسكري، جهّزت الحكومة المصرية بناءً على تعليمات السيسي برنامجاً للعرض على الملك سلمان يتضمن الإجراءات التي تمت منذ الإطاحة بحكم جماعة "الإخوان" منتصف العام 2013 لتشجيع الاستثمار السعودي في مصر، وكذلك ما صنعته الحكومة بالأموال التي قدّمتها السعودية كمِنح لا تُرد لمصر.
وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إن السيسي سيبلغ الملك سلمان بما يصفه بأنه تسوية المنازعات الاستثمارية بين الحكومة وأكثر من 120 رجل أعمال سعوديا، وباستغلال المعونات السعودية في مشروعات تطوير الطرق والمياه والصرف الصحي والكهرباء، وبما شهده مشروع إنشاء جامعة الملك عبدالله في منطقة هضبة الجلالة بين القاهرة والسويس، وبالمخطط الاستراتيجي لهذه المنطقة والتي يخطط السيسي أن تكون محطة جذب أساسية للسائحين السعوديين، وذلك من خلال إنشاء "مارينا" خاصة لليخوت وتجمعات سكنية راقية بالقرب من الجامعة، وكذلك مشروع إنشاء جامعة باسم الملك سلمان في جنوب سيناء وتجمعات بدوية بمساعدات سعودية.
وتشهد الزيارة أيضاً عقد الاجتماع السادس للمجلس التنسيقي المصري السعودي، وسيتم توقيع اتفاقيات في مجالات الزراعة والعمل والنقل البحري والموانئ والإنتاج التلفزيوني المشترك والضرائب والجمارك. وأعلنت وزيرة التعاون الدولي المصرية سحر نصر، العضو في المجلس التنسيقي، أنه سيتم إعلان تفاصيل اتفاقية بين الوزارة والصندوق السعودي للتنمية الموقعة في 5 يناير/ كانون الثاني الماضي بقيمة 1.5 مليار دولار للمساهمة في تمويل برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء. ويسعى السيسي أيضاً إلى الإسراع في استيراد كمية من المساعدات البترولية التي تم توقيع اتفاقية بشأنها خلال الاجتماع الرابع للمجلس التنسيقي، باستيراد 700 ألف متر مكعب من المواد البترولية السائلة شهرياً، من بينها 500 ألف من السولار، و150 ألفاً من البنزين، و50 ألفاً من المازوت.
وأوضحت المصادر الحكومية أن الزيارة ستشهد تحديد موعد نهائي لاجتماع فني عسكري رفيع المستوى لحسم مسألة الحدود البحرية بين البلدين، وهو الملف المفتوح من دون حلول نهائية منذ عام 2003، وسينعكس على مُلكية البلدين لبعض الجزر في عرض البحر الأحمر، منها ما استخدمته مصر سابقاً كمناطق عسكرية خلال حربها مع إسرائيل في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
ويبدو السيسي تحت ضغط سياسي وإعلامي كبير من صقور الدوائر الأمنية والاستخباراتية التي شاركت في صنع نظامه، لمنعه من أية خطوة تقارب، باعتبار أن العداء مع الدول التي لها علاقات جيدة مع "الإخوان المسلمين" هو أحد أسس شعبيته وشرعيته، في نظرهم.
وأكدت المصادر أن السيسي كعادته في مراحل العلاقة مع السعودية وغيرها من الدول الخليجية الداعمة له، يرغب في تحييد موضوع تركيا وقطر في المرحلة الحالية، والتركيز على تطوير العلاقات الثنائية مع السعودية، بتكريس معادلة "التعاون الأمني والعسكري والاستخباراتي وتسهيل الاستثمار مقابل استمرار تدفق المساعدات الاقتصادية".
في المقابل، ترى القيادة السعودية، وبصفة خاصة بعدما أعلنت إطلاق التعاون العسكري بين الدول الإسلامية، أنه لا بديل عن تحقيق التوافق بين مصر وتركيا، باعتبارهما الدولتين صاحبتي الجيشين الأقوى بين هذه الدول، وعلى الأقل الوصول بالعلاقة بينهما إلى حالة اللاحرب واللاسلم لتسهيل تحقيق أهداف التحالف الذي تريد تدشينه ضد جماعات العنف والإرهاب في المنطقة.
ولا يُعتبر هذا الخلاف الاستراتيجي بين مصر والسعودية الوحيد على قائمة الخلافات، التي تضم أيضاً قضية القوة العربية المشتركة، التي قطعت السعودية الطريق أمام السيسي عدة مرات لتدشينها، إذ كان يرغب في تمرير هذا المشروع تحت مظلة جامعة الدول العربية، وهو ما رفضته السعودية، واختارت المضي قدماً في مشروعها المستقل بقيادة تحالف عسكري إسلامي، بما يحمله من تحدٍ للقوى الإقليمية المناوئة لها وأبرزها إيران. ولا يريد السيسي من جهته المشاركة في تحالف على هذا النحو، بل يريد اقتصار التحالف على الدول العربية، حتى لا يجد نفسه مضطراً لخوض معارك توقعه في صدام أو قطيعة مع نظم إقليمية وعربية داعمة له، ويريد فقط تكرار سيناريو مشاركته التي وصفتها السعودية أكثر من مرة بالفاعلة، في عمليات "عاصفة الحزم" في اليمن.
ولا يرغب السيسي أيضاً في التصادم مع دول أخرى داعمة له، على رأسها روسيا، بالتورط في تحالفات عسكرية أوسع من الدور المرسوم له إقليمياً، وعلى هذا الأساس رفض مشاركة السعودية في توجيه ضربات لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مبرراً ذلك بأنه يحارب منفرداً جناحاً لـ"داعش" في سيناء ويحاصر جناحاً آخر للتنظيم في شرق ليبيا. ورأت المصادر الدبلوماسية أن "اختباراً صعباً سيواجه السيسي في هذه الزيارة، بمحاولته التصدي لمطالبة السعودية له بالمشاركة في القمة الإسلامية، في ظل تخطيطه لتقديم مزيد من العروض والتسهيلات الاستثمارية لجذب رؤوس الأموال السعودية والمساعدات".
وحول مدى قوة النفوذ السعودي على القرار المصري، ومدى إمكانية تأثر السيسي بمطالبات التقارب والمصالحة، قالت المصادر إنه "لا يمكن التكهن بما سيحدث، ولكن النفوذ السعودي ليس ضئيلاً"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن فصل التطور الأخير في العلاقات بين مصر وحركة حماس في غزة عن الانفتاح السعودي تجاه حماس بعد سنوات من الفتور، فالأمر مرتبط بأبعاد إقليمية، وليس فقط رغبة مصر وحماس في تهدئة الأوضاع بشمال شرقي سيناء والمصلحة المشتركة لتسهيل حركة التجارة والانتقال مقابل التأمين".
وبعيداً عن المفاوضات السياسية والتحالف العسكري، جهّزت الحكومة المصرية بناءً على تعليمات السيسي برنامجاً للعرض على الملك سلمان يتضمن الإجراءات التي تمت منذ الإطاحة بحكم جماعة "الإخوان" منتصف العام 2013 لتشجيع الاستثمار السعودي في مصر، وكذلك ما صنعته الحكومة بالأموال التي قدّمتها السعودية كمِنح لا تُرد لمصر.
وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إن السيسي سيبلغ الملك سلمان بما يصفه بأنه تسوية المنازعات الاستثمارية بين الحكومة وأكثر من 120 رجل أعمال سعوديا، وباستغلال المعونات السعودية في مشروعات تطوير الطرق والمياه والصرف الصحي والكهرباء، وبما شهده مشروع إنشاء جامعة الملك عبدالله في منطقة هضبة الجلالة بين القاهرة والسويس، وبالمخطط الاستراتيجي لهذه المنطقة والتي يخطط السيسي أن تكون محطة جذب أساسية للسائحين السعوديين، وذلك من خلال إنشاء "مارينا" خاصة لليخوت وتجمعات سكنية راقية بالقرب من الجامعة، وكذلك مشروع إنشاء جامعة باسم الملك سلمان في جنوب سيناء وتجمعات بدوية بمساعدات سعودية.
وأوضحت المصادر الحكومية أن الزيارة ستشهد تحديد موعد نهائي لاجتماع فني عسكري رفيع المستوى لحسم مسألة الحدود البحرية بين البلدين، وهو الملف المفتوح من دون حلول نهائية منذ عام 2003، وسينعكس على مُلكية البلدين لبعض الجزر في عرض البحر الأحمر، منها ما استخدمته مصر سابقاً كمناطق عسكرية خلال حربها مع إسرائيل في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.