امتداداً للنهج الدموي الذي اعتمدته وزارة الداخلية المصرية في قمع المعارضة السياسية منذ 30 يونيو/حزيران 2013، والانقلاب العسكري؛ شهد عام 2016 المزيد من جرائم النظام، والتي تجسّد عدم احترامه الدستور والقانون.
وقد تعددت حالات إدانة المنظمات الحقوقية للسلطة المصرية هذا العام، بسبب الانتهاكات البشعة، وعلى رأسها اعتماد مبدأ التصفية السياسية للمعارضين من دون محاكمة، بحجة خطورتهم على الأمن القومي، إذ تتجاوز المؤسسة الأمنية دورها بضبط المتهمين من أجل تقديمهم للتحقيق والقضاء، مختصرةً، بذلك، جميع الأدوار في يدها؛ فهي التي تحدد المتهمين ثم توزع عليهم التهم الجاهزة، وتثبتها من دون الحاجة إلى تحقيق أو محاكمة، وتعطي لنفسها الحق في الحكم بالإعدام على من تشاء، من خلال تصفيته جسدياً، إذ يتم ذلك باستمرار دون أدنى مساءلة.
قتلوه كأنه مصري!
بدأ عام 2016 بمقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بعد أن اختُطف في 25 يناير/ كانون الثاني، ثم عذب وقتل وألقي في الصحراء. كان عنوان القضية الأشهر: "قتلوه كأنه مصري"، وهي عبارة والدة ريجيني، والتي تناقلتها وكالة الأنباء لتؤكد معرفة الغرب بممارسات النظام المصري مع مواطنيه.
وتسببت أزمة ريجيني في أزمة دبلوماسية بين إيطاليا وحكومة السيسي، بعد اتهامات إيطالية متتالية للحكومة المصرية بعدم التعاون، في حين هدّدت والدة ريجيني بالكشف عن صور مؤلمة لجثة ابنها تثبت تعرضه للتعذيب الشديد قبل موته، إذا استمرت مماطلة الجانب المصري.
اقــرأ أيضاً
معالجة الجريمة بجريمة
من أجل "تقفيل" ملف قضية ريجيني على الطريقة المصرية الأكثر يسراً، حاولت السلطات تصدير قصة تفيد بالعثور على القتلة الحقيقيين لريجيني ثم تصفيتهم، وذلك حتى يتم إنهاء التحقيقات التي قد تورط مسؤولين كباراً في المؤسسة الأمنية.
وفي 24 مارس/آذار أطلقت قوات الأمن النار على خمسة أشخاص كانوا يستقلون شاحنة، فقتلوا على الفور، وقد وصفتهم المؤسسة الأمنية، لاحقًا، بأنهم التشكيل العصابي الذي تخصص في سرقة الأجانب، وأن الشاب الإيطالي المغدور كان أحد ضحاياهم، وقد عرضت وزارة الداخلية بعض ممتلكات ريجيني، زاعمة أنها وجدت بحوزة اللصوص بعد تفتيش منزلهم.
ولكن هذا السيناريو الساذج لم يقنع فريق التحقيق الإيطالي ولا الحكومة التي سخرت منه، وزاد من تعقيد الأمر وقد وصفت الصحف الإيطالية قتلى العملية بالضحايا، وطالبت بالتحقيق في مقتلهم.
اقــرأ أيضاً
بيانات التصفية المستنسخة
منذ بدايات 2016، وبيانات الداخلية تكاد تكون مستنسخة، إذ تُلقي بالتهمة على المعارضين وتؤكّدها من دون أي تحقيق قضائي، ولو صوري، ثم تتحدّث عن "مقاومة المتهم من خلال إطلاق النار على الشرطة التي بادلته بإطلاق النار فأردته صريعاً"، لتبرير عملية القتل من دون إلقاء القبض على "المطلوبين".
في 25 يناير، خرج بيان للداخلية يتحدث عن مصرع ثلاثة من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، في عمليتين منفصلتين؛ الأولى تفيد بتصفية الشقيقين جابر وسيد محمود حسيب إبراهيم، بعد اتهامهما بقتل شرطيين. والثانية تتحدث عن تصفية محمد حمدان محمد علي، في محافظة بني سويف. لكن أقارب حمدان عندما سمحت لهم الداخلية باستلام جثته لاحظوا عليها آثار التعذيب الشديد واضحة. وكان حمدان قد أُلقي القبض عليه من مقر عمله في المديرية الزراعية في بني سويف في 10 يناير/كانون الثاني، وأرسل شقيقه خطابًا إلى المحامي العام يفيد باعتقاله، ثم بعد ذلك بأسبوعين، صدر بيان من الداخلية يشير إلى تصفيته في الزراعات بما لا يقل عن 12 رصاصة.
محمد كمال وياسر شحاتة
في صباح يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول، نشرت صحف ومواقع إلكترونية مقربة من النظام خبراً منسوباً إلى مصادر أمنية يفيد بالقبض على عضو مكتب الإرشاد في الجماعة، والبرلماني السابق، الدكتور محمد كمال. لكن لم تمرّ غير ساعتين حتى جاء بيان الداخلية الرسمي الذي يتحدث عن تصفية الدكتور محمد كمال وزميله ياسر شحاتة داخل شقة بالبساتين، بعد أن ذكر التقرير أن تصفيتهما جاءت بعد تبادل لإطلاق النار، وبعد أن كالت له الاتهامات بالضلوع في العديد من محاولات الاغتيال.
وقد أظهرت الصور تلقي كمال وشحاتة العديد من الطلقات في الظهر. وربطت تقارير هذه العملية بعملية تصفية تسعة من جماعة الإخوان داخل شقة بمدينة 6 أكتوبر في يونيو/حزيران 2015، كان من بينهم القيادي الإخواني ناصر الحافي. وقد أظهرت الصور طلقات في الظهر لأغلب الضحايا، وأصابع جرى أخذ بصماتها، في إشارة إلى أن تحقيقاً أجري معهم قبل تصفيتهم.
تصفية آخر العام
شهد مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول تصفية ثلاثة من الشباب الذين تم اعتقالهم منذ فترة، إذ جاء بيان الداخلية ليفيد بتصفية محمد سيد حسين زكي، وعلاء رجب أحمد عويس، وعبدالرحمن جمال، داخل إحدى الشقق في محافظة أسيوط. وتظهر وثائق في حوزة أقارب القتلى أن هؤلاء الشباب قد اعتقلوا منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وقد تعددت حالات إدانة المنظمات الحقوقية للسلطة المصرية هذا العام، بسبب الانتهاكات البشعة، وعلى رأسها اعتماد مبدأ التصفية السياسية للمعارضين من دون محاكمة، بحجة خطورتهم على الأمن القومي، إذ تتجاوز المؤسسة الأمنية دورها بضبط المتهمين من أجل تقديمهم للتحقيق والقضاء، مختصرةً، بذلك، جميع الأدوار في يدها؛ فهي التي تحدد المتهمين ثم توزع عليهم التهم الجاهزة، وتثبتها من دون الحاجة إلى تحقيق أو محاكمة، وتعطي لنفسها الحق في الحكم بالإعدام على من تشاء، من خلال تصفيته جسدياً، إذ يتم ذلك باستمرار دون أدنى مساءلة.
قتلوه كأنه مصري!
بدأ عام 2016 بمقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بعد أن اختُطف في 25 يناير/ كانون الثاني، ثم عذب وقتل وألقي في الصحراء. كان عنوان القضية الأشهر: "قتلوه كأنه مصري"، وهي عبارة والدة ريجيني، والتي تناقلتها وكالة الأنباء لتؤكد معرفة الغرب بممارسات النظام المصري مع مواطنيه.
وتسببت أزمة ريجيني في أزمة دبلوماسية بين إيطاليا وحكومة السيسي، بعد اتهامات إيطالية متتالية للحكومة المصرية بعدم التعاون، في حين هدّدت والدة ريجيني بالكشف عن صور مؤلمة لجثة ابنها تثبت تعرضه للتعذيب الشديد قبل موته، إذا استمرت مماطلة الجانب المصري.
معالجة الجريمة بجريمة
من أجل "تقفيل" ملف قضية ريجيني على الطريقة المصرية الأكثر يسراً، حاولت السلطات تصدير قصة تفيد بالعثور على القتلة الحقيقيين لريجيني ثم تصفيتهم، وذلك حتى يتم إنهاء التحقيقات التي قد تورط مسؤولين كباراً في المؤسسة الأمنية.
وفي 24 مارس/آذار أطلقت قوات الأمن النار على خمسة أشخاص كانوا يستقلون شاحنة، فقتلوا على الفور، وقد وصفتهم المؤسسة الأمنية، لاحقًا، بأنهم التشكيل العصابي الذي تخصص في سرقة الأجانب، وأن الشاب الإيطالي المغدور كان أحد ضحاياهم، وقد عرضت وزارة الداخلية بعض ممتلكات ريجيني، زاعمة أنها وجدت بحوزة اللصوص بعد تفتيش منزلهم.
ولكن هذا السيناريو الساذج لم يقنع فريق التحقيق الإيطالي ولا الحكومة التي سخرت منه، وزاد من تعقيد الأمر وقد وصفت الصحف الإيطالية قتلى العملية بالضحايا، وطالبت بالتحقيق في مقتلهم.
بيانات التصفية المستنسخة
منذ بدايات 2016، وبيانات الداخلية تكاد تكون مستنسخة، إذ تُلقي بالتهمة على المعارضين وتؤكّدها من دون أي تحقيق قضائي، ولو صوري، ثم تتحدّث عن "مقاومة المتهم من خلال إطلاق النار على الشرطة التي بادلته بإطلاق النار فأردته صريعاً"، لتبرير عملية القتل من دون إلقاء القبض على "المطلوبين".
في 25 يناير، خرج بيان للداخلية يتحدث عن مصرع ثلاثة من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، في عمليتين منفصلتين؛ الأولى تفيد بتصفية الشقيقين جابر وسيد محمود حسيب إبراهيم، بعد اتهامهما بقتل شرطيين. والثانية تتحدث عن تصفية محمد حمدان محمد علي، في محافظة بني سويف. لكن أقارب حمدان عندما سمحت لهم الداخلية باستلام جثته لاحظوا عليها آثار التعذيب الشديد واضحة. وكان حمدان قد أُلقي القبض عليه من مقر عمله في المديرية الزراعية في بني سويف في 10 يناير/كانون الثاني، وأرسل شقيقه خطابًا إلى المحامي العام يفيد باعتقاله، ثم بعد ذلك بأسبوعين، صدر بيان من الداخلية يشير إلى تصفيته في الزراعات بما لا يقل عن 12 رصاصة.
محمد كمال وياسر شحاتة
في صباح يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول، نشرت صحف ومواقع إلكترونية مقربة من النظام خبراً منسوباً إلى مصادر أمنية يفيد بالقبض على عضو مكتب الإرشاد في الجماعة، والبرلماني السابق، الدكتور محمد كمال. لكن لم تمرّ غير ساعتين حتى جاء بيان الداخلية الرسمي الذي يتحدث عن تصفية الدكتور محمد كمال وزميله ياسر شحاتة داخل شقة بالبساتين، بعد أن ذكر التقرير أن تصفيتهما جاءت بعد تبادل لإطلاق النار، وبعد أن كالت له الاتهامات بالضلوع في العديد من محاولات الاغتيال.
وقد أظهرت الصور تلقي كمال وشحاتة العديد من الطلقات في الظهر. وربطت تقارير هذه العملية بعملية تصفية تسعة من جماعة الإخوان داخل شقة بمدينة 6 أكتوبر في يونيو/حزيران 2015، كان من بينهم القيادي الإخواني ناصر الحافي. وقد أظهرت الصور طلقات في الظهر لأغلب الضحايا، وأصابع جرى أخذ بصماتها، في إشارة إلى أن تحقيقاً أجري معهم قبل تصفيتهم.
تصفية آخر العام
شهد مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول تصفية ثلاثة من الشباب الذين تم اعتقالهم منذ فترة، إذ جاء بيان الداخلية ليفيد بتصفية محمد سيد حسين زكي، وعلاء رجب أحمد عويس، وعبدالرحمن جمال، داخل إحدى الشقق في محافظة أسيوط. وتظهر وثائق في حوزة أقارب القتلى أن هؤلاء الشباب قد اعتقلوا منذ أكثر من ثلاثة أشهر.