على نحو متسارع، سجّلت محافظة ديالى العراقية (المرتبطة حدوديا مع إيران) عودة العبوات الناسفة إلى بساتينها، والتي تسببت خلال الشهرين الأخيرين بوقوع عدد من القتلى والجرحى، وبينما لم تتحذ القوات الأمنية أي إجراءات لتوفير الحماية اللازمة لها، ولم تكشف التحقيقات الجارية عن الجهة التي تقف وراء تلك العبوات، تسببت تلك العبوات بحالة رعب لدى الأهالي الذين باتوا يخشون دخول بساتينهم والعمل بها.
عودة العبوات مثلت تراجعا خطيرا بالملف الأمني في المحافظة، بعد أن اختفت منها بشكل شبه كامل خلال السنة الأخيرة، بينما حمّل الأهالي الجهات القائمة على إدارة الملف الأمني مسؤولية ذلك.
ولم تكشف الجهات المسؤولة عن أمن المحافظة عن تفاصيل تلك العبوات أو ضحاياها، بينما أكد مسؤول أمني بالمحافظة، أنّ "الشهرين الأخيرين سجلت فيهما المحافظة نحو 20 انفجارا بعبوات ناسفة في عدد من بساتين المحافظة"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبوات زرعت ببساتين مناطق الوقف، وتزرع في طرق بساتينها ليلا، وتنفجر على الفلاحين صباح اليوم التالي".
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "تلك العبوات تسببت بمقتل وإصابة 18 فلاحا"، مبينا أنّ "تكرار الحوادث يعني أن مسلسل العبوات عاد من جديد إلى المحافظة، ما تسبب بحالة ذعر لدى الأهالي وخاصة الفلاحين منهم، الذين يتجنبون دخول البساتين خوفا من وجود العبوات بداخلها".
التراجع الأمني في ملف المحافظة، التي تسيطر على ملفيها الأمني والسياسي مليشيات "الحشد الشعبي"، دفع مسؤولين بالمحافظة إلى المطالبة بمراجعة ملفها الأمني من جديد، وإيجاد الحلول للسيطرة عليه.
وقال رئيس الحكومة المحلية للمحافظة، علي الدايني، إنّ "الوقت حان لعقد مؤتمر أمني في ديالى، بحضور وزراء الأمن، من أجل وضع خارطة طريق جديدة تحافظ على المنجز الأمني، وتعالج المخاطر في المحافظة"، مؤكدا في تصريح صحافي، أنّ "عدم إعطاء هذا الملف الأهمية التي يتطلبها، سيكون له تداعيات خطيرة على المحافظة"، مشددا على أن "بعض الخروقات قد تؤدي إلى نيران وأزمات قد تنعكس سلبا على السلم الأهلي بالمحافظة".
وأشار إلى أنّ "المحافظة سجلت سقوط ضحايا بمناطق متفرقة"، مشددا على ضرورة أن "يتم حسم ملف عودة النازحين إلى مناطقهم المحررة، وتوفير القوات أو تطويع أبنائها لحمايتها".
الأهالي من جهتهم، انتقدوا الصمت الأمني تجاه ذلك، مستغربين عدم اتخاذ إجراءات أمنية تحد من خطر العبوات.
وقال أبو حازم، وهو أحد الفلاحين في منطقة الوقف، إنّ "حالة من القلق والرعب تسود أجواء تلك المناطق، حتى بات دخول البساتين أمرا خطيرا بسبب تلك العبوات"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "التحقيقات بالكشف عن الجهات المسؤولة لم تكن بالمستوى المطلوب، كما أنّ الإجراءات الأمنية المتبعة لا تكفي لتوفير الحماية وعودة الأمن للمحافظة".
وحمل "الجهات القائمة على إدارة الملف الأمني مسؤولية ذلك، قائلًا إن "عليها أن تتخذ الإجراءات الضرورية لتأمين المحافظة، أو تنسحب وتسلم الملف إلى جهات أخرى".
وكانت العبوات الناسفة في السنوات السابقة التهديد الأكبر في العراق، وتسببت بسقوط آلاف من القتلى والجرحى، وإنّ عودتها من جديد تعني انتكاسة بمستوى أداء المؤسسات الأمنية في البلاد.