قد يكون اسم بريت كافانو هو الأكثر تداولاً في الولايات المتحدة، هذه الأيام، بسبب الجدل الكبير الذي أثير حوله، بعد توجيه اتهامات له بالتحرش والاعتداء الجنسي، في وقت حساس من مسيرته المهنية، إذ إنه مرشح الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمحكمة العليا.
وفي يوم الإثنين الماضي، اجتاح وسم #BelieveSurvivors "تويتر"، حيث غردت أعداد كبيرة من النساء الأميركيات وهن يرتدين ملابس سوداء، دعماً للنساء اللواتي وجّهن اتهامات لكافانو.
ورغم أن اتهامات التحرش قد حدثت قبل عقود، إلا أن كافانو في حال وصوله إلى المحكمة العليا، يعني أنه سيكون رأس الهرم في الحكم في قضايا حساسة، مثل الإجهاض والاعتداء الجنسي، الأمر الذي دفع ضحاياه من النساء إلى التحدث، لتجنّب عواقب وخيمة مستقبلاً، بحسب قولهن.
من هو بريت كافانو؟
وُلد كافانو، البالغ من العمر 53 عاماً، في العاصمة واشنطن، وترعرع في ولاية ماريلاند.
شغل منصب المحامي والسكرتير العام للرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، قبل أن ينتقل إلى محكمة الاستئناف الأميركية لدائرة العاصمة في عام 2006. في منصبه بمحكمة الاستئناف، كان له الكلمة الأخيرة في آلاف القضايا. ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن كافانو أصبح معروفاً بآرائه المحافظة، خصوصًا في قضايا مثل الإجهاض.
وقد أثار جدلاً عام 2017 عندما عارض الحكم الذي يسمح لمهاجرة تبلغ 17 عاماً بإجهاض جنينها. ودافع كافانو عن موقفه وقتها. وفي يوليو/تموز 2018، بعد تقاعد أنتوني كينيدي، قاضي المحكمة العليا الذي شغل ذلك المنصب لفترة طويلة، رشح ترامب كافانو للمحكمة العليا، ووصفه ترامب بأنه "واحد من أرقى العقول القانونية في عصرنا".
ما هي المحكمة العليا؟
تعتبر أعلى محكمة في الولايات المتحدة، ويتم اختيار القضاة من قبل رئيس الجمهورية، وهم المحكّمون النهائيون قانونياً، ويتعاملون مع القضايا المثيرة للجدل. ويشعر الكثير من الديمقراطيين واليساريين، بالقلق من تولّي كافانو ذلك المنصب، خشية أن تؤثر آراؤه المحافظة على العديد من القوانين والحقوق.
لماذا تعيين كافانو مهم؟
تضم المحكمة العليا في عضويتها 9 قضاة، يترأسهم حاليا القاضي جون روبيرتس جونيور، ويعد الأخير الرئيس السابع عشر للمحكمة، فيما مر بتاريخ المحكمة منذ تأسيسها 101 قاض وقاضية. ويتم التعيين في المحكمة لمدى الحياة، حتى اختيار القاضي الحصول على التقاعد أو الاستقالة.
وللمحكمة الكلمة الأخيرة للفصل في أي قوانين تثير الجدل، وأي خلافات قد تظهر بين الولايات الأميركية والحكومة الفيدرالية، وكذا تأييد أو رفض أحكام القضاء. وفي حال تمكّن كافانو من الحصول على تأييد مجلس الشيوخ، فإن ذلك سيميل الكفة لصالح المحافظين داخل المحكمة، ليصبح عدد القضاة المحسوبين على الحزب الجمهوري خمسة بدل أربعة حاليا، مقابل أربعة من المحسوبين على الحزب الديمقراطي.
كيف بدأت الاتهامات؟
بعد وقت قصير من ترشيح كافانو، في 30 يوليو/تموز 2018، تلقت السيناتور ديان فاينشتاين من كاليفورنيا رسالة سرية من امرأة زعمت أنها تعرّضت للاعتداء الجنسي من قبل كافانو، في مرحلة دراستهما الثانوية في الثمانينيات.
في 16 من سبتمبر/أيلول، كشفت السيدة عن نفسها، وتبيّن أنها الدكتورة كريستين بلازي فورد، الأستاذة في جامعة بالو ألتو.
وأجرت مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" تحدثت فيها عن ذلك الاعتداء، كما أدلت فورد بشهادتها أمام لجنة العدل في مجلس الشيوخ، يوم الأربعاء، وقالت فيها: "اعتقدت أنّه سيغتصبني (...) أنا لست هنا اليوم لأنني أريد ذلك. أنا مرتعبة. أنا هنا لأنني أعتبر أنّ من واجبي المدني أن أخبركم بما حدث معي عندما كنا أنا وبريت كافانو في المدرسة الثانوية".
https://www.facebook.com/ABCNews/videos/946839512172020/ |
هل من اتهامات أخرى؟
الدكتورة فورد ليست السيدة الوحيدة التي وجّهت اتهامات بالاعتداء الجنسي لكافانو، حيث قالت جولي سويتنيك، إنها شاهدت تجاوزات جنسية من جانب بريت كافانو، وإنها تعرضت للاغتصاب الجماعي خلال سهرة، في مطلع الثمانينيات، حضرها كافانو.
وكذلك اتهمته ديبورا راميريز، التي تقول إنّ كافانو كشف عن عضوه التناسلي أمامها، أثناء حفل في جامعة ييل، في ثمانينيات القرن الماضي، وجعلها تلامسه من دون موافقتها، بينما كانت هي تدفعه بعيداً عنها.
بدورها، قالت جولي سويتنيك، في بيان نشره محاميها الأربعاء الماضي، إن الوقائع حصلت خلال سهرات ارتادتها عندما كانت طالبة في المرحلة الثانوية في ضواحي ميريلاند. وأوردت أنها شاهدت كافانو يتصرف مثل "ثمل حقير" في مثل تلك السهرات، ورأته "يمارس سلوكا غير لائق بدرجة كبيرة"، مثل "ملامسة الشابات في أماكنهن الحميمة بدون موافقتهن".
وأضافت سويتنيك: "رأيت بريت كافانو يفرط في شرب الكحول في العديد من تلك السهرات ويتصرف بشكل مسيء وعنيف جسديا تجاه شابات، مثل الالتصاق بالفتيات بدون موافقتهن والضغط عليهن، ومحاولة نزع أو تبديل ملابس الشابات لكشف أماكنهن الحميمة". وقالت: "شاهدته أيضا يوجه إساءات لفظية للشابات بالقيام بتعليقات جنسية فظة، بهدف الانتقاص من قدرهن وإذلالهن وإحراجهن".
وأوضحت سويتنيك، التي عملت للحكومة الفيدرالية الأميركية، أنها تعرضت للتخدير والاغتصاب الجماعي في سهرة بحدود 1982 حضرها كافانو. ولم تحدد ما إذا كان كافانو شارك أو كان على علم بتعرّضها للاغتصاب، لكنها قالت إن كافانو وشبابا آخرين من دائرته المقربة انخرطوا في سلوك مماثل.
بماذا ردّ كافانو؟
قال القاضي بريت كافانو، إن ما يحدث في مجلس الشيوخ الأميركي "وصمة عار"، موضحاً أنه لن يسحب ترشيحه للمحكمة، رغم اتهامه بالاعتداء الجنسي من قبل كريستين بلازي فورد.
وأضاف بغضب، خلال الإدلاء بشهادته للجنة قضائية تابعة لمجلس الشيوخ، يوم الخميس: "لا أحد سيرغمني على الانسحاب من هذه العملية"، في مداخلة بعد ساعة من انتهاء الشهادة التي أدلت بها الأكاديمية التي تتهمه بالاعتداء جنسيًا عليها.
ما هو موقف الرئيس ترامب؟
من جهته، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنه مستعد لسحب الترشيح عن القاضي بريت كافانو، لشغل منصب في المحكمة العليا، إن ثبت فعلاً أن ادعاءات النساء اللواتي يتهمنه بالتحرش والاعتداء الجنسي صحيحة.
ودافع ترامب عن مرشحه كافانو، وعبّر عن اعتقاده بأن اتهامات النساء غير صحيحة. وأضاف أن "تلك الاتهامات دمرت حياة عائلته. ولماذا انتظرت تلك النساء والنواب عن الحزب الديمقراطي كل هذا الوقت"، قائلاً إن كافانو "أعظم شخص تم ترشيحه للمحكمة العليا".
ويوم أمس الجمعة، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الـ"إف بي آي" بإجراء مزيد من التحقيقات حول كافانو، وهو ما سيؤجّل تصويتاً منتظراً في مجلس الشيوخ لتثبيت كافانو في المحكمة العليا.