وبذلك، ستكون ميركل أول قائد دولة أوروبية يلتقي بوتين بعد تنصيبه لولاية رئاسية رابعة، على أن يليه لقاء مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على هامش منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي يومي 24 و25 مايو/أيار الجاري.
وتأمل المستشارة الألمانية بتحقيق مزيد من التقارب في الملفات الساخنة، مع "الانعطافة" الأوروبية نحو موسكو بفعل الاستفزاز الأميركي، وبعد أن باتت العديد من القضايا بين روسيا وأوروبا غير واضحة المعالم، من دون إغفال القناعة التامة بأن روسيا سعيدة سرًا بالانقسام المستجد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وتتصدر ملفات المباحثات بين الجانبين تداعيات انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني الذي يشكل مصدر قلق لأوروبا. وستطلب ميركل دعم بوتين كحليف وثيق ومؤثر بالنسبة لإيران، وذلك بعد أن حدد الإيرانيون للأوروبيين مهلة 60 يومًا لإصدار ضمانات لاستمرار الاتفاقية، والحصول على تعويضات عن العقوبات الاقتصادية الأميركية. من هنا، تأمل ميركل، عبر روسيا، في إقناع إيران بالامتثال بشكل صارم لمضمون الاتفاق، ربما لدفع الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق.
وفي خضم ذلك، ستساعد مقاربات ترامب الحادة نسبيًا في الملفات الأمنية والاقتصادية المشتركة مع أوروبا في إعادة التقارب بين الجانبين، رغم وقوف ألمانيا الى جانب العقوبات التي تم فرضها على موسكو بعد ضم القرم.
ففي ملف القرم تحديدًا، والأزمة مع أوكرانيا، ذكرت تقارير إعلامية أن هناك توجهًا هذه المرة لدى الزعيمين للاتفاق على عقد قمة رباعية جديدة تضم إلى جانب ألمانيا وروسيا كلًا من فرنسا وأوكرانيا، لحل الأزمة المستمرة منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، وهي الخطوة التي اعتبرت حينها بأنها تشكل انتهاكًا للسلام الأوروبي، علمًا أن الاجتماع الأخير بين تلك الدول انتهى باتفاق مينسك في أكتوبر/تشرين الأول 2016 ولم يحقق أي نتائج ملموسة.
وسيشكل اللقاء أيضًا مناسبة للحديث عن الأزمة السورية، والسبل الناجعة للعمل على حل سياسي لها، بعد أن عرقلت روسيا مرارًا قرارات مجلس الأمن الدولي.
ويأتي اللقاء أيضًا بعد الدور المشبوه لروسيا في الهجوم بمادة سامة على العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال في المملكة المتحدة، والذي طرد إثره عدد من الدبلوماسيين الروس من أوروبا.
وفي المجال الاقتصادي، يبدو أن الأمور تتجه نحو تسوية الخلاف حول خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، الذي يمر عبر بحر البلطيق، إذ تخشى عدة دول في أوروبا الشرقية من فقدان أهميتها السابقة كبلدان لنقل الغاز، بعد وصل خط الأنابيب المباشر بين ألمانيا وروسيا، والاستغناء عن خطوط الأنابيب الأوكرانية التي تحقق إيرادات عالية لكييف، وتفاؤل وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، بإيجاد حل لإدماج أوكرانيا، وهو الذي خاض هذا الأسبوع جولات ولقاءات في كل من موسكو وكييف، وقطع الطريق على كل التوقعات الأميركية بفشل المشروع.
في الطرف المقابل، أوضح المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن اللقاء بين بوتين وميركل سيتطرق إلى الأوضاع في أوكرانيا ومصالح كييف، والمحادثات في إطار "نورماندي" الذي يضم ممثلين رفيعين عن ألمانيا وفرنسا وأوكرانيا وروسيا.
وكانت ميركل قد زارت روسيا لآخر مرة في مطلع مايو/أيار 2017، حين ركزت محادثاتها في سوتشي على الملفين السوري والأوكراني أيضاً، كما عُقد لقاء ثلاثي بين قادة روسيا وألمانيا وفرنسا في هامبورغ في يوليو/ تموز من العام الماضي.
وبعد إعلان ترامب عن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في الأسبوع الماضي، أجرى بوتين اتصالاً هاتفياً مع ميركل، على ضوء تمسك روسيا بالاتفاق الذي تعتبره "هاماً ليس للاستقرار الإقليمي فحسب، وإنما أيضاً للاستقرار في العالم"، وفق ما أوضحه يوري أوشاكوف، معاون الرئيس الروسي.
من جهتها، رأت ميركل أن الاتفاق مع إيران "ليس مثالياً"، منددة في الوقت نفسه بالطريقة التي انسحب فيها ترامب منه.