عادت الحكومة اللبنانية للاجتماع، اليوم الخميس، على وقع أزمة النفايات المُستمرة منذ يوليو/ تموز من العام الماضي، دون أن يكون الملف مطروحاً بشكل رسمي على جدول أعمال الجلسة، وذلك في ظل خلاف سياسي لا يُبشّر بقرب حل هذه الأزمة.
وفي أعقاب الجلسة، ظهر أنّ الحكومة تتجه إلى إسقاط خيار ترحيل النفايات، وهو الاقتراح الذي يتم العمل عليه منذ أكثر من شهر، إذ أكد وزير الإعلام بعد الجلسة أنه "في حال سقوط خيار الترحيل لا بد من العودة إلى خيار اعتماد المطامر الصحية كحل بديل"، وهو خيار آخر مرفوض من قبل جمعيات وتجمعات الحراك الشعبي ومن قبل بعض أهالي المناطق التي يُخطَّط لإقامة مطامر فيها.
كما يبدو أن مشروع ترحيل النفايات يسير باتجاه الفشل، خصوصاً في ظل فشل الشركة المكلّفة القيام بهذه المهمة في إيجاد وجهة للترحيل، بالإضافة إلى عدم تقديم الشركة نفسها المستندات القانونية المطلوبة خلال المهلة المحددة المفترض أن تنتهي يوم غد الجمعة.
وأشار أحد الوزراء لـ"العربي الجديد"، رفض الكشف عن اسمه، إلى أنّ "الحكومة ما تزال عالقة في ملف النفايات في ظل عجز فعلي عن القيام بخطوات تنفيذية لإنهاء الأزمة". ومع تعثّر خيار الترحيل، الذي كان سيكلّف الخزينة اللبنانية مليارات إضافية من دون أن يكون حلاً فعلياً للنفايات، من المفترض أن يعود رئيس الحكومة إلى دعوة اللجنة الوزارية المصغرة لمتابعة هذا الملف إلى الانعقاد خلال اليومين المقبلين.
ولعلّ التعليق الأبرز في هذا الإطار، جاء على لسان وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، الذي قال لدى خروجه من قاعة الاجتماع "خرجت لكوني لم أفهم شيئاً".
وعكست مواقف الوزراء الذين تحدثوا للإعلاميين قبيل المشاركة في الجلسة التي ترأسها رئيس الحكومة اللبنانية، تمام سلام، حجم هذا الخلاف. ورغم تكدس أكثر من 400 ألف طن من النفايات في مكبات عشوائية في محيط محافظتي بيروت وجبل لبنان، اعتبر وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج أن "هناك مبالغة في قضية النفايات".
ودافع دو فريج عن رئيس مجلس الإنماء والإعمار (تابع لمجلس الوزراء)، المهندس نبيل الجسر، مُؤكداً أنه "رفض التوقيع على عقد ترحيل النفايات إلى دولة روسيا، قبل الحصول على نسخة أصلية من موافقة السلطات الروسية على استقبال النفايات".
بدوره، أوضح وزير البيئة محمد المشنوق، الذي تخلى عن متابعة الأزمة وتولاها عنه وزير الزراعة أكرم شهيب، أنه "تلقى استفسارات عن الأزمة" وقام بتحويلها للمرجعيات الأمنية.
وفي السياق ذاته، لفت وزير الثقافة ريمون عريجي إلى أنّ فريقه السياسي (تيار المردة) وافق على خيار ترحيل النفايات "على مضض، لأنه الحل الوحيد والمفروض علينا بغياب الحلول الأخيرة، وعلى مجلس الوزراء استرداد الملف ومعالجته".
أما وزير العمل سجعان قزي، وهو أحد وزراء حزب "الكتائب"، فقال إنه "مع الترحيل شرط أن يتم بشكل شفاف ودون مشاكل، أما إذا كانت هناك التباسات فتجب العودة إلى قرار المطامر، وهذا يستلزم قرارا جديدا وتنفيذا على الأرض".
وزير التربية الياس بو صعب (أحد ممثلي التيار الوطني الحر) أبدى استغرابه لسرعة توقيع مرسوم تحويل مبلغ 50 مليون دولار أميركي لترحيل النفايات "قبل توقيع العقود، ونحن لم نفهم أي شيء من الملف، وكنا نبّهنا مرارا لعدم صوابية ما يطرح عن النفايات ولم يرد علينا أحد".
بدوره، قال وزير الصناعة حسين الحاج حسن (أحد ممثلي حزب الله في الحكومة)، إن "الجو التصعيدي في البلد أوصل الأمور إلى هنا، والكل مسؤول. المعادلة تقول بتحويل النفايات إلى طاقة عبر العلم، وهذا ما يحصل في أهم الدول. وصلنا إلى خيار مر هو الترحيل، والحل الصحيح بالعودة إلى المطامر. الحكومة والأحزاب والجمعيات والمواطنون شركاء بما وصلت إليه أزمة النفايات اليوم".
من جهةٍ أخرى، سُجل حضور وزير العدل أشرف ريفي الجلسة، رغم إعلانه في وقت سابق اعتكافه عن العمل الحكومي "حتى وضع ملف إحالة ميشال سماحة على المجلس العدلي". وهو الموقف الذي أدى إلى خلاف بين ريفي، المحسوب على تيار المستقبل، وزعيم التيار سعد الحريري.