واستند بزي في كلامه إلى نوع الطائرة التي أقلت الفاخوري وهي من نوع V22 وحجمها كبير، لتأمين الأدوات والمستلزمات الطبية التي يحتاجها العميل خلال سفره في متابعة لوضعه الصحيّ الطارئ.
وعند تواصل "العربي الجديد" مع السفارة الأميركية في عوكر لتأكيد صحة الخبر، كان الردّ "لا جواب حتى الآن". وبحسب مصادر خاصة، فإنّ الإدارة الأميركية في طور توضيح بيان مفصل حول الموضوع.
وتعد مغادرة الفاخوري بهذا الشكل، بمثابة مخالفة للقرار الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر بمنعه من السفر، بحسب بزي.
وقال محامي الأسرى المحررين: "سبق أن حذرنا من هذه الخطوة وأشرنا إلى أن الطريقة الوحيدة لهرب الفاخوري هي عبر طوافة أميركية، وكانت دعوة إلى قيادة الجيش اللبناني بعدم إعطاء إذن السفر لأية قطعة عسكرية أميركية"، مؤكداً: "نحن سنلاحق من شارك في تهريب عميل جزار ارتكب أسوأ أنواع جرائم القتل والتعذيب بحق السجناء".
وأصدر القاضي مزهر، الثلاثاء الماضي، قراراً بمنع سفر "جزار الخيام"، المتهم بارتكاب جرائم قتل ومحاولة قتل أسرى داخل سجن الخيام، وخطف وتعذيب آخرين خلال الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان قبل الانسحاب عام 2000، وذلك لمدة شهرين.
وفي الشأن، أوضح مسؤول عسكري، لـ"العربي الجديد"، أنّ الجيش اللبناني يبلَّغ فقط من باب "العلم" بإقلاع طائرة أو طوافة من السفارة الأميركية من دون أن يصرَّح له عن هوية الأشخاص الموجودين فيها وليس له أن يعطي الإذن أو يمنع حصول السفر، باعتبار أن السفر تمّ من أرض أميركية هي السفارة وليس من قاعدة جوية لبنانية أو ثكنة عسكرية كقاعدة حامات على سبيل المثال عندها تعطي قيادة الجيش الأذونات.
من جهته، أوضح العميد المتقاعد في الجيش اللبناني جورج نادر، لـ"العربي الجديد"، أنه "من الناحية القانونية وبغض النظر عن موقفه من العملاء، فإنّ الفاخوري يتمتع بالجنسية الأميركية ويمكن أن يسافر من أرض أميركية من دون إذن الجيش اللبناني، وهناك اتفاقيات موقعة بين الطرفين تنظم هذه الأمور سواء لناحية انتقال الطوافات الأميركية من السفارة وإليها أو التدريبات ونقل الذخائر والمساعدات".
وكانت المحكمة العسكرية في لبنان أصدرت، مطلع الأسبوع، قراراً قضى بكفّ التعقبات بحق العميل اللبناني الأميركي عامر الفاخوري، قبل أن يتحرّك القاضي مزهر ويصدر قراراً بمنع سفر "جزار الخيام" لمدة شهرين نتيجة استدعاء تقدّم به المحاميان حسن بزي وهيثم عزو بالوكالة عن الأسيرين المحررين سهى بشارة (التي تعرف بزهرة الجنوب وهي التي حاولت اغتيال قائد "جيش لبنان الجنوبي" الموالي للاحتلال الإسرائيلي في العام 1988 أنطوان لحد)، وجهاد عواضة ورفاقهما، بعد ثبوت معلومات لدى المحامي بزي بخروج الفاخوري الإثنين من مستشفى سيدة الجبل فور إصدار المحكمة العسكرية قرارها وتوجهه إلى السفارة الأميركية حيث تمّ نقله بسيارة إسعاف مجهزة بطاقمٍ طبيّ لمواكبة حالته الصحية الدقيقة نتيجة إصابته بمرض السرطان، بحسب ما أكده بزي لـ"العربي الجديد".
وعرّض قرار المحكمة العسكرية "حزب الله" لهجوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبار رئيسها العميد حسين عبدالله مقرّباً من "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري)، ولم يطفئ ناره بيان الحزب المسائي الذي هاجم فيه المحكمة العسكرية وأعضاءها، واتهمهم بالخضوع للضغوط الأميركية، لا بل انتقل إلى معركة متبادلة على ساحة "تويتر" لا تزال مستمرة بين مناصري "حزب الله" ومؤيدي "التيار الوطني الحرّ"، الذي يترأسه جبران باسيل، صهر الرئيس ميشال عون، إذ طاولت التيار اتهامات بأنّ باسيل تدخل لدى القضاء لإصدار الحكم بوقف التعقبات تلبية للمطالب الأميركية بتأمين الغطاء للفاخوري، سواء يوم مجيئه إلى لبنان في سبتمبر/أيلول الماضي، أو بعد ذلك لإخراجه من السجن تفادياً لوضعه على لائحة العقوبات الأميركية.
قرار منع التعقبات بحق الفاخوري أحدث أيضاً غضباً في الشارع اللبناني، حيث عمد المحتجون، مساء الإثنين، إلى قطع عدد من الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية بالإطارات المشتعلة، كما شهد السجن المركزي في رومية (المتن اللبناني) أعمال شغب نتج منها سقوط جريحين من السجناء الذين عمدوا إلى خلع وتكسير بعض الأبواب الداخلية وكاميرات المراقبة، احتجاجاً على حكم المحكمة العسكرية، وخوفاً من انتشار وباء كورونا في السجن، ودعوا إلى إقرار قانون العفو العام (يشمل الموقوفين الإسلاميين وهو مادة خلافية في لبنان).
وكان الفاخوري قد اعتُقل بعد عودته إلى لبنان من الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو قائد عسكري لسجن الخيام في جنوب لبنان، الذي كانت تديره مليشيات "جيش لبنان الجنوبي" التي كانت تتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي وتحظى بدعمه.
ترامب: الحكومة الأميركية لا تترك مواطنيها
في خطوة مفاجئة، نظراً للموقف الأميركي من حكومة لبنان برئاسة حسان دياب المحسوبة على حزب الله اللبناني الذي تصنفه واشنطن بالمنظمة الإرهابية، توجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالشكر والامتنان للحكومة اللبنانية على تعاونها والعمل على إطلاق سراح عامر الفاخوري.
وأكد ترامب أن الولايات المتحدة الأميركية لا تترك مواطنيها، والفاخوري يعاني من مرض السرطان بمراحله المتقدمة، مشيراً إلى أن إدارته عملت جاهدة لتحريره حتى يتلقى العناية الصحية اللازمة ويعود الى عائلته.
وقد انتشرت فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر الطوافة التي أقلت فاخوري وهي تحلق في الأجواء اللبنانية على الرغم من قرار منع السفر الصادر بحقه.
وأعلنت السيناتور الأميركية جين شاهين أن الفاخوري أُطلق سراحه، وهو في طريقه إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وأثار كلام ترامب بشأن تعاون الحكومة اللبنانية لإطلاق سراح عميل متهم بجرائم قتل وتعذيب، أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، ردود فعل غاضبة تؤكد ما قيل سابقاً عن مفاوضات أميركية لبنانية وضغوطات لإصدار المحكمة العسكرية قراراً بكفّ التعقبات عن العميل الفاخوري وتسهيل خروجه من لبنان.