ووصل، صباح اليوم الجمعة، المختطفون المحررون إلى منازل ذويهم في ريف السويداء، وهم 17 شخصاً، جميعهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى جثتي طفلين، بحسب ما أكّدته المصادر لـ"العربي الجديد".
وأوضحت المصادر أن "الجثتين تعودان للطفلين رأفت وقصي أبو عمار"، وظهرت على جسديهما آثار الإصابة بطلقات نارية. وبحسب المصادر، فقد تبين أن "داعش" كان أقدم على إعدام المواطنة مروة عصام الأباظة، وهي كانت ضمن المختطفات لديه، قبل عملية التسليم، ولم يتم تسليم جثتها.
وأوضحت المصادر أن روسيا كانت توصلت إلى اتفاق مع التنظيم الإرهابي على مكان محدد بالقرب من منطقة حميمة شمال شرق تدمر بريف حمص، كي يتم تسلم المخطوفين ضمن شاحنة. وتطبيقاً للاتفاق، أرسل التنظيم مع الشاحنة مجموعة صغيرة من عناصره، إلا أن روسيا أرسلت مجموعة من قوات النظام، وغدرت بعناصر التنظيم الذين يرافقون الشاحنة وهاجمتهم وسط الصحراء، ما أدى إلى مقتل عناصر التنظيم، بالإضافة إلى مقتل الطفلين خلال محاولتهما الفرار من الشاحنة.
من جهتها، وفي روايةٍ مختلفة، أكدت مصادر أخرى لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام السوري لم تتدخل نهائياً في عملية تسلم المختطفين، وإنما قامت بها مجموعةٌ من قوة المهام الروسية الخاصة، وهي التي قامت بمهاجمة الشاحنة، لعلمها بمكان التسليم، بهدف إظهار أن العملية تمت دون الاتفاق مع "داعش"، وبهدف إخفاء موضوع دفع مبالغ مالية للتنظيم ما يلقي على روسيا تهمة دعم الإرهاب. وتمّ تسليم المختطفين من قبل المجموعة الروسية إلى "فرع البادية - قسم تدمر" التابع للنظام.
وفي السياق ذاته، قال الوزير اللبناني وائل أبو فاعور، في تصريح صحافي لموقع "المدن" من موسكو، إن الجانب الروسي أبلغهم بتطورات عملية تحرير المخطوفين، وأكد أنها عملية أمنية روسية، جاءت بعدما راوغ "الدواعش" لفترة طويلة خلال المفاوضات.
وأشار أبو فاعور، إلى أن لا علاقة للنظام السوري بتحرير المخطوفين، وأن النائب اللبناني تيمور جنبلاط و"الحزب التقدمي الاشتراكي" كانا على تواصل يومي مع القيادة الروسية لإطلاق سراح المخطوفين، مضيفاً أن النظام حاول استغلال قضية المخطوفين، بغرض إعادة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية على دروز السويداء.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" قد تحدثت أمس عما وصفته بـ"العملية البطولية والدقيقة التي قامت بها مجموعة من أبطال الجيش العربي السوري في منطقة حميمة شمال شرقي تدمر بالاشتباك المباشر مع مجموعة من تنظيم داعش الإرهابي الذي اختطف نساء وأطفالاً من محافظة السويداء قبل أسابيع"، مضيفة أنه "بعد معركة طاحنة، استطاع أبطالنا تحرير جميع المختطفين وقتل الإرهابيين".
بدورها، زعمت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها قدمت "الدعم اللازم للجيش السوري في عمليته الخاصة لتحرير مختطفي السويداء جنوب سورية من تنظيم داعش".
كما قال "المركز الروسي للمصالحة في سورية" إن "الجيش السوري نفذ بالتنسيق مع قوات روسية عملية خاصة في قرية حميمة شرق تدمر، خلصت إلى تحرير 19 مدنياً، كانوا رهائن احتجزهم إرهابيو تنظيم داعش لأكثر من ثلاثة أشهر".
من جهته، أكد الصحافي المتحدر من السويداء مالك أبو خير، في حديث لـ"العربي الجديد" أن النظام "ماطل في عملية التفاوض بضغط إيراني من خلال عدم الالتزام بمطالب داعش الذي كان يريد إخراج معتقلين له من سجون النظام، وذلك بهدف جر أبناء السويداء إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية في صفوفه، حيث تمّ التوصل إلى الاتفاق سابقاً، وتم تنفيذ المرحلة الأولى منه بتحرير ستة مختطفين، ولم يفصح النظام عن معلومات حول طريقة تحرير الدفعة الأولى".
وأضاف أبو الخير أن عملية تحرير المختطفين أمس تمّت أخيراً بعد ضغط من قبل "لوبيات درزية" في أوروبا ولبنان وموسكو وواشنطن وإسرائيل، وأنه نتيجة الضغوط على موسكو وواشنطن، تم الاتفاق عبر وسطاء محليين مع "داعش" لتسليم المخطوفين مقابل دفع مبلغ مالي كبير، نافياً ما يرويه النظام عن وجود أي عملية "نوعية" في تحريرهم.
ولا توجد معلومات دقيقة حول قيمة المبلغ المالي الذي تقاضاه التنظيم للإفراج عن المخطوفين، أو حول طريقة تسليم المبلغ للتنظيم.
وكان "داعش" قد أقدم قبل ثلاثة أشهر على خطف 29 مدنياً إثر هجومه على ريف السويداء بتسهيلٍ من قوات النظام، أعدم منهم لاحقاً شاباً وامرأتين، وأطلق سراح ستة مختطفين، هم امرأتان وأربعة أطفال، إثر الاتفاق الذي توصل إليه مع روسيا ونصّ على الإفراج عن المعتقلين عبر مراحل، إلا أن الاتفاق تعثر لاحقاً بسبب تعنت النظام ومماطلته في تطبيقه، وفق مصادر مطلعة.