وكانت وسائل إعلام جزائرية قد ذكرت في وقت سابق اليوم أن طائرة تقلّ الرئيس هبطت في مطار بوفاريك العسكري، جنوب غربي العاصمة، قادمة من سويسرا، حيث كان يتلقى بوتفليقة العلاج.
يأتي هذا فيما ثبت الجيش الجزائري موقفه عند نقطة تفهم مطالب الحراك الشعبي المتصلة برفض ترشح بوتفليقة، في محاولة تكتيكية لاستباق كل الأوضاع والبقاء في مركز الثقل الرئيس في المشهد والمتحكم في أي اتجاهات تنتهي إليها الخيارات السياسية في البلاد.
وأعلن أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، في كلمة ألقاها أمام القيادات العسكرية في منطقة الرويبة في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، اليوم، أن "الجيش والشعب يملكان الرؤية نفسها للمستقبل، وهناك روابط قوية نابضة بالحياة بين الشعب والجيش".
وقال قايد صالح إن "صور التضامن والتلاحم بين الشعب وجيشه في كل الظروف والأحوال، خاصة أثناء المحن والملمات والكوارث الطبيعية، نابعة من رؤية تجاه الوطن موجودة، وتصنعها الرؤية المشتركة لآفاق مستقبل الجزائر الواعد، التي يبقى شعبها يعرف خفايا عالم لا يرحم، يطبعه الغليان ويموج بالعديد من الأحداث والمتغيرات الطارئة والمدبّرة".
وفهم من الخطاب الجديد لقائد الجيش استدراكه لخطاب تمنراست، جنوبي الجزائر، الذي استعدى فيه الحراك الشعبي، واقتناع المؤسسة العسكرية بعد مراجعة للمواقف السابقة التي أعلنها قائد الجيش، والذي وصف المظاهرات بالنداءات المجهولة، والمتظاهرين بالمغرر بهم، قبل أن يتراجع عن ذلك.
وجدد قائد أركان الجيش دعوة الشعب الجزائري للحفاظ على الأمن والاستقرار، قائلاً "إنني أعلم علم اليقين أن الشعب الجزائري الأصيل والواعي الذي برهن في كافة الأوقات والظروف على أنه شعب مواقف، قد عرف وسيعرف كيف يحافظ على وطنه، ولا شك أن الجزائر محظوظة بشعبها ولا شك أيضاً أن الجيش محظوظ بشعبه".
واعتبر المحلل السياسي حميد غمراسة أن "هناك تطورا لافتا في موقف الجيش، بغض النظر عن مدى قناعة قائد الجيش وجنرالات المؤسسة العسكرية بالمسألة الديمقراطية وإرادة الشعب، وخاصة أن قائد أركان الجيش يعد من أبرز الداعمين لمشروع العهدة الخامسة لبوتفليقة، قبل أن يعترض عليها الشارع".
وأضاف غمراسة لـ"العربي الجديد" أن "هناك فرقا كبيرا بين الخطابات السابقة لقايد صالح وبين خطاب اليوم الأحد، وكذا خطابه الأخير، الخميس الماضي، والذي تحدث فيه بإسهاب عن العلاقة الطيبة بين الجيش والشعب".
وبحسب معلومات حصل عليها "العربي الجديد"، فإن الاجتماع الأمني المنعقد منذ مساء الخميس، انتهى إلى أن تقارير جهاز الاستخبارات بشأن توقع الحراك الشعبي وردة فعل الشارع إزاء ترشح بوتفليقة لم تكن دقيقة بالقدر الكافي.
وأشارت هذه المعلومات إلى أن قيادة الجيش اعتبرت أن الشارع وضع السلطة ومؤسسات الدولة في وضع الأمر الواقع، كما يفرض الاستجابة لمطالب الشارع، والبحث عن المخارج الدستورية التي تحمي البلاد وتهدئ من الاحتقان الداخلي.