لم تجد الاعتصامات التي نظمها فلسطينيو العراق، ولا مناشداتهم للحكومة العراقية والمجتمع الدولي، نفعاً، إذ لم تنقذهم من الأوضاع المأساوية التي يعيشونها في حي البلديات، شرقي بغداد، بعد تعرضهم لتهديدات مباشرة من قبل مليشيات عراقية متنفذة وسط تجاهل سياسي وحكومي مريب.
وقال المحامي الفلسطيني، عامر كرم، إن "المليشيات حوّلت حياة فلسطينيي بغداد إلى جحيم، بعد اختطاف عدد كبير من أبناء الجالية، وإطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، وتلقّي آخرين تهديدات تطالبهم بمغادرة العراق".
وأكد كرم، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، "صعوبة مغادرة العاصمة العراقية بسبب ارتباط حي البلديات بالفلسطينيين، حتى سميت بحي الفلسطينيين، أو عمارات الفلسطينيين".
وأشار الحقوقي الفلسطيني إلى اضطرار عدد كبير من الأسر لبيع شققهم بأثمان بخسة، بسبب تعرضهم لضغط مباشر من عناصر في مليشيا "عصائب أهل الحق"، لافتاً إلى موافقة بعض الأسر على بيع منازلها بمبالغ لا تتجاوز 25 مليون دينار عراقي (نحو 20 ألف دولار)، رغم أن أسعارها لا تقل عن خمسة أضعاف ذلك.
من جهتها، أبدت الناشطة النسوية الفلسطينية، سلوى خطاب، استغرابها من تجاهل الحكومة العراقية المأساة التي يمر بها الفلسطينيون في بغداد، مؤكدة خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، تجاهل الدستور العراقي والقوانين لحقوق الفلسطينيين الذين قضوا أكثر من نصف قرن على الأراضي العراقية، وأقاموا مشاريع استثمارية كبيرة طويلة الأمد.
وأشارت خطاب، إلى أن فلسطينيي العراق كانوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الأولى، ويحصلون على امتيازات تفوق ما يحصل عليه العراقيون، لافتة إلى أن اختيار منطقة البلديات كمسكن الفلسطينيين، جرى كونها من المناطق الراقية والآمنة في العاصمة ومجاورة لمديرية الأمن العامة.
وحذرت الناشطة النسوية من قيام "جماعات مسلحة خارجة على القانون بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وتوزيعها على عناصر "الحشد الشعبي" للضغط على سكان الحي الفلسطيني وإجبارهم على الهرب.
ودعت خطاب الحكومة العراقية وجميع الجهات المعنية إلى التدخل، والحد من التجاوزات التي يتعرض لها فلسطينيو العراق، ملوحة باللجوء إلى الجامعة العربية والمجتمع الدولي في حال استمرت الانتهاكات.
وانخفض عدد الفلسطينيين في العراق من 25 ألفاً قبل عام 2003، إلى أقل من 3500 عام 2015، بعد تلقّيهم تهديدات بالقتل والخطف أدت لظهور موجة الهجرة إلى أوروبا.
وقالت دائرة الإقامة في بغداد، إن نحو 2500 فلسطيني غادروا العراق خلال الأسابيع الأخيرة.
واضطر عشرات الفلسطينيين إلى تنظيم اعتصام قرب السفارة الفلسطينية في بغداد، بعد ادعاء عشيرة عراقية وجود مشاكل مالية مع لاجئة فلسطينية تعمل مديرة مدرسة تسكن حي البلديات، واقتحمت العشيرة الحي وهددت السكان، ووضع لافتات على منازل ومحال بعض الفلسطينيين كُتب عليها "لا تباع ولا تؤجر مطلوب عشائرياً"، ما دفع أكثر من 18 أسرة إلى مغادرة المنطقة خشية التهديدات. كما تعتقل السلطات العراقية أكثر من 50 فلسطينياً دون وجود تهم محددة بحسب رئيس رابطة فلسطينيي العراق، ثامر مشينيش، الذي أكد أن شبهة "الإرهاب" أصبحت تطلق على جميع الفلسطينيين في العراق دون أدلة.
اقرأ أيضاً الفلسطينيون في العراق: رابع تهجير للمهجَّر