يتوجه الفرنسيون، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع في مكاتب الحزب الاشتراكي الفرنسي، للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشحيَن اللذين سيتنافسان في الجولة الثانية الأحد المقبل، لمهمة تمثيل الحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية القادمة في مايو/أيار المقبل.
وبعد تخلي الرئيس فرنسوا هولاند عن الترشح لولاية ثانية في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي، يتنافس في هذه الجولة الأولى سبعة مرشحين وهم: رئيس الوزراء المستقيل أخيراً مانويل فالس، ووزير الاقتصاد السابق آرنو مونتبورغ، ووزيرا تربية سابقان هما بونوا هامون وفانسان بيون، بالإضافة إلى وزيرة السكن السابقة، سيلفيا بينيل، والنائب عن تيار البيئة، فرنسوا دو روغي، والنائب الأوروبي السابق عن وسط اليسار، جان لوك بينامياس.
وحسب استطلاعات الرأي، التي أنجزت بعد المناظرة التلفزيونية الأخيرة التي جمعت بين المرشحين السبعة الخميس الماضي، باتت المنافسة تنحصر بشكل أساسي بين مانويل فالس صاحب الأفكار الليبرالية الإصلاحية، وآرنو مونتبورغ وبونوا هامون، اللذين يمثلان الاتجاه اليساري داخل الحزب، بالإضافة إلى فانسون بيون، الذي يمثل اتجاها وسطيا يرفع شعار توحيد تيارات الحزب.
ورغم أن فالس يبقى الأوفر حظا بالمرور إلى الجولة الثانية، فإن هوية الفائز الثاني تحيط بها علامة استفهام كبيرة.
ومؤخرا تقلص الفارق بين مونتبورغ وهامون، وذلك بعد تقدم طفيف للثاني بفضل تدخلاته خلال المناظرات التلفزيونية، وتمسكه بمرجعية يسارية واضحة بخصوص قضايا أساسية؛ مثل العمل والتعليم والضرائب واللاجئين.
ويراهن البعض على حصول مفاجأة من العيار الثقيل تذهب عكس استطلاعات الرأي وتوقعات المحللين السياسيين، وقد تتمثل في إقصاء مبكر لفالس على شاكلة تمهيديات اليمين، التي تم فيها إقصاء الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
ويبقى التساؤل الأساسي في هذه التمهيديات منصبا حول نسبة المشاركة في ظل انحسار المد الاشتراكي، وشعور شرائح كبيرة من المتعاطفين مع الحزب الاشتراكي بالخيبة من حصيلة الولاية الاشتراكية بقيادة الرئيس هولاند، الذي كان وراء العديد من الإصلاحات المثيرة للجدل، خاصة مشروع قانون العمل الجديد، الذي تم تمريره بالقوة من دون تصويت البرلمان، رغم معارضة شديدة من طرف قسم مهم من نواباليسار.
وتعتبر لائحة المآخذ، التي يشهرها الساخطون على هولاند وحكوماته، طويلة ومن بينها مقترح إسقاط الجنسية عن الفرنسيين المدانين بالإرهاب، والقوانين التي تهدف إلى تحرير الاقتصاد واستقبال الحد الأدنى للاجئين، مقارنة بألمانيا والخضوع لإملاءات الاتحاد الأوروبي.
وخلال السنتين الأخيرتين من ولاية هولاند الرئاسية انفض أنصار الحزب بكثافة من حوله، وغادره آلاف المنتسبين منذ 2012، الذين بات عددهم حاليا لا يتجاوز 113 ألفا.
وكمؤشر أول على فتور الحماس لهذه الانتخابات التمهيدية فإن آخر مناظرة تلفزيونية لمرشحي الاشتراكي لم يتابعها سوى 3.1 ملايين مشاهد؛ وهو عدد أقل بكثير من مشاهدي الانتخابات التمهيدية لليمين الذين بلغوا 5.1 ملايين.
والمؤشر الثاني هو قلة عدد مكاتب التصويت المعدة للجولتين بالمقارنة مع تمهيديات عام 2011، التي استُنفِر فيها 9200 مكتب، والتمهيديات الأخيرة في صفوف اليمين والوسط التي بلغ عدد مكاتب التصويت فيها 10228.
وأعرب رئيس الحزب الاشتراكي، جان كريستوف كامباديليس، عن أمله في أن يبلغ عدد المصوتين في هذه الجولة الأولى ما بين مليون ونصف المليون إلى مليوني ناخب، وهو رقم لا مجال لمقارنته بـ4 ملايين و300 ألف ناخب صوتوا في تمهيديات اليمين الأخيرة التي فاز بها المرشح فرانسوا فيون.
أما المؤشر الثالث الذي يعكس ضعف هذه التمهيديات، فيكمن في وجود مرشحين يساريين آخرين قررا الترفع عن المشاركة فيها، وهما وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون والمرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون.
وقبل أقل من مائة يوم من جولتي الانتخابات الرئاسية في 23 أبريل/نيسان و7 مايو/أيار عبّر العديد من النواب الاشتراكيين عن تأييدهم لإيمانويل ماكرون، ويقترح بعضهم أن ينضم الفائز في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي إلى ماكرون، بعد أن كان الأخير متهما قبل فترة قصيرة بالخيانة من جانب بعض قيادات الحزب.
أما ميلانشون فقد انتقد بشدة تمهيديات الاشتراكي، واعتبر أن الفائز بها لن يكون له أي وزن في الاقتراع الرئاسي المقبل، ويرى أن "الخيار الحقيقي" للناخبين الاشتراكيين هو بينه وبين ماكرون.