وتوضح هذه المصادر أن زعيمة المتمردين جاءت كطوق نجاة للنظام المصري في ظلّ فقدانه لكافة أوراق الضغط أمام الجانب الإثيوبي الذي اتخذ من اتفاق المبادئ الموقّع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، ذريعة لإكمال بناء سد النهضة من دون الالتفات لأي شروط مصرية متعلقة بمخاوف القاهرة من تناقص حصتها التاريخية من المياه.
وفي هذا السياق، تشير المصادر السياسية إلى أن أجهزة سيادية مصرية بدأت تضغط على أديس أبابا من خلال مشاكلها الداخلية المتعلقة بحقوق ما يسمى بطائفة الأورومو، إذ استقبلت قاعة مؤتمرات الأزهر في مدينة نصر، الأسبوع الماضي، مؤتمراً حاشداً لأبناء الطائفة الذين جاؤوا من إثيوبيا وإريتريا، ومناطق أخرى، لبحث وتحديد إجراءاتهم خلال الفترة المقبلة. وتشير إلى أن زعماء الطائفة اتفقوا مع الجانب المصري على توفير إقامة دائمة لهم في مصر، نظراً لملاحقة معظمهم من جانب الحكومة الإثيوبية.
ويشكّل شعب الأورومو أحد أكبر المجموعات العرقية في إثيوبيا، بحوالي 34.49 في المائة من عدد السكان، وفقاً لتعداد عام 2007 في إثيوبيا. ويطالب قطاع من الأوروميين، نسبة إلى إقليم أوروميا، بحق تقرير المصير. وتقود جبهة تحرير الأورومو "النضال" لمواجهة حكومة أديس أبابا، وتستخدم السلاح، والضغوط السياسية، والحملات الإعلامية من الخارج في مواجهة النظام الحاكم بإثيوبيا، لكن أديس أبابا تلجأ إلى القمع تارة، وإلى الوعود بالتنمية تارة أخرى من أجل امتصاص الغضب الشعبي.
ويقاطع الأوروميون المدارس والمحاكم الإثيوبية، فلا يتقدمون لها بأي دعوى في قضاياهم، ويعالجون مشاكلهم بالتفاوض في ما بينهم. وتقع منطقة أوروميا في إثيوبيا، حيث يحدّها من الغرب السودان، والشعوب النيلية (جامبيلا وأمهرا)، ومن الشرق جمهورية الصومال، ومن جنوب الشرق جمهورية كينيا، ومن الشرق الشمالي جمهورية جيبوتي. وتعداد شعب أورومو حوالي أربعين مليون نسمة. وترفض الحكومة الإثيوبية، المتمثلة في قبائل الأمهرة التي تعتبر نفسها أصل القومية الإثيوبية، الاعتراف بقومية أورومو لأسباب عدة، أبرزها: خوفها من الكثافة السكانية للأورومويين، إضافة إلى اعتناق معظمهم الديانة الإسلامية. ويتجسد السبب الثالث في تمسك القومية بمبدأ حق تقرير المصير والاستقلال عن إثيوبيا.
اقرأ أيضاً: السيسي يصف علاقة مصر وإرتيريا بـ"اﻷخوية" بعد تعثر "النهضة"