وبينما يبحث غوتيريس عن شخصية نموذجية للحرب المفتوحة في ليبيا - المنصب الشاغر منذ ثلاثة أشهر - وأخرى لأزمة الصحراء المجمدة - لا مبعوث منذ سنة، أضيفت مهمة جديدة هذا الأسبوع لبعثة سياسية شُكّلت حديثاً في الخرطوم لمواكبة الانتقال السياسي. والممثل، أو الممثلة، المثالي، أو المثالية، يجب أن يتقن العربية، ويمتلك خبرات دولية، ومعرفة سياسية كافية تسمح له بالتحرك بين قوى كبرى متنازعة باستمرار. وقال مصدر في الأمم المتحدة، وفق "فرانس برس"، إن فرنسا قد تكون مهتمة.
في الحالة الليبية، ينتقل الأمين العام من عقبة إلى أخرى، ليس بسبب الشخصيات بحد ذاتها بل بسبب واشنطن التي عطّلت آخر اقتراحين، ما أثار انتقادات علنية من باريس وبرلين. وقال سفير طالباً عدم كشف هويته: "نحن بحاجة ماسة (...) إلى شخص يمكنه التحدث إلى الناس على الأرض وفي أماكن أخرى على مستوى عالٍ في العواصم"، ملمحاً إلى التدخلات الأجنبية العديدة في النزاع الليبي. ولاستبدال اللبناني غسان سلامة، الذي استقال مطلع مارس/آذار، اختار غوتيريس، الذي واجه ضغوطاً كبيرة من أفريقيا ليختار مواطناً من هذه القارة، وزير خارجية جزائريا سابقا معروفا، لكن الولايات المتحدة اعترضت على تعيينه. وعرقلت واشنطن منذ فترة قصيرة خياره الثاني، وهو وزيرة خارجية غانا السابقة هانا سيروا تيتيه.
وأكد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، طالباً عدم كشف هويته، أنه يجب اختيار مبعوث "يتمتع بوزن دبلوماسي أكبر ومكانة" في مواجهة التحدي الليبي، منتقداً بذلك على ما يبدو ترشيح الوزيرة الغانية.
وقال المسؤول الأميركي نفسه: "نريد مبعوثاً خاصاً يركز على المفاوضات حصراً"، مع تكليف "ممثل خاص" للأمم المتحدة إدارة البعثة في ليبيا.
ويرفض شركاء الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي طلب إحداث منصبين بدلاً من واحد، خوفاً من المبالغات، ويؤكدون أن هذا النموذج الذي تم تطبيقه بلا نهاية في قبرص والصحراء لم يثبت جدواه. وصرح دبلوماسي طالباً عدم ذكر اسمه، أنه في ليبيا، يمكن لأحد مساعدي المبعوث (عددهم اثنان حالياً) الاهتمام بالإدارة اليومية للبعثة الصغيرة التابعة للأمم المتحدة. والمطلب الأميركي غير مفهوم في الأمم المتحدة، بينما تتعرض المنظمة لضغوط أميركية كبيرة، وتسعى إلى توفير الأموال.
وبينما يتضاعف العنف في النزاع الليبي، رأى السفير الألماني في الأمم المتحدة كريستوف هويسغن أخيراً أن "الذين يعرقلون اقتراح الأمين العام يتحملون مسؤولية كبرى".
في الصحراء، لم يعد هناك مبعوث سياسي منذ استقالة رئيس الدولة الألماني السابق هورست كولر في مايو/أيار 2019، أي قبل أكثر من عام. وبعد جمود استمرّ سنوات، نجح كولر في إعادة إطلاق المحادثات بين "جبهة تحرير الساقية الحمراء" و"وادي الذهب" (بوليساريو) والمغرب والجزائر وموريتانيا. وينبغي أن يحصل تعيين أي مبعوث على موافقة المغرب، الذي عبّر عن رغبته السنة الماضية في اختيار رئيس سابق مجدداً، كما قال دبلوماسيون ونفى آخرون.
وفي فبراير/شباط، اختار غوتيريس للمنصب الرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة في 2017-2018، وزير الخارجية السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك، لكن الأمر لم يجدِ. فبينما كان تعيينه على وشك أن يصبح رسمياً، رشحه الاتحاد الأوروبي ليصبح مبعوثاً أوروبياً للحوار بين صربيا وكوسوفو.
(فرانس برس)