أجمع باحثون عرب وأتراك على أن المخاوف الأساسية التي تحكم عقيدة الجيش التركي، هي "الخوف من الأسلمة" و"الخوف من الحركات الانفصالية" وتفكك الجمهورية التركية. وجاءت تدخلات العسكر في السياسة، لمنع حدوث أحد هذين الأمرين، من وجهة نظر المؤسسة العسكرية. كلام الباحثين جاء خلال الجلسة الأخيرة من مؤتمر "الجيش والسياسة في مرحلة التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، التي عُقدت يوم أمس، الإثنين، حول "مقاومة الانقلابات في الديمقراطيات الفتية على ضوء الانقلاب التركي الأخير"، وخُصصت لمناقشة انقلاب 15 يوليو/تموز الفاشل في تركيا. ورأى الباحثون أن هذا التوجّه للجيش التركي، رسم جلّ تدخلاته في السياسة، والتي كانت تنتهي غالباً بتخلي العسكر عن الحكم، إذ لا يعمد الجيش التركي إلى تولي سدة السلطة بصورة مباشرة، لكنه يريد تنصيب نفسه "حارساً" للجمهورية العلمانية، ويضع نفسه وصياً على الدولة، أكان بشكل مباشر من خلال الانقلابات، أو غير مباشر من خلال مؤسسات تتحكم بالنظام السياسي.
وشدد عاشور على الإصلاحات التي قام بها حزب العدالة والتنمية لتغيير صيغة العلاقة الوصائية للجيش على الجمهورية، قائلاً: "منذ العام 2003 قامت الحكومة التركية بإجراءات جذرية لإصلاح الجيش ومنع سيناريوهات الانقلابات العسكرية السابقة، ارتكزت على الحد من تدخلات الجيش في السياسة، وفرض سيطرة الديمقراطية على المؤسسة العسكرية". وأكد أن "تعديلات 2007 و2010 الدستورية أعطت صلاحيات أكبر للسلطة المدنية على السلطة العسكرية". وعلى الرغم من عدم القدرة على إلغاء إمكانية الانقلاب، كما حدث في 15 يوليو/تموز، إلا أن الإصلاحات التي قام بها الحزب الحاكم ساهمت في احتواء الانقلاب وإفشاله.
أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سكاريا، مراد يسلتاس، فرأى أن أحداث انقلاب 15 يوليو/تموز "أثرت في مصداقية الجيش التركي لدى الأتراك"، وأنه في مرحلة تجاوز آثار هذا الانقلاب الفاشل، محاولة المؤسسة العسكرية "استعادة مصداقيتها" لدى الشارع التركي.
يُذكر أن الجلسة الختامية يوم أمس، قدّم خلالها عاشور ورقة حول تحديات مكافحة الانقلابات والدفاع عن الديمقراطية في تركيا، بينما تحدث أويصال عن العلاقات المدنية-العسكرية في تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية الحاكم. كما شملت الجلسة ورقتين إضافيتين، إحداها ليسلتاس، حول صياغة العلاقة بين العسكر والسلطة المدنية في تركيا بعد انقلاب 15 يوليو/تموز، والورقة الأخيرة لأستاذة الإعلام في جامعة الجزائر، فيروز لمطاعي، حول تناول الفضائيات العربية للانقلاب العسكري.