رست التحقيقات والتحريات الأمنية المكثفة في المغرب على أن جريمة قتل سائحتين دنماركية ونرويجية من قبل أربعة أشخاص قبل أيام قليلة، والتي أثارت ضجة وطنية ودولية، تحمل بصمات تنظيم "داعش" الإرهابي بشكل بارز.
وتتجلّى "البصمات الداعشية" في الجريمة، التي وقعت قرب ضريح يدعى شمهروش بمنطقة إمليل الجبلية في إقليم الحوز جنوب البلاد، في طريقة تنفيذ الجريمة من حيث قطع رأسي الضحيتين، وإطلاق عبارات "نصرة الإخوان في الهجين السورية"، علاوة على فيديو يوثق لمبايعة المنفذين تنظيم "داعش" تم تصويره قبل أسبوع من حصول الجريمة.
واعتبر الناطق الرسمي باسم المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والأمن الوطني، بوبكر سبيك، في حديث صحافي مساء اليوم الأحد، أن الجريمة التي حصلت تندرج في إطار "الذئاب المنفردة"، وأنها تمت بدون اتصال بجهات أجنبية، كما أن المجرمين ذهبوا إلى إمليل بحثاً عن ضحايا مفترضين، ولم تكن السائحتان مقصودتين بعينهما.
وكان رئيس المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في المغرب، عبد الحق الخيام، قد صرح بأن التهديدات الإرهابية على المغرب تكمن في تنقل "الذئاب المنفردة" من منطقة الساحل، معتبراً أن "عمليات الذئب المنفرد تروم إحداث أضرار معنوية تتبناها تنظيمات جهادية، وتوحي من خلالها بأنها قادرة على الهجوم في كل زمان ومكان".
و"الذئب المنفرد" هو شخص متطرف لا يرتبط تنظيمياً بالجماعات الإرهابية، لكنه يواليها ويناصرها فكرياً وأيديولوجياً، ويتبنى طروحاتها، كما أنه قد ينفذ الهجمات الإرهابية بإمكاناته الشخصية من دون تدخل عناصر أو قيادات خارجية.
وسبق لدراسة دولية أنجزها مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينز أن أكد أن "محاربة الذئاب المنفردة تتم بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، واختراق الحسابات الإلكترونية للجماعات الإرهابية، من خلال جمع المعلومات الاستخبارية، واعتقال قادة الخلايا المشتبه بهم".
وفي المغرب، تم إنشاء خلية أمنية واستخباراتية تعمل على مراقبة المحتويات الإلكترونية، ومدى تفقد متطرفين محتملين للمواقع "الجهادية"، كما تم توجيه رجال الأمن وأعوان السلطة المحلية، وكذلك عناصر مكافحة الجريمة الإلكترونية، إلى ضرورة رفع حالة اليقظة تجاه جميع مرتادي المواقع الجهادية عبر الشبكة العنكبوتية، ومواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الخبير في الجماعات المتشددة، إدريس الكنبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "المغرب مهدد من تنظيم (داعش) منذ سنوات"، مضيفاً أن "عدد الخلايا التي تم تفكيكها في السنوات الأربع الأخيرة، والمرتبطة بالتنظيم الإرهابي، دليل على أن هذا الأخير يتربص بالمغرب واستقراره".
وأبرز الكنبوري أن "الخطر الأكبر يأتي من ظاهرة ما يسمى "الذئاب المنفردة" الذين لا يرتبطون تنظيمياً بالتنظيم الإرهابي، وإنما يعتنقون أفكاره المنتشرة في شبكة الإنترنت، ويحاولون تقليد الأعمال الإرهابية التي ينفذها، وبعد ذلك إعطاء ولائهم له، وتبني التنظيم لما يحصل".