للمرة الأولى، منذ بداية فترته الرئاسية، بدأ الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، برفقة رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، زيارة إلى مدينة المكلا في محافظة حضرموت، ثالث أهم المدن اليمنية التي تسيطر عليها قوات الشرعية وتشهد حراكاً سياسياً واستقراراً نسبياً. ويأتي التطور بالتزامن مع تصاعد المواجهات الميدانية بين قوات الشرعية والانقلابيين، شرق العاصمة صنعاء، ومحافظات متفرقة في البلاد. وأوضحت مصادر رسمية يمنية، أمس الأحد، أن هادي سيعقد، خلال زيارته المكلا، لقاءات مع قيادات السلطة المحلية والمسؤولين الأمنيين والعسكريين، وذلك لـ"الوقوف على واقع المحافظة واحتياجاتها الخدمية والتنموية والأمنية، وتفعيل وتعزيز الاستقرار الذي تشهده المحافظة بصورة عامة"، في إطار "زياراته الميدانية التفقدية للاطلاع على أوضاع المحافظات المحررة".
وجاءت زيارة هادي إلى المكلا، بعد شهر من عودته إلى مدينة عدن، إذ كان يقيم في السعودية. وقالت مصادر محلية في حضرموت، لـ"العربي الجديد"، إن الزيارة تأتي في ظل تقدّم أمني في المحافظة، ومدينة المكلا خصوصاً. وكانت القوات الحكومية قد أعلنت أخيراً، أكثر من مرة، عن إحباط هجمات إرهابية والقبض على خلايا تابعة لتنظيم "القاعدة"، والذي سيطر على المكلا لمدة عام كامل، منذ أبريل/نيسان 2015 وحتى الشهر ذاته من العام الحالي. وتشهد حضرموت منذ أسابيع، حراكاً سياسياً، يتمثل بتحضيرات ما سُمّي "مؤتمر حضرموت الجامع"، والذي يقول القائمون عليه إنه يسعى لرسم الخطوط العريضة لمستقبل المحافظة النفطية، والتي تحتل نحو ثلث مساحة اليمن، وتتمتع بعوامل استقلال ذاتي أكثر من غيرها من المحافظات، فيما ربط مراقبون الزيارة بتوجه الحكومة الشرعية نحو تفعيل تصدير النفط ومساعيها لإعادة الشركات النفطية للاستثمار في البلاد.
وتعد حضرموت إحدى أهم المحافظات اليمنية، وهي المركز الشرقي في الجنوب مقابل عدن، وكانت بعيدة نسبياً عن الحرب بين قوات التحالف العربي، الداعم للحكومة الشرعية، من جهة، ومسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائهم الموالين لعلي عبدالله صالح من جهة أخرى. ويغلب في المحافظة التوجّه نحو الاستقلال الذاتي في إطار نظام "الأقاليم" أو الدولة الاتحادية، الأمر الذي يثير حساسية في المحافظات الجنوبية (عدن ومحيطها). ويصف بعضهم الأمر بأنه تقسيم لـ"الجنوب".
وخلال الشهرين الماضيين شهدت حضرموت ترتيبات عسكرية على درجة من الأهمية، إذ أبعد الرئيس اليمني، بقرار رئاسي، قائد المنطقة العسكرية الأولى، اللواء يحيى الحليلي، والذي كان آخر قائد عسكري على مستوى قائد منطقة في الجنوب ينحدر من الشمال، وأعقب ذلك سحب قوات عسكرية من المنطقة الأولى باتجاه مأرب. كما جرى نشر قوة عسكرية مؤلفة مما يُعرف بـ"النخبة الحضرمية" ومن أبناء محافظة شبوة غرب حضرموت، لتتولى تأمين مناطق استراتيجية. من جانب آخر، تأتي تحركات هادي شرق البلاد، في ظل تصعيد عسكري مستمرّ من قبل قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية والمقاومة الشعبية، شرقي صنعاء، بغطاء جوي من مقاتلات التحالف. وأكدت مصادر مقربة من الانقلابيين وأخرى من المقاومة، لـ"العربي الجديد"، أن معارك عنيفة شهدتها مديرية نِهم في الأيام الثلاثة الماضية، راح ضحيتها العشرات، غالبيتهم من الحوثيين وحلفائهم.
وأعلنت قوات الشرعية خلال الأيام الماضية السيطرة على العديد من المواقع والمرتفعات الجبلية في منطقة نِهم، آخرها ما أعلن عنه مصدر عسكري أمس، موضحاً أن الجيش حرّر المواقع المحيطة بسد العقران، مشيراً إلى أن الغارات الجوية دمّرت ثمانية أطقم مسلحة للانقلابيين كانت تحمل أسلحة وذخائر ومسلحين. ويتزامن التصعيد في مديرية نِهم، المشتعلة بالمعارك منذ عام، مع تصعيد على أطراف مأرب الغربية، تحديداً جبهة صرواح، والتي فقدت فيها قوات الشرعية الأحد القيادي في حزب الإصلاح، رشاد البعداني، فيما نفذ التحالف سلسلة غارات على جبهة المخدرة، قالت مصادر المقاومة إنها أسفرت عن تدمير أطقم مسلحة وآليات للانقلابيين.