تحتضن مدينة عدن، جنوبي اليمن، اليوم الأحد، تظاهرة هي الثانية من نوعها خلال أقل من شهر، في ظل ترقب لما إذا كانت ستحمل مزيداً من الخطوات الانفصالية التي يتبناها قادة جنوبيون متحالفون مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "الحشود الجماهيرية من مناصري الحراك الجنوبي وما يُسمى بالمقاومة الجنوبية، بدأت بالتوافد من محافظات جنوبية متفرقة، إلى مدينة عدن، منذ مساء الجمعة ويوم السبت، وذلك استعداداً لإحياء تظاهرة جماهيرية تحت عنوان مليونية تأييد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي"، وذلك استجابة لدعوة سابقة، من المجلس الذي تألّف حديثاً، وأعلن أنه يسعى لإقامة دولة منفصلة في جنوب اليمن، تحت مسمى "الجنوب العربي".
وتتزامن الفعالية مع عودة مرتقبة لكل من محافظ عدن السابق، رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، ونائبه هاني بن بريك، من زيارة خارجية إلى السعودية استمرت أسبوعاً، وانتهت يوم الجمعة الماضي، بمغادرة الرجلين الرياض إلى العاصمة الإماراتية، أبوظبي، والتي يوجد فيها العديد من القيادات الجنوبية وأعضاء من المجلس الانتقالي الجنوبي، بمن فيهم محافظ حضرموت، أحمد سعيد بن بريك.
وتعد فعالية عدن، اليوم الأحد، هي الثانية من نوعها، بعد أن استضافت المدينة، في الرابع من الشهر الجاري، ما سُمي "مليونية إعلان عدن التاريخي"، وهي الفعالية التي صدر عن منظميها بيان فوّض الزبيدي بتشكيل قيادة سياسية لإدارة وتمثيل جنوبي اليمن. وتكتسب فعالية الأحد، العديد من الأبعاد والدلالات، إذ إنها تأتي في الذكرى الـ23 لإعلان "فك الارتباط"، من قبل الجناح الحاكم بالحزب الاشتراكي، حيث أعلن هذا الجناح في الـ21 من مايو/أيار الانفصال عن الشمال خلال الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد عام 1994، ويعتبر المناصرون للحراك الجنوبي، هذه المناسبة، ذكرى الانفصال عن الشمال، بعد أن دخل شطرا البلاد الشمالي والجنوبي في وحدة طوعية عام 1990.
من جهة ثانية، تأتي أهمية الفعالية لجهة كونها الأولى، بعد الزيارة التي قام بها الزبيدي وبن بريك إلى السعودية، حيث تحدثت مصادر حكومية يمنية لـ"العربي الجديد"، أن الزيارة ساهمت في احتواء أزمة "الانقلاب" في عدن، لكن تصريحات ومصادر قريبة من الزبيدي وبن بريك تشير إلى خطوات نحو الوراء، حيث توجّه الرجلان، يوم الجمعة، إلى أبوظبي، التي تعد فاعلاً محورياً في تأسيس "المجلس"، وتُتهم بتبني ورعاية إعادة تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، ومن المتوقع أن تكون أحداث الأيام القادمة فاصلة في كشف الاحتواء من عدمه.
الجدير ذكره، أن الحكومة اليمنية الشرعية التي يقيم أغلب مسؤوليها خارج البلاد، باتت تواجه انقلاباً مؤخراً في عدن بعد ما يقرب من عامين ونصف على الانقلاب الذي واجهته في صنعاء، غير أن انقلاب عدن، المدعوم إماراتياً، يمثل الضربة الكبيرة التي تضعف موقف الحكومة الشرعية، أكثر من أي وقتٍ مضى، ما لم يتم احتواؤه.
وأعلن "المجلس الانتقالي الجنوبي"، يوم السبت الماضي، أنه لا يستهدف بأي حال من الأحوال، شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي. لكن المجلس في السياق نفسه، لم يكتفِ بالإعلان الصريح عن أن الهدف الذي يسعى إليه هو "الاستقلال" (بتعبير آخر الانفصال)، بل تعدى ذلك إلى إنكار الهوية اليمنية، والقول إن الدولة التي يسعى إلى إقامتها جنوب اليمن هي "الجنوب العربي"، وهو مسمى يحاول التنصل من الهوية اليمنية والعودة بالجنوب، ليس إلى ما قبل عام 1990، وإنما نحو مرحلة جديدة تعتمد التسمية التي سادت جنوباً في السنوات الأخيرة للاستعمار البريطاني قبل إعلان الاستقلال عام 1967.