وعلى الرغم من الهدنة التي كان قد أقرّها المحتجون بمناسبة العيد، ومبادرتهم بفتح الطريق، لكن وفاة الشاب وسام النصري، (39 عاماً)، والذي كان قد أضرم النار في جسده، بعد خلاف مع الكاتب العام لبلدية فرنانة، أججت الاحتقان مجدداً.
وشيّع أهالي فرنانة، بأعداد كبيرة، اليوم، جثمان النصري، رافعين عدة شعارات، منها "بالروح بالدم نفديك يا وسام".
وقال صديق النصري، وليد غزواني لـ"العربي الجديد"، إن "خبر وفاة وسام نزل عليهم كالصاعقة، وإن الشاب توفي متأثراً بحروقه بعد معاناة مريرة مع الحروق استمرت حوالي أسبوع في مستشفى بن عروس بالعاصمة تونس".
واعتبر أن "إقدام وسام على حرق نفسه، كان بسبب شعوره بالقهر والظلم".
وأضاف أن "شباب فرنانة غاضبون جداً، ومصدومون مما آلت إليه الأوضاع في الفترة الأخيرة، ما قد يهدد بحصول الأسوأ"، محذراً من "تواصل لامبالاة المسؤولين، ومن طريقة تعاملهم مع احتجاجات شباب فرنانة، حيث لا يتم الإنصات إليهم، ولا النظر في مطالبهم العاجلة".
وحول التعزيزات الأمنية المكثفة، بين غزواني، إنها حالياً في محيط فرنانة، وخاصة قرب منطقة الأمن، ومقر البلدية.
من جهته، عبر ناشط ، يدعى رابح، في حديث لـ" العربي الجديد"، عن "مخاوف حقيقية من حصول حالة من الانفلات، ما يفسح المجال أمام الإرهابيين للمرور"، مبيناً أن "فرنانة منطقة جبلية".
وأضاف أن "المواطن يساعد الجهود الأمنية في التصدي للإرهاب والحيلولة دون توغل بعض العناصر الى المناطق المجاورة".
وتابع: "في ظل انشغال المواطن بالمطالب وبالحقوق الاجتماعية، فإن الأمن بمفرده لا يمكنه التنبه لبعض التحركات المشبوهة، ولا يمكنه الانتشار في جميع الأماكن والمساحات في فرنانة، خاصة في مثل هذا الظرف الدقيق".
وحول وفاة وسام النصري، قال إنّ "المحتجين يحملون السلطات الجهوية والمحلية، مسؤولية وفاته، لأنه وكأي شاب في المنطقة، كلما توجه إلى البلدية أو المحافظة، لا يجد استجابة، وهو ما يحصل لبقية الأهالي، حيث إن مطالبهم ومشاغلهم مؤجلة، الأمر الذي مهد إلى حالة من اليأس".
وأبدى رابح خشيته، من "تنفيذ المحتجين بعض التهديدات، ومنها قطع الماء الذي يزود بقية المناطق كخطوة للتصعيد، ما قد يؤدي إلى حصول كارثة حقيقية".
وكشف أن، "الأهالي سينظمون، غداً الثلاثاء، وقفة احتجاجية للتعبير عن غضبهم".
بعض المحتجين، قالوا لـ"العربي الجديد"، إن المنطقة "تفتقر إلى التنمية، ونسبة البطالة مرتفعة في صفوف الشباب، ولا يوجد مصانع، ولا أي فضاءات ترفيهية".
ولفتوا إلى أن "من يرغب في تأسيس مشروع خاص يواجه عقبات، بسبب استشراء الفساد والمحسوبية"، معتبرين أن "وسام، هو واحد من شباب فرنانة المهمش والمظلوم، فقد فتح مقهى ليعيل عائلته، ولكن مضايقات المسؤولين هي التي دفعته إلى الانتحار".
وأكدوا أن أحد الشباب من العاطلين عن العمل، أراد إنشاء مصنع للخشب، وتشغيل اليد العاملة، ولكن مشروعه لم ينفذ، حيث إن التجهيزات ظلت في ميناء تونس لعدة أشهر، ولم يتم التصريح بتسلّمها، حتى اليوم، ما يدفع الشباب الى اليأس وإلى الهجرة.
وحمّل المحتجون، المسؤولين في المنطقة، ونوابها، مسؤولية التطورات الخطيرة التي قد تؤول إليها الأوضاع، معتبرين أنّ عدداً من المسؤولين يقفون عائقاً أمام التنمية والتشغيل.