تلقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي المزيد من الهزائم في الغرفة العليا للبرلمان البريطاني، والتي تصوت حالياً على قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
وصوت أعضاء مجلس اللوردات لصالح الحفاظ على قوانين حقوق الإنسان الخاصة بالاتحاد الأوروبي في القانون البريطاني، في تصويت يخالف الطلب الحكومي بالتخلي عنها فور مغادرة الاتحاد.
وصوت عشرة من أعضاء المجلس المنتمين لحزب المحافظين ضد توجيهات حزبهم، بعدم الاصطفاف إلى جانب المعارضة البرلمانية التي تطالب بالإبقاء على ميثاق الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان ضمن التشريعات البريطانية.
وترى الحكومة البريطانية أن الحفاظ على هذا الميثاق سيضع بريطانيا تحت سلطة المحكمة الأوروبية العليا بعد البريكست، وهو خرق للسيادة التي يطالب بها مؤيدو البريكست.
كما يجادل الوزراء بأن أغلب فقرات ميثاق حقوق الإنسان محمية في القانون البريطاني بشكل مستقل.
إلا أن الأصوات المعارضة للتوجه الحكومي ترى أن التخلي عن الميثاق غير مبرر وسيؤدي إلى الفوضى، متهمين الحكومة بالسعي إلى تقويض الحقوق الأساسية التي يتمتع بها سكان المملكة المتحدة.
ويتحدى مجلس اللوردات قانون البريكست الذي نجحت الحكومة في تمريره في مجلس العموم مع نهاية العام الماضي، حيث ألحق بها خمس هزائم منذ عودته من عطلة الربيع قبل أسبوعين.
فقد خسرت حكومة ماي تصويتين الأسبوع الماضي، أحدهما يتعلق بعضوية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي. كما صوت اللوردات ضد رغبة الحكومة في مناسبتين أخريين يوم أمس، وهو ما يعد تحدياً واضحاً لرؤية الحكومة الخاصة بالبريكست.
وتعزز خسارة ماي لكافة التصويتات في مجلس اللوردات على قانون البريكست من زخم الحراك السياسي المؤيد للاتحاد الأوروبي مع تبقي أربع مناسبات للتصويت في مجلس اللوردات في الأسابيع الثلاثة القادمة.
ويعود مشروع القانون بعد ذلك إلى مجلس العموم للتصديق على التعديلات التي تقدمت بها الغرفة العليا من البرلمان.
وستشهد الغرفة الدنيا في مجلس العموم، يوم الخميس تصويتاً غير ملزم على عضوية الاتحاد الجمركي، ينتظر فيه أن يصطف متمردو الحزب الحاكم إلى المعارضة البرلمانية لإلحاق هزيمة رمزية بحكومة ماي، مدفوعين بالأجواء التي خلقتها الهزائم في مجلس اللوردات.
وفي السياق ذاته، نفى مصدر حكومي التقارير عن نية ماي الاستقالة في حال خسارتها هذا التصويت في مجلس العموم، مؤكداً على أنه ليست تصويتاً على الثقة في الحكومة.
بينما يطالب الجناح المؤيد للبريكست المشدد رئيسة الوزراء بعدم الاستجابة للضغوط التي تتعرض لها، للمحافظة على عضوية بريطانيا في الاتحاد الجمركي بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وكانت سلطة محكمة العدل الأوروبية وعضوية الاتحاد الجمركي من الخطوط الحمراء التي وضعتها ماي، وبضغط من مؤيدي البريكست المشدد الذين يهيمنون على القرار المحافظ في البرلمان.
إلا أن مؤيدي البريكست المخفف من حزب المحافظين تمردوا سابقاً على توجهات الحزب، وانضموا للمعارضة في التصويت ضد الحكومة ملحقين بها أولى الهزائم نهاية العام الماضي.
وينتظر البرلمان البريطاني عاما حافلا بالتصويت على قضايا رئيسية في علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي. وعدا عن قانون الانسحاب من الاتحاد، توجد عدة قوانين أخرى بحاجة للحصول على الموافقة البرلمانية قبل موعد بريكست.
فمشروعا قانوني التجارة والجمارك لا يزالان في مراحلهما الأولى في مجلس العموم. وفي حال تمكن العمال بالتحالف مع متمردي المحافظين من تعديل القانون الخاص بالاتحاد الجمركي، فسيؤدي ذلك إلى إرباك استراتيجية ماي التفاوضية.
كما أن مشروع قانون الهجرة، والذي كان من المفترض بدء نقاشاته في مجلس العموم نهاية العام الماضي، جرى تأجيله حتى بداية الصيف المقبل على أبكر تقدير. ويتعلق هذا القانون بحقوق المواطنين الأوروبيين في بريطانيا بعد بريكست.
وينتظر أيضاً أن تكون القمة الأوروبية المنعقدة في يونيو/ حزيران المقبل حاسمة فيما يتعلق بالحدود الإيرلندية، والتي لم يتم التوصل إلى حل نهائي لها، حيث يجري ربطها بالمفاوضات التجارية بين الطرفين. وبناء على شكل العلاقة التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد بريكست، سيتضح شكل الحدود بين إيرلندا الشمالية والجمهورية الإيرلندية.