يشرف عام 2016 على الانتهاء من دون حل المشاكل المعطلة لتطوير العلاقات المصرية الروسية بما يحقق الاستفادة الاقتصادية للقاهرة في مجالي السياحة والطاقة. ولا يزال المصريون يترقبون عودة السياحة الروسية، وينتظرون أيضاً توقيع الاتفاق الفني النهائي الخاص بالمفاعل النووي المصري بمنطقة الضبعة. بمعنى آخر، يريدون عودة التعاون المربح للبلدين في الآن معاً، لأن روسيا تحقق استفادة واضحة في ملفات عدة، على الأصعدة الاستراتيجية والاستخباراتية والعسكرية، بما يتعلق تحديداً بالملف السوري، كما استحوذت شركة "روس نفط"، أخيراً، على 30 بالمائة من حقل "ظهر" البحري للغاز الطبيعي.
ولا تلوح في الأفق مؤشرات لحصول زيارة قريبة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى القاهرة، بعد شهرين تقريباً من تأكيد وسائل إعلامية مصرية، مؤيدة لنظام عبدالفتاح السيسي، تحدثت عن زيارة مرتقبة خلال أحد شهري أكتوبر/ تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين. وذكرت الصحافة المصرية أن بوتين (كان) سيأتي لرعاية التوقيع النهائي على اتفاق المحطة النووية. لكن السفير الروسي في القاهرة، سيرغي كيربيتشينكو، نفى أخيراً هذه المعلومات، واصفاً ما نشر في هذا الصدد بـ"خيال بلا حدود للمصادر المصرية".
ويطفو خلاف آخر على سطح ملف التحقيقات، بسبب عدم تسليم مصر جميع الأدلة الجنائية التي حصلت عليها لروسيا على الرغم من مطالبتها بذلك أكثر من مرة. وترى النيابة المصرية أنها المختصة وحدها بالتحقيق في الحادث. في المقابل، يرى المحققون الروس أن من حقهم الاطلاع على جميع الأدلة بما في ذلك التي تم جمعها من المطار المصري، وأقوال الشهود والمتهمين، نظراً لأن هذه الأدلة قد تقود إلى إدانة بعض المسؤولين، فضلاً عن كونها مهمة ومؤثرة عند تحريك عائلات الضحايا مطالبات قضائية بالتعويض.
أما المشكلة الثانية، فتتمثل في عدم توصل الطرفين حتى الآن، لصيغة مرضية حول بروتوكول التعاون الملاحي الجوي الذي ترغب روسيا في أن توقعه الدولتان لضمان سلامة رحلات الطيران الروسي على الأراضي وفي الأجواء المصرية. وهذا ما تصفه المصادر الدبلوماسية بـ"ما يشبه عقد الإذعان"، إذ تشترط روسيا على مصر توقيعه والتزامها بكل بنوده كشرط لاستئناف الرحلات الجوية. وتشير المصادر إلى أن البروتوكول يقنن التفتيش الروسي على سلامة الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية المستخدمة في رحلات الطيران الروسي، بالإضافة لتحديد عدد أدنى وأقصى من الرحلات اليومية المتبادلة، وتحديد المطارات الدولية التي يمكن أن تستخدمها الدولتان في رحلاتهما المتبادلة كمحطات مؤقتة (ترانزيت)، بالإضافة إلى تحديد بعض الشروط الأمنية الأخرى في المطارات المستقبلة للطيران الروسي. ويرى الجانب المصري أن كل هذه المطالب الروسية مجحفة وستؤدي لإرباك في نظم إدارة المطارات المصرية وتعاملها مع الرحلات الآتية من الدول الأخرى.
والمشكلة الثالثة تتمثل في أن روسيا لا تقرن عودة الطيران برفع حظر السياحة لمصر. في المقابل، ترغب مصر في أن يصدر القراران بشكل متزامن، لا سيما أن فصلي الشتاء والربيع يمثلان ذروة إقبال السائحين الروس على مدن سيناء تحديداً. والحكومة المصرية باتت تراهن على قرار عودة السياحة الروسية كحل محتمل لمشكلة انخفاض سعر الجنيه باستمرار مقابل الدولار الأميركي. وسبب هذا الرهان يكمن في أن الروس كانوا يمثلون حتى نهاية 2015، النسبة الأكبر من السياح الأجانب الذين يترددون إلى المنتجعات السياحية المصرية، بعدما تراجعت أعداد نظرائهم الأوروبيين والأميركيين خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وسبق أن كشفت "العربي الجديد" عن وجود اتصالات بين روسيا ومصر لاستغلال القاعدة العسكرية بسيدي براني كمستودع للأجهزة والآليات الروسية التي ستشارك في عملية إنشاء المفاعل النووي، التي لا يعرف كم ستستغرق من الوقت، في ظل ضعف التمويل واعتماد مصر على القرض الروسي بشكل كامل في ذلك.
وكان من المفترض أن تتلقى مصر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 247 مليون دولار، كدفعة أولى من القرض الروسي الذي تم الاتفاق عليه بين البلدين لتمويل المحطة النووية بقيمة إجمالية تبلغ 25 مليار دولار. إلّا أن الاتفاق أصبح معرضاً لتعديل الجدول الزمني لإيداع دفعات القرض، نظراً لانخفاض قيمة العملتين المحليتين المصرية والروسية بالنسبة للدولار الأميركي. كذلك، "تأخر توقيع الاتفاق الفني النهائي للمحطة"، حسب توضيح مصدر بوزارة المالية المصرية لـ"العربي الجديد".
يذكر أن موسكو أعلنت، يوم الخميس الماضي، تخفيف الحظر على الواردات المصرية من المحاصيل الغذائية، وبصفة خاصة محصول البطاطا، بعد ثلاثة أشهر تقريباً من التعليق المؤقت بعدما اكتشفت وصول شحنات فاسدة غير صالحة للاستهلاك وفقاً للمعايير الروسية. واشترطت موسكو لرفع الحظر تماماً، أن تلتزم مصر باتخاذ تدابير تضمن جودة وسلامة صادراتها الزراعية.