وأعلن الأمن العام اللبناني رسمياً إنجاز صفقة التبادل، و"تحرير ستة عشر عسكرياً، كانوا مختطفين لدى "جبهة النصرة" في جرود عرسال، وهم، الآن، في عهدة الأمن العام". وشكر الأمن العام "كل الذين ساهموا في إنجاز هذه العملية الإنسانية والوطنية، والتي أدّت إلى عودة العسكريين إلى وطنهم وذويهم"، وأكّد أنه لن يألو "جهداً في العمل على استعادة العسكريين المخطوفين لدى "داعش".
وأفاد مراسل "العربي الجديد"، أن رئيس الحكومة اللبنانية، تمام سلام، سيستقبل العسكريين اللبنانيين الذين تم تحريرهم من قبضة "جبهة النصرة"، وكان لافتاً، أنّ الدولة اللبنانية نقلت العسكريين المحررين إلى السراي الحكومي، قبل أن يلتقوا ذويهم الذين ينتظرون عودتهم من الخطف، منذ أكثر من عام وأربعة أشهر. مع العلم أنّ العسكريين وصلوا إلى السراي بعد أن لبسوا البزات العسكرية الرسمية وحلقوا لحاهم التي كانوا قد أطلقوها خلال فترة خطفهم في جرود بلدة عرسال (عند الحدود الشرقية بين لبنان وسورية).
وذكر بيان الأمن العام، أسماء العسكريين المفرج عنهم وهم ثلاثة عاملين في الجيش اللبناني، الرقيب جورج الخوري والجندي أول ناهي عاطف بوقلفوني والجندي ريان سلام. و13 عسكرياً عاملين في قوى الأمن الداخلي: المعاون بيار جعجع، الرقيب أول إيهاب الأطرش، العريف سليمان الديراني، العريف ميمون جابر، العريف أحمد عباس، العريف وائل حمص، العريف زياد عمر، العريف محمد طالب، الدركي لامع مزاحم، الدركي عباس مشيك، الدركي ماهر فياض، الدركي جورج خزاقة، الدركي رواد بودرهمين.
وعُرف من السجناء الذين أفرجت عنهم السلطات اللبنانية حسين الحجيري (متهم بقضية اختطاف السياح الأستونيين السبعة عام 2011)، ومحمد رحال ومحمد يحيى ومحمد عياش وإيهاب الحلاق وعبدالمجيد غضبان، وتشمل اللائحة كذلك خمس نساء، هن سجى الدليمي (طليقة زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي وأولادها الثلاثة) وعلا العقيلي (زوجة القيادي في "داعش" أنس جركس والمعروف بأبو علي الشيشاني) وأولادها، وجمانة حميّد (متهمة بنقل سيارات مفخخة من عرسال إلى الأراضي اللبنانية) وليلى النجار، وهي زوجة شقيق جركس، وسمر الهندي.
وتنصّ شروط عمليّة التبادل، أيضاً، على أن تقوم السلطات اللبنانية بإدخال مساعدات غذائية إلى اللاجئين السوريين في جرود عرسال، وتأمين ممر آمن لإخراج عدد من الجرحى من الجرود إلى تركيا.
اقرأ أيضاً: بنود صفقة التبادل بين لبنان و"النصرة"
كما تضمنت الصفقة الإفراج عن عائلة من السجون السورية، وهي مؤلفة من شقيقة أمير جبهة النصرة في القلمون أبو مالك التلي، وبناتها، وهن سيغادرن إلى تركيا فور تجهيز جوازات السفر بضمانة الأمن العام والوسيط القطري، بحسب ما أكّد نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي (أحد الوسطاء) لـ"العربي الجديد".
وفي حين طلبت السلطات اللبنانية من أهالي العسكريين المفرج عنهم، التوجه إلى بيروت من أجل استقبال أبنائهم، قام رجل دين بسؤال الموقوفين المفرج عنهم عمّا إذا كانوا يُريدون التوجه إلى جرود عرسال، والبقاء مع جبهة النصرة، أو العودة إلى الداخل اللبناني بعد تسوية أوضاعهم القانونية.
وقد أبدى معظم المفرج عنهم الرغبة بالبقاء في الأراضي اللبنانية. وأشارت سجى الدليمي إلى أنها قررت البقاء في لبنان، تمهيداً للمغادرة إلى تركيا فور الحصول على جواز السفر.
اقرأ أيضاً: مؤشرات على اقتراب عملية التبادل بين لبنان و"النصرة"
وأعلن مدير مؤسسة "لايف" لحقوق الإنسان المحامي، نبيل الحلبي، وهو أحد المفاوضين، عن بنود الاتفاق بين الجانبين، وهي:
ــ فتح ممر إنساني آمن بين مخيم اللاجئين في جرود عرسال وبلدة عرسال بشكلٍ دائم.
ــ تأمين ممر إغاثي بشكل شهري للاجئين في عرسال عبر الجمعيات الإنسانية.
ــ تأمين نقل الجرحى المدنيين الذي لم يكونوا قادرين على الدخول إلى عرسال وتسوية الأوضاع القانونية لهم.
ــ تسوية الأوضاع القانونية داخل الأراضي اللبنانية للموقوفين المطلق سراحهم.
ــ تأمين المواد الطبية وتجهيز مستشفى عرسال.
ــ تأمين منطقة وادي حميد في جرد عرسال كمنطقة آمنة.
وأبلغ القاضي محمد صعب، وهو مستشار وزير العدل اللبناني، أشرف ريفي، "العربي الجديد"، أن جميع المفرج عنهم ليس بحقهم أحكام قضائية، بل هم موقوفون احتياطياً، وهو التعبير القضائي الذي يستخدم لوصف الموقوفين تمهيداً لمحاكمتهم.
كما أشار صعب إلى أن هذا الأمر كان الشرط الأساسي للسلطات اللبنانية، إذ إن الإفراج عن الذين صدرت في حقهم أحكام قانونية يحتاج إلى عفو رئاسي، وفي الحالة الحالية، إلى موافقة جميع الوزراء بسبب الفراغ الرئاسي.
ولفت إلى أن الشكل القانوني الذي اعتمد هو قرار إخلاء السبيل، ويصدر عن قاضي التحقيق أو المحكمة العسكرية، بحسب الملف، وهو يعني تركه مؤقتاً، على أن تتم محاكمته لاحقاً أو صدور قرار بمنع المحاكمة.
ومرت الصفقة بلحظات كادت تعرقلها في دقائقها الأخيرة، إذ سبق للمدير العام للأمن العام، عباس إبراهيم، أن أعلن عند الساعة التاسعة صباحاً أن الأمور "تأخذ مجراها المتفق عليه مع ساعات الفجر الأولى، والإشارة الأولى لبدء تنفيذ الاتفاقية انطلقت".
كان يُفترض أن يجري التبادل، عند الساعة العاشرة والنصف، لكن إرسال سيارات الصليب الأحمر لإحضار العسكريين المخطوفين والجرحى المنوي نقلهم، من دون أن يكون على متنها الموقوفون المفترض إطلاق سراحهم، أدى إلى تأخير الصفقة، وهو ما دلّ على انعدام الثقة بين الطرفين. وأصرت جبهة النصرة على موقفها، إلى أن أحضر الموقوفون المفرج عنهم، وسمع مسؤولو "النصرة" منهم قرارهم بالبقاء في لبنان.
وإذا كانت صفقة التبادل مع "النصرة" تضع حداً لمأساة العسكريين المخطوفين لديها، فإن ملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لا يزال مفتوحاً في ظل انقطاع الاتصال بالخاطفين، منذ أكثر من عام، حتى أن أهالي العسكريين التسعة المخطوفين عند "داعش" لم يتواصلوا مع أبنائهم، منذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويذكر أن قضية خطف العسكريين تعود إلى أغسطس/ آب 2014، عقب اجتياح المجموعات السورية بلدة عرسال إثر توقيف الجيش اللبناني أحد قياديي المجموعات المسلحة السورية.
اقرأ أيضاً: لبنان: إجراءات لوجستية لإتمام صفقة إطلاق العسكريين المختطفين