حكم قاض فدرالي في كندا بمنع وضع علامة "صنع في إسرائيل" على نوعين من النبيذ من إنتاج مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وعلل القاضي قراره بأن التسمية زائفة وتحرم الكنديين من حقهم في اختيار مقاطعة هذه المنتجات، بحسب صحيفة "غلوب أند ميل" الكندية.
وقال قرار المحكمة الفدرالية في كندا، يوم الاثنين، إن "المستهلكين الكنديين لهم حق دستوري في وضع علامات دقيقة، لأن خيارات الشراء الخاصة بهم قد تكون تعبيراً عن فكرهم أو ضميرهم أو معتقداتهم الدينية".
ووصلت القضية إلى المحكمة الفدرالية بعد أن خاض ديفيد كاتنبرغ وهو أحد سكان مدينة وينيبيغ الكندية معركة قضائية استمرت عامين ونصف العام لتغيير الملصقات، واصفاً وجودهم بأنه إهانة لحقوق الإنسان وضميره. ووصف كاتنبرغ نفسه للمحكمة بأنه "طفل يهودي من الناجين من الهولوكوست"، بحسب الصحيفة الكندية.
وقد يكون للحكم عواقب بعيدة المدى وفقاً للمحامي ديمتري لاسكاريس، الذي مثل كاتنبرغ، حيث قال المحامي "هذا الحكم ستكون له آثار على أي قرار شراء من قبل مستهلك يتعلق بمسائل الضمير، على سبيل المثال سيكون للمهتمين بحقوق الحيوان الحق في الطعن في الملصقات غير الدقيقة".
واتخذت الحكومة الكندية خلال الدعوى موقفاً مفاده أن قوانين حماية المستهلك لا تهدف إلى تقديم معلومات عن القضايا الجيوسياسية الحساسة. وقال ممثل الحكومة إن أولئك الذين يريدون مثل هذه المعلومات في هذه الحالة يمكنهم "فقط البحث عن اسم مصانع النبيذ من خلال غوغل". وتابعت الحكومة "يحق للمستهلكين الحصول على معلومات دقيقة لأسباب تتعلق بالصحة والسلامة وليس لأسباب تتعلق بالضمير".
ويعني الحكم أن هيئة فحص الأغذية الكندية تحتاج إلى إعادة النظر في العلامات الموضوعة على نوعي النبيذ المنتجين في المستوطنات وأي منتجات أخرى تنطبق عليها نفس المواصفات.
وقد احتج المدعي ديفيد كاتنبرغ، وهو أستاذ علوم وصحافي، على وضع علامة "صنع في إسرائيل" لدى هيئة مراقبة الخمور في ولاية أونتاريو التي كانت تبيع نوعي النبيذ، ومن ثم احتج لدى هيئة فحص الأغذية الكندية. وقد دعمت الهيئة شكواه في البداية، لكنها غيرت رأيها بعد أن انخرطت وزارة الشؤون الدولية الكندية في المسألة.
ثم اشتكى كاتنبرغ لدى مكتب الاستئناف لهيئة الغذاء الكندية والذي أيد القرار الأصلي بعد الإشارة إلى اتفاقية التجارة الحرة لكندا مع إسرائيل والتي تغطي الأراضي التي ينطبق عليها قانون الجمارك الإسرائيلي - بما في ذلك الضفة الغربية.
وطلب كاتنبرغ مراجعة قضائية في المحكمة الفدرالية. وتدخلت مجموعتان يهوديتان في المحاكمة، واحدة على كل جانب. حيث أرادت رابطة "حقوق الإنسان في باني-بريث" في كندا المحافظة على العلامات كما كانت، في حين أرادت منظمة "أصوات اليهود المستقلة" في كندا تغييرها.
وقال المدعي ديفيد كاتنبرغ للصحيفة الكندية إن ملصقات "صنع في إسرائيل" كانت طريقة إسرائيل "لزرع علم مرفوع على أراض مسروقة - على أرفف المتاجر الكندية".
وجادلت الحكومة الكندية في المحكمة بأن قبول هيئة الغذاء لملصقات "صنع في إسرائيل" كان معقولاً جزئياً لأن لوائح وضع العلامات على المواد الغذائية والأدوية تتطلب إشارة واضحة إلى بلد المنشأ، والضفة الغربية ليست جزءًا من بلد معترف به من كندا. لكن القاضي الفدرالي لم يقبل هذه الحجة واصفًا التسمية بأنها "خاطئة ومضللة".
وقال المدعي كاتنبرغ إن الحكومة الكندية بسماحها بالملصقات تكون قد أيدت في الواقع "ضم إسرائيل الفعلي للضفة الغربية، بينما في الواقع المستوطنات غير شرعية وهي عقبة أمام حل الدولتين المرغوب فيه".
وأضاف أن القرار يمكن أن يكون له تأثير على منتجات أخرى مثل مستحضرات التجميل المصنوعة في المستوطنات. وبينما يعتقد أنه يجب حظر المنتجات الاستيطانية في كندا كليا، قال إنه على الأقل يجب أن يتم تمييزها بشكل صحيح "حتى يتمكن الكنديون من استخدام ضميرهم حين اتخاذ قرار ما إذا كانوا سيشترونها أم لا".
في السياق، لفتت صحيفة "هآرتس"، إلى قرار مشابه للمستشار القضائي لمحكمة العدل الأوربية، نشر الشهر الماضي، يقضي بأن على فرنسا أن تضع إشارة واضحة على البضائع المُنتجة في المستوطنات الإسرائيلية. وأقر رأي المستشار القضائي الأوروبي بعدم سريان قرار محكمة فرنسية سابق بهذا الخصوص صدر نهاية العام الماضي، حدد أن فرنسا ليست ملزمة بالإشارة إلى مصدر منتجات إسرائيلية من المستوطنات.
وبين المستشار القضائي الأوروبي بهذا الخصوص أن قوانين الاتحاد الأوروبي تطلب وضع إشارة واضحة على منتجات إسرائيلية يتم تصنيعها في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 67، وتبيان كونها منتجات من المستوطنات.
وأشارت هآرتس إلى أن القرار بهذا الملف لم يصدر نهائياً، لكن قضاة المحاكم في أوروبا يميلون عادة لتبني وجهات نظر وآراء المستشارين القضائيين.
وكان مصنع الخمور الإسرائيلية، القائم في أراضي مستوطنة بسجوت في الضفة الغربية المحتلة، على أراض فلسطينية صادرها الاحتلال، توجه العام الماضي لمحكمة فرنسية مطالبا بعدم فرض وضع علامة على منتجاته التي أقرها الاتحاد الأوروبي. وادعى أصحاب مصنع الخمور الإسرائيلية، أن التعليمات الأوروبية تناقض وتخالف القوانين المحلية الفرنسية.
ومع أن المحكمة الفرنسية قبلت بالطلب الإسرائيلي إلا أنها حولت الملف للمحكمة الأوروبية. وأشارت الصحيفة إلى أن مصنع الخمور الإسرائيلي لم يحظ بتأييد ودعم من حكومة الاحتلال، خوفاً من أن يؤدي التوجه للمحكمة الفرنسية لنتائج عكسية.