ورغم أن المشتبه به، المغربي الجنسية، والمتحدر أيضاً من ضاحية مولنبيك، أسامة. ز، لم يكن يحمل حزاما ناسفا، كما شاع من قبل، فقد كان يملك حقيبة تخفي قنبلة صنعت لتوقع أكبر عدد من الضحايا، بحسب النيابة العامة. ولم يكن إسامة، ز، معروفا لدى السلطات الأمنية بتبنيه لأفكار متطرفة، ولكن فقط بسبب جنح تتعلق بالمخدرات.
تدابير كافية
وقد اعتبرت الحكومة البلجيكية التي عقدت، صباح اليوم الأربعاء، اجتماعا استثنائيا لمجلس الأمن القومي، أن الكفاءة المهنية والقدرة على الاستجابة السريعة ورد فعل الجنود مكّنت جميعها من تفادي الكارثة مساء الثلاثاء في المحطة المركزية للقطارات وسط بروكسل، فقد أدت إلى إحباط العملية الإرهابية التي لم تشهد أي ضحايا سوى مقتل منفذ الهجوم.
وقال وزير الشؤون الخارجية، ديدييه رايندرز، "لقد تفادينا هجوما كان يمكن أن يكون أكثر قوة، فخطة الأمن التي طبقت بموجب المستوى الثالث من التهديد الإرهابي نفذت بشكل جيد، وذلك بفضل تواجد الشرطة والجيش، وعلينا الآن أن نرى ما هو نظام الأمن الذي سنواصل تطبيقه، لأن مسألة تفادي الخطر بنسبة 100 في المائة غير ممكنة".
ولم يفوت وزير الداخلية، يان يامبون، الفرصة للتأكيد على أن هوية المشتبه به تم "التعرف عليها بشكل سريع إلى حد ما"، مضيفا "لقد أظهرت وقائع أمس أننا كنا مستعدين وأن التدابير كافية".
من جهته، شدد رئيس الحكومة البلجيكية، شاغل ميشيل، على أنه "سيتم اتخاذ تدابير جديدة لكل حدث على حدة"، في إشارة الى حفل موسيقي تشهده العاصمة الأوروبية، وينتظر أن يجمع حوالي 100 ألف شخص في أحد الملاعب يومي الأربعاء والخميس.
الشرطة الأوروبية تحذر
وكانت وكالة الشرطة الأوروبية، يوروبول، قد أصدرت تقريرا في مطلع الأسبوع يحذر من تنامي الهجمات الإرهابية المحبطة والمنفذة. ففي عام 2016، أبلغت ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي عن 142 عملية فشلت أو أحبطت أو تم تنفيذها.
وأبلغت المملكة المتحدة لوحدها عن أكثر من نصف هذا الرقم، أي 76 حالة. بينما أفادت فرنسا عن وقوع 23 هجوما، وإيطاليا 17، وإسبانيا 10، واليونان 6، وألمانيا 5، وبلجيكا 4، وهولندا عن هجوم واحد.
وقد ذهب جراء هذه العمليات 142 ضحية، وأصيب 379 شخصا. وعلى الرغم من وجود عدد كبير من الهجمات الإرهابية التي لا علاقة لها بالمنظمات الإسلامية، فإن هذه الأخيرة تمثل أشد أشكال النشاط الإرهابي خطورة، بحسب التقرير، إذ إن جميع الوفيات تقريبا هم ضحايا ناجمة عن هجمات إرهابية لها علاقة بتلك المنظمات.
ويفسر التقرير أنه تم استخدام المتفجرات في 40 في المائة من الهجمات، ويشير إلى أن النساء كما الشبان وحتى الأطفال يقومون بأدوار تنفيذية متزايدة في ارتكاب أنشطة إرهابية بشكل مستقل في الاتحاد الأوروبي، لذا فقد ارتفعت معظم عمليات الاعتقالات المرتبطة بالإرهاب الجهادي، وذلك للسنة الثالثة على التوالي.
وقد دعم المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب التابع لليوروبول 127 تحقيقا لمكافحة الإرهاب في عام 2016، ما يدل على وجود مؤشر واضح على تنامي النشاط الإرهابي الإسلامي، بحسب الوكالة الأوروبية.
ويقول روب واينرايت، المدير التنفيذي لليوروبول، لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يسبق أبدا أن أصبحت الحاجة إلى تبادل المعلومات أكثر وضوحا كما كانت عليه في العامين الماضيين، وذلك بسبب بروز شكل غير مسبوق من الهجمات الإرهابية الجهادية في جميع أنحاء أوروبا. فعلى النقيض من القوميين العرقيين والإرهاب الانفصالي ومعظم مظاهر التطرف العنيف اليميني واليساري، فإن الإرهاب الجهادي له طابع دولي، وبالتالي يحتاج إلى إجابة دولية".
بلجيكا في مواجهة مستمرة
وتظل بلجيكا الأولى، من بين دول الاتحاد الأوروبي، التي لديها أكبر عدد من المشتبه بهم، مقارنة بعدد السكان، من المقاتلين في مناطق النزاع في سورية والعراق، كما جاء في تقرير يوروبول.
ويساور السياسيين البلجيكيين كما المسؤولين الأمنيين القلق إزاء عودة المقاتلين، خاصة النساء والقصّر، فبحسب معلومات استخباراتية، تلقت بعض النساء التدريب العسكري وشاركت في التخطيط لهجمات إرهابية.
وقد تلقت وحدة التنسيق لتحليل التهديدات الإرهابية أكثر من 25 ألف وثيقة خلال العام الماضي لتخضع التحليل، مقابل نحو 20 ألفا في عام 2015، وفقا للتقرير السنوي لوزارة الشؤون الداخلية البلجيكية، فنظرا للتهديديات الإرهابية المستمرة تواجه الوحدة تدفقا كبيرا للمعلومات والوثائق أكثر من الضعف مقارنة بعام 2014.
وقد شهدت بلجيكا رقما قياسيا في عدد الاعتقالات في ملفات الإرهاب، حيث تم اعتقال 62 شخصا في عام 2016، بينما اعتقل 74 شخصا في عام 2014، بعد الهجوم على المتحف اليهودي.
وإذا كان الهجمات التي شهدتها بلجيكا لم تؤد إلى مزيد من الاعتقالات، فقد تمت محاكمة 127 شخصا بتهم تتعلق بالإرهاب مقابل 116 في عام 2015.