وانتهت الجمعة الماضية جولة جنيف الثانية للجنة الدستورية السورية، دون حصول اجتماع بعد رفض النظام نقاش مواد دستورية وفق ما اقترحته المعارضة في خمسة مقترحات جرى تقديمها قبل الجولة وخلالها، ولكن النظام قدم مقترحين فقط، الأول ما سماها "ركائز وطنية تتعلق بموضوع الإرهاب وإدانة تركيا بسبب عملية نبع السلام، ورفع العقوبات". ويريد النظام بهذه الأجندة إبعاد المعارضة والتفرد بعمل اللجنة، فيما المقترح الثاني يتناول انعقاد الاجتماعات دون أجندة أعمال، وطرح الأفكار داخل اللجنة الدستورية.
وبحسب مصادر رفيعة في هيئة التفاوض السورية، مفضلة عدم ذكر اسمها، فإن بيدرسون أعلن في ختام الجولة الفاشلة الأسبوع الماضي عزمه على لقاء الأطراف السورية والدولية ومنها الدول الضامنة، قبل تحديد موعد جديد للجولة وكان ينتظر أن تعقد في 16 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، حيث لن تعقد هذه الجولة قبل الاتفاق على جدول الأعمال.
وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن النظام رفض استقبال بيدرسون، ويبدو أن سبب الرفض يأتي بناء على خلفية لقاء الأخير مع الوفد الروسي مؤخرا، بعد انتهاء الجولة السابقة، حيث حمل خلال اللقاء طرف النظام مسؤولية انسداد عمل اللجنة الدستورية، وفشل الجولة الثانية، بسبب الإصرار على نقاش أجندة لا علاقة لها بالدستور، في وقت لم تحدد فيه تلك المصادر توقيت الزيارة وتوقيت الرفض، ولكنها أكدت أن موقف النظام يدخل عمل اللجنة الدستورية في المجهول.
وعدم انعقاد الجولة المقبلة دون توافق على أجندة الأعمال يرضي المعارضة التي لا تريد أن تكون هناك جولات طويلة فاشلة دون إحراز تقدم، في موقف يتماشي مع موقف الدول الغربية الداعمة لعمل اللجنة الدستورية المعروفة بالمجموعة المصغرة التي تضم أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية ومصر والأردن.
وفي السياق، أفادت مصادر تركية رفيعة مطلعة في وزارة الخارجية لـ"العربي الجديد"، بأن لدى الغرب خشية كبيرة من سعي روسيا لنقل اجتماعات الدستورية السورية إلى أستانة، حيث تؤكد ذلك خلال الاجتماعات الجارية، ومخرجات الجولة السابقة، وعلى الرغم من أن هذه الخشية قد تكون غير جادة بسبب انفراد روسيا بالملف السوري. إلا أن هناك ضغوطا من المجموعة المصغرة لإنجاز شيء في اللجنة الدستورية، وأمهلت الدول الضامنة فترة زمنية لرؤية إنجازات لهذه اللجنة في جنيف، وإلا ستسحب دعمها لعمل اللجنة، دون وجود البديل الحقيقي للحل السياسي في حال فشل عمل اللجنة الدستورية.
وأضافت المصادر التركية لـ"العربي الجديد"، مفضلة عدم ذكر أسمائها، أن تركيا ستحاول ممارسة مزيد من الضغوط على روسيا خلال اجتماع أستانة 14 في 10-11 الجاري في العاصمة الكازخية نور سلطان، من أجل فتح الانسداد الحاصل في عمل اللجنة الدستورية، مرجحة أن يعقد بيدرسون لقاءه مع النظام خلال جولة أستانة المقبلة، وخلالها من الممكن معرفة مصير اجتماعات الدستورية إن كانت ستجري جولة في 16 الجاري كما تخطط الأمم المتحدة، أو تبقى لما بعد رأس السنة المقبلة.