وتتعدد ملفات الخلافات من دون أن يبدي أي من الطرفين استعداده للتنازل للطرف الآخر، بدءاً من ملف النفط والغاز مروراً بملف المناطق المتنازع عليها وصولاً إلى مرتبات البشمركة ووضع محافظة كركوك. وعلى الرغم من محورية هذه القضايا، إلا أن نية إقليم كردستان العراق تنظيم استفتاء شعبي لتحديد مصير الإقليم تعد الملف الأبرز. ويتمسك الأكراد بالانفصال عن العراق وإعلان دولة كردية قومية في الجزء الشمالي من العراق الذي يحظى بحكم شبه مستقل عن بغداد منذ الاحتلال الأميركي للبلاد. وتصاعدت حدة الأزمة بين الحليفين أخيراً بعد تصريح رئيس التحالف الوطني الحاكم، عمار الحكيم، بأنه لا يعرف دولة ترحب بانفصال كردستان سوى إسرائيل في إشارة منه إلى رفضه القاطع لفكرة انفصال الإقليم.
ومن المقرر أن تجري أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، مع نهاية العام الحالي الاستفتاء الشعبي في ثلاث محافظات هي أربيل ودهوك والسليمانية، وفقاً لما أعلنت عنه حكومة الإقليم في وقت سابق من الشهر الماضي.
وقال رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، إننا ماضون في إجراء الاستفتاء وهناك جهات معينة تعمل على ترتيب الاستفتاء من دون أن يسميها. وأضاف البارزاني، خلال مؤتمر صحافي سابق جمعه مع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، أنه "تقرر إجراء الاستفتاء، وتعمل الأطراف المعنية على تحديد مراحل هذه العملية، وأعتقد أن الذين لديهم انتقادات على الاستفتاء لم يفهموا الوضع جيداً حتى الآن، فنحن نريد إيصال رأي الشعب الكردستاني إلى العالم أجمع، وسنناقش ونتحاور مع الحكومة الاتحادية ومع كل الأطراف الأخرى، حتى الوصول إلى فهم بعضنا بعضاً، وهذا يصب في مصلحة الشعبين الكردي والعربي وكل الشعوب في المنطقة".
ووفقا لمصادر كردية في أربيل، تحدثت مع "العربي الجديد"، فإن الأكراد بدأوا بمراجعة موقفهم من تحالفهم "الكاثوليكي" مع أحزاب وكتل التحالف.
وقال مسؤول كردي بارز، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "بإمكاننا قلب الطاولة وتغيير المعادلة السياسية في العراق"، في تلويح واضح لإمكانية التحالف مع كتل سنية وأخرى مدنية لتكوين كتلة أغلبية في البرلمان يسمح لها بتشكيل الحكومة المقبلة عقب الانتخابات.
ولفت المسؤول نفسه إلى أنه "سيكون هناك تحالف جديد يختلف عن تحالفات الانتخابات الماضية، ويمكن القول إن مرحلة تحالف الأكراد مع الكتل الشيعية بسلة واحدة لم تعد مطروحة اليوم. فهناك كتل وأحزاب داخل التحالف الوطني الشيعي يمكن التعامل معها لكن ليس من بينها جناح نوري المالكي ومليشيات الحشد". واعتبر أن "القوى الكردستانية لديها رؤية واضحة حيال الموضوع والطرف الآخر يفهم أيضاً الأوراق السياسية التي يمتلكها الأكراد جيداً في هذا الجانب".
في هذه الأثناء، قالت النائبة عن التحالف الكردستاني، أميرة زنكنة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التحالف الوطني مطالب اليوم بمراجعة مواقفه وتصريحاته بخصوص الأكراد وإقليم كردستان والعمل على إنهاء ورفع الأضرار التي سببتها الحكومة السابقة بقطع رواتب موظفي الإقليم وميزانيته". ولفتت إلى أن "الكتل السياسية العراقية تعلم جيداً ما يمتلكه مسعود البارزاني من ثقل داخلي وخارجي وأنه لن يتخلى عن وعوده والتزاماته السياسية".
من جهتها، وصفت النائبة بيريوان خيلاني، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، تصريحات رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، والتي قال فيها إنه لا يعرف دولة ترحب بانفصال كردستان سوى إسرائيل، بأنها "صادمة ومؤلمة وإهانة للشعب الكردي". واعتبرت في حديث مع "العربي الجديد" أن هذه التصريحات "تعزز وتؤكد قناعة الأكراد بالطريق الذي اتخذوه لإنهاء التهميش والإقصاء والانقلاب على الشراكة الوطنية". وأضافت "الأكراد فقدوا الثقة والأمل في أن يتخذ التحالف الحاكم إجراءات فاعلة لإنهاء ملفات مهمة عالقة تخص الشعب الكردي عجز أو تواطأ التحالف الوطني في إيقافها". وقالت إن "العالم بأسره سيعترف بدولة كردستان في حال قيامها"، مشيرة إلى أن الإقليم لديه "ممثليات في العديد من الدول الأوروبية والأجنبية والعربية التي يرفع فيها علم كردستان".
بدوره، انتقد القيادي في التحالف الكردستاني، النائب شاخوان عبد الله، تصريحات الحكيم، ووصفها بأنها "مجرد دعاية انتخابية مبكرة"، فيما عدّ عضو التحالف الوطني، فادي الشمري، تصريحات عبد الله بأنها "أقرب من لغة الشارع وليس لغة السياسة". واعتبر في حديث مع "العربي الجديد" أنه يتعين على "القادة الأكراد تقديم اعتذار رسمي لتجاوزات هذا النائب التي تعدى فيها على زعيم أكبر تحالف سياسي وقائد تاريخي له مواقفه في حفظ وحدة العراق والدفاع عن مظلومية الأكراد".