كشفت مصادر دبلوماسية مصرية عن حالة الغضب التي تسيطر على البعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية في مصر، بسبب ضغوط يفرضها النظام عليها لنقل مقار التمثيل الدبلوماسي لها وسفاراتها إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
من جهته، قال دبلوماسي عربي ضمن البعثة الدبلوماسية الرسمية لدولته، إنه جرت مخاطبتهم بشكل رسمي من جانب وزارة الخارجية المصرية، وجهة سيادية أخرى، للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، من خلال توفير مساحات من الأراضي اللازمة لبناء مقر جديد للسفارة بأسعار خيالية. وأوضح الدبلوماسي العربي أن الأمر لم يقتصر على سفارة دولته فقط، بل شمل البعثات الدبلوماسية كافة، مشيراً إلى أن هناك حراكاً بين ممثلي عدد من البعثات الدبلوماسية لتقديم موقف موحد للجانب المصري، مؤكداً أن الرأي السائد هو صعوبة الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة وترك وسط القاهرة لأسباب عدة، في مقدمتها التيسير على رعايا تلك الدول في ظل ابتعاد العاصمة الإدارية الجديدة عن وسط القاهرة، إضافة إلى التكلفة المرتفعة لانتقال المقار الدبلوماسية إلى هناك في ظل ارتفاع أسعار الأراضي هناك بحسب الأسعار الواردة من الجهات الرسمية المصرية، بالإضافة إلى امتلاك السفارات المختلفة مقار فخمة، بعضها في قصور تعود لعائلة محمد علي باشا، وجميعها في مواقع متميزة في العاصمة المصرية.
ويسابق النظام المصري الزمن لتشغيل العاصمة الإدارية الجديدة، التي يروّج لها كإنجاز قومي، وذلك في ظل انتقادات لاذعة من خبراء الاقتصاد والتنمية العمرانية، الذين شددوا على أن السياسات الاقتصادية للنظام الحالي تسببت في ارتفاع عجز الموازنة، وتزايُد الدين الخارجي والمحلي لأرقام غير مسبوقة، بسبب توجيه الإنفاق الحكومي إلى مشاريع غير ذات جدوى من باب ترويجها والتسويق كأنها إنجازات للنظام الحالي، مع تجاهل توجيه الإنفاق الحكومي لمشاريع وأولويات حيوية كانت الدولة بحاجة لها وسط ملاحقة النظام والنشطاء والمتخصصين الذين يكشفون فشل سياساته. وكان آخر تلك الملاحقات إلقاء القبض على الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق، ومصادرة كتابه "هل مصر بلد فقير؟" قبل نشره في الأسواق، والذي فنّد فيه عدم صحة الكثير من مقولات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي أكد مراراً وتكراراً أن مصر بلد فقير.
وشدد الدبلوماسي العربي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" مفضّلا عدم الكشف عن هويته لحساسية الموقف، أن هناك توافقاً عاماً بين البعثات الدبلوماسية على عدم الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، رافضين الضغوط الرسمية المصرية، ومشدداً، في الوقت ذاته، على أن الأعراف والاتفاقيات الدولية تؤيد موقف السفارات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية، وتمنع فرض أي قرارات حكومية من الدولة المضيفة عليهم. وكان رئيس شركة العاصمة الإدارية، اللواء أحمد زكي عابدين، ذكر، في تصريحات صحافية، أن الشركة تلقت طلبات من 60 دولة أجنبية وعربية للحصول على أراضٍ بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة لإنشاء سفارات لها داخل الحي الدبلوماسي. وأضاف أن أبرز الدول التي تقدمت بطلبات لشركة العاصمة الإدارية الجديدة للحصول على قطعة أرض بحي السفارات، هي أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والإمارات والسعودية، ودول أخرى، وهو ما نفته السفارة الألمانية في القاهرة، في بيان رسمي على حسابها على موقع "تويتر". والأمر نفسه أكده الدبلوماسي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، مشدداً على أن تلك التصريحات تأتي في إطار خطة الحكومة المصرية للترويج لنقل السفارات بعد الردود الدبلوماسية التي تلقتها من السفراء.
وتقع العاصمة الإدارية على حدود مدينة بدر في المنطقة المحصورة بين طريقي القاهرة ــ السويس والقاهرة ــ العين السخنة، شرق الطريق الدائري الإقليمي مباشرة بعد القاهرة الجديدة ومشروعي مدينتي ومدينة المستقبل. كما تبعد نحو 60 كيلومتراً عن السويس والعين السخنة، وأيضاً 60 كيلومتراً عن العاصمة القاهرة. وحاول مسؤولون مصريون في أكثر من مناسبة ممارسة نوع من الضغوط غير المباشرة، عن طريق ترويج أخبار وتصريحات تتضمن معلومات غير دقيقة، عن أن السفارات الأجنبية في القاهرة هي التي تحاول الانتقال إلى العاصمة الإدارية. وفي هذا السياق، نفت السفارة الألمانية في القاهرة، تقدمها بطلب لشراء قطعة أرض في العاصمة الإدارية، مؤكدة أنها لم تتقدم بأي طلب إلى الجهات المختصة من أجل طلب شراء قطعة أرض بالحي الدبلوماسي في العاصمة الإدارية الجديدة. وأكدت السفارة، في بيان على "تويتر"، أن هذا الخبر غير صحيح، إذ لم تتقدم السفارة الألمانية حتى تاريخه بأي طلب لشراء قطعة أرض في العاصمة الإدارية الجديدة، ولم تبد أي نية لشراء قطعة أرض هناك.