وبعد تراجع كبير للحديث عن الانتخابات في ليبيا في الآونة الأخيرة، أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، أمس الأحد، بشكل مفاجئ، عن تخصيص 66 مليون دينار ليبي لمفوضية الانتخابات.
وبحسب قرار السراج، الذي نشره مكتبه الإعلامي مساء أمس، فالملبغ المخصص جاء لــ"تشرع المفوضية العليا للانتخابات في التجهيز للانتخابات"، مشيرا إلى أن المبلغ المخصص تم حسمه من بنود أخرى بميزانية الحكومة لدعم العملية الانتخابية.
ويبدو أن القرار يعكس تحركات تجري في الكواليس باتجاه عودة المفاوضات السياسية.
ووفق مصدر مقرب من برلمان طبرق، فإن وفدا برلمانيا وصل إلى تونس مساء الأحد للقاء وفد آخر من حكومة الوفاق لمعالجة الخلافات المتعلقة بمؤسسة النفط، التي طفت إلى السطح مؤخرا إبان قرار حفتر السيطرة على موارد النفط في البلاد.
وقال المصدر لــ"العربي الجديد" إن اللقاءات التي ستعقد في تونس ستكون تمهيدا لعودة مفاوضات معلنة مطلع الشهر المقبل، لافتا إلى أنها جاءت بعد محاولات حثيثة وضغوط كبيرة لدول كبرى من خلال البعثة الأممية التي عاد نشاطها في الآونة الأخيرة، سيما في طرابلس.
وأنهت الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ت. ويليامز، نائبة رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، أمس، أول زيارة لها إلى طرابلس منذ توليها منصبها الجديد الأسبوع قبل الماضي، دامت ليومين، التقت خلالها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري.
وبحسب المصدر، فإن وليامز تحمل معها حزمة من الحلول للوضع المتأزم في ليبيا رفقة ضوء أخضر لممارسة ضغوط على كل الأطراف الليبية من أجل سرعة اللقاء مجددا.
وكشف المصدر عن أن من بين ما تسرب، حتى الآن، من تلك الحلول "مناقشة إجراء انتخابات برلمانية دون الرئاسية في البلاد كحل يجمع كل الأطياف السياسية في منظومة الحكم المتنازع عليها".
وقال: "وليامز ترى أن عراقيل بناء قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قد تطول، سيما وأن مشروع الدستور المطروح أمام البرلمان لا يزال عالقا بالعديد من المشاكل"، موضحا أن أحد أشكال الخروج من هذا الوضع الذهاب إلى انتخابات برلمانية فقط على أساس مشروع دستوري أجريت على أساسه انتخابات برلمانية لمرتين.
المصدر اعتبر أن "انتخاب برلمان جديد يوفر وجودا لكل الأطياف السياسية المتصارعة سيمكنها من الاتفاق على دستور دائم للبلاد وحلحلة المشاكل الأخرى، سيما المتعلقة بالمؤسسات السيادية، كالبنك المركزي ومؤسسات النفط والاستثمارات الخارجية".
في المقابل، لفت المصدر إلى أن زيارة المبعوث الأممي، غسان سلامة، رفقة ويليامز، لشرق البلاد قريبا للقاء مسؤولين، من بينهم حفتر، ستوضح الرؤية بشأن منصب قائد الجيش والمؤسسة العسكرية، مشيرا إلى أن الوفدين وصلا إلى تونس دون أن يكون في أجندات اللقاءات المرتقبة بند يتعلق بالمؤسسة العسكرية.
ويرى المصدر أن زيارة ويليامز، التي يبدو أنها بدأت في توجيه البعثة الأممية إلى مسار جديد أكثر قوة، تدرك أن منصب حفتر هو المعرقل الأول للسير نحو أي توافق، كما أنها تدرك أنه يمتلك أوراقا، وبدا "أكثر شجاعة" مؤخرا في استثمارها لإرباك أي تقارب أو توافق من دونه.
ويرى المصدر أن "أهم تلك الأوراق ملف النفط الذي لا يزال تحت سيطرة قواته المدعومة في هذه المسألة من أبوظبي بشكل كبير".
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد كشفت، في تقرير لها نشرته أول أمس، النقاب عن تورط قادة أبوظبي في "محادثات سرية" مع حفتر لتصدير النفط بشكل غير قانوني عبر شركات إماراتية.
وكان "العربي الجديد" أول من انفرد، عبر مصادره، بكشف تفاصيل حلف أبوظبي مع حفتر بشأن السيطرة على موارد النفط عبر شركة نفطية تمتلكها مجموعة الغرير الإماراتية المستثمرة في النفط الليبي، وبتسهيل من شخصيات ليبية نافذة موالية لحفتر.